موتوا بغيظكم! عندما تم دعوة اليمن لحضور قمة الدول الثمان الصناعية ظن البعض أن تلك المشاركة لن تكون سوى شكلية سوف تقتصر على مراسم بروتكولية والتقاط الصور التذكارية وإعطاء المباركة لتمرير ما سمى بمشروع الشرق الأوسط الكبير.. لكن الحضور الفاعل والمميز والآراء الجريئة والصادقة التي قدمها الأخ الرئيس علي عبدالله صالح خلال تلك القمة والتي أكدت على أهمية أن تقترن الإصلاحات في المنطقة بإيجاد العدالة ودعم برامج التنمية ومكافحة الفقر وإيجاد السلام العادل والشامل في المنطقة من خلال تنفيذ خارطة الطريق وقرارات الشرعية الدولية وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة أعطى للمشاركة اليمنية تميزا وفعالية وهو ما حظي بتقدير الكثيرين ودعا شخصا مثل رئيس الوزراء التركي طيب أوردجان إلى القول بأن الرئيس علي عبدالله صالح قد عبر عن الجميع وتحدث بلسانهم ويقصد جميع من تم دعوتهم للمشاركة في القمة من خارج الدول الثمان برؤية واضحة وموقف شجاع كما جعل الرئيس الأمريكي بوش يقول عن الأخ الرئيس بإعجاب بأنه رئيس شجاع وصاحب قرار.. كما أبدى قادة الدول الثمان إعجابهم لحديث الأخ الرئيس وأبدوا حماسهم لدعم اليمن وفي ظل كل تلك النجاحات التي حققتها اليمن قي القمة ليس لنفسها فقط بل ولمجموعتها العربية والإسلامية كان من المفروض أن يسر ذلك تلك العناصر المريضة، من الكتبة وبعض القيادات الحزبية فيما يسمى بأحزاب "اللقاء المشترك" ولكن بدلا من ذلك انتابهم الغيظ وتملكتهم غير الضرر من ذلك النجاح الكبير الذي حققه الأخ الرئيس لليمن وهم الذين كانوا يعتقدون واهمين أنهم سوف يركبون موجة الإصلاحات التي روجت لها الإدارة الأمريكية الحالية.. وما أن وجهت الدعوة لليمن للحضور إلى قمة الثمانية لاعتبارات تعلقت بمعايير الالتزام بالنهج الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان والمبادرة إلى تحقيق الإصلاحات السياسية مبكرا حتى شعر هؤلاء بأن السحر قد انقلب على الساحر وملأت نفوسهم مشاعر الخيبة والحسرة وتبددت أحلامهم في تقديم أنفسهم كبديل جاهز للقفز على كراسي السلطة بدعم خارجي.. تماما كما جرى لبعض القيادات الانفصالية في الحزب الاشتراكي اليمني ومن تحالف معها من اتحاد القوى الشعبية أو الناصريين وغيرهم عندما ظنوا في صيف عام 1993م و1994م أن الدعم الخارجي الذي حصلوا عليه كفيل بتحقيق النجاح المؤامرتهم الانفصالية في إعادة تمزيق الوطن. واليوم هاهو التاريخ يعيد نفسه عندما ساور هؤلاء نفس الوهم مع إضافة جديدة هي محاولة جرجرة الإخوان في " الإصلاح" للانزلاق معهم إلى ذات المستنقع في الوقت الذي كان من المفروض أن يكون هؤلاء" الإصلاحيون" أكثر إدراكا لأبعاد ما يجري وأكثر حرصا على النأي بأنفسهم للتورط فيما يخطط له" خصوم الأمس، حلفاء اليوم وأن يكونوا أكثر وعيا للاستفادة من دروس الماضي وعبره والتعلم من " معلمهم" الذي يحاولون عن " غير وعي" التفريط بتعاليمه أو التنكر له.. ومن المضحك أن هؤلاء لم يجدوا قضية يعيبون بها على النظام سوى ذلك الحديث الممجوج والسخيف عما يسمونه" التوريث" وهي ( فرية) اخترعوها لأنفسهم وصدقوها هم أو يحاولون إقناع أنفسهم بها في حين يدرك الآخرون مدى زيفها وعدم صحتها لأن لا أحد يفكر فيها ولا يمكن حدوثها في ظل نظام جمهوري يؤكد دستوره على مبدأ التداول السلمي للسلطة وحق التنافس الحزبي للوصول إلى السلطة عبر صناديق الانتخابات وليس عبر الانقلابات والتآمرات أو على دبابة الأجنبي أو عبر استخباراته. ومثل هؤلاء في أحزاب اللقاء المشترك الذين ركبوا موجة الإصلاحات لا يدركون حقيقة الإصلاحات ولا يفقهون معناها ولو أدركوها جيدا لكان عليهم الالتفات إلى أنفسهم والقيام بعملية لإصلاح داخلهم أولا لأنهم الأكثر حاجة لذلك فهم مجموعة من الأشخاص الضالين أو الأحزاب الشمولية العتيقة التي تعيش خارج الزمن والعصر ولا تستوعب ما يجري حولها من متغيرات العصر يستهويها رفع الشعارات الفارغة واللهث وراء السراب اللجوء للمزايدات التي لا معنى لها ولا تجد قبولا عند أحد. ولعل ما يستحضرني هنا ما ظل يردده بعض أولئك المزايدين من حديث حول طلب المساواة في التنمية وأن يتم في اليمن ما تم في ألمانيا بعد توحيدها عندما تحملت ألمانيا الغربية أعباء إعادة تأهيل ألمانيا الشرقية ونسي هؤلاء أن ما حدث في اليمن بعد إعادة توحيده في عام 1990م كان مشابها إن لم يكن متطابقا مع ما جرى في ألمانيا في موضوع إعادة التأهيل مع فارق الإمكانات المادية الهائلة لألمانيا الغربية وللحال الذي كانت عليه ألمانيا الشرقية نفسها والحال الذي كان عليه ما كان يسمى بالشطر الجنوبي من الوطن ومع فارق أيضا ما جرى من حيث التعامل مع أركان وعناصر النظام الشيوعي السابق في ألمانيا الشرقية والذين تم استبعادهم تماما وتصفيتهم من إدارة شؤون الدولة في ألمانيا الموحدة بل وأن العناصر القيادية في الحزب الشيوعي الحاكم وفي جهاز المخابرات الألمانية الشرقية" الاشتازي" قد واجهوا المحاكمات إزاء الجرائم التي ارتكبوها بحق الشعب الألماني أثناء فترة تسلطهم على رقابة في الجزء الشرقي من ألمانيا في حين أن التعامل مع الحزب الاشتراكي اليمني والذي ظل متسلطا بشمولية قاسية ودموية عنيفة على أبناء الشعب في الجنوب كان مختلفا تماما حيث جاء هؤلاء إلى دولة الوحدة كشركاء وحكام مكرمين معززين كما أن ما ورثته دولة الوحدة" الجمهورية اليمنية" من هؤلاء هو تركه ثقيلة مليئة بالدم والخراب والأحقاد.. فمن قتل المواطنين وسحلهم وتشريدهم في المنافي والسجون وانتهاك حقوقهم الإنسانية وتكميم أفواه المعارضين للنظام وحيث لا صوت يعلو على صوت الحزب إلى بنية تحتية وخدمية تحت الصفر ولا وجود لها وحياة بائسة عاشها المواطنون في المحافظات الجنوبية افتقدوا فيها وعلى مدى 23 عاما لأبسط مقومات الحياة الإنسانية الكريمة. وخلال 14 عاما قدمت دولة الوحدة برنامجا إصلاحيا وتطويريا لتلك المحافظات فاق كل التوقعات حيث سخرت كل موارد التنمية والمساعدات والقروض المقدمة للجمهورية اليمنية وبنسبة تفوق الـ 80% لصالح تلك المحافظات وأنجزت هناك وما تزال الكثير من المشاريع التنموية والخدمية وبمعدلات عالية حيث امتدت شبكة الطرقات الحديثة ومشاريع الاتصالات والمياه والتعليم والصحة والكهرباء والسدود والحواجز المائية وبرامج الرعاية الاجتماعية ومكافحة الفقر وغيرها وشهدت تلك المحافظات وخلال تلك الفترة الزمنية القصيرة نسبيا نهضة تنموية ملموسة فاقت كل التوقعات ولا مجال فيها للمقارنة بين ما عاشته في ظل النظام الشمولي للحزب الاشتراكي اليمني وبين عهد الجمهورية اليمنية ولا ينكر ذلك الا جاحد أو جاهل أو مريض بداء العنصرية والمناطقية أو غيرها من العلل التي تصيب العقول والأجسام أو أجزاء منها. ويبقى القول بان زيارة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح للولايات المتحد ة الأمريكية ولقاءاته مع كبار المسؤولين الأمريكيين ومشاركة اليمن في قمة الدول الثمان الصناعية الكبرى بسى إيلاند قد أتاحت لليمن فرصة إيصال صوتها والتعبير عن موقفها الواضح والمبدئي سواء إزاء ما يجري في المنطقة من تطورات أو رؤيتها حول الإصلاحات والسبل الكفيلة بإنجاحها وتحقيق الأهداف المنشودة منها أو مكافحة الإرهاب وكيفية استئصال هذه الآفة التي تهدد أمن واستقرار الجميع ولقد كبرت اليمن بكبر قائدها وكانت بحق برئيسها الشجاع كبيرة بين الكبار وما من شك فإن هؤلاء الذين لا يعجبهم العجب ولا الصيام في رمضان أو رجب يغيظهم ذلك ويستثير أحقادهم وضغينتهم ولهم نقول" موتوا بغيظكم أو القافلة تسير..! |