كشفها معهد دراسات الشرق الأوسط

المؤتمرنت - نزار العبادي -
ترويج ثقافة اليأس والاستلاب سبب للانتحار والإرهاب
أخيراً أصبح بمقدور أولئك القلقين (جداً) في وسائل الإعلام اليمنية من تزايد نسبة أعداد الذين ينتحرون، أو يطلقون النار على المصلين، والأبرياء بلا مبرر، أن يقفوا على أسباب ذلك، ويكتشفوا هوية الجاني الحقيقي من خلال الإطلاع على دراسة أكاديمية أعدها (فار كيم بنج) لمعهد دراسات الشرق الأوسط، الخميس الماضي.
يعتقد الكاتب أن تنامي ظاهرة الانتحار في العالم العربي يكاد يكون أحد خصوصيات البلدان ذات النمو السكاني السريع- كما هو الحال مع اليمن- التي يتزايد شبابها على نحو مطرد، ثم لا تسعفه إمكانياته الاقتصادية أو موارده الطبيعية على التنشئة في مؤسسات تحصنه من التحول إلى "حطب الإرهاب"- على حد وصفه.
ويضيف: أن التعبئة الإعلامية، والتنشئة الثقافية "الموجهة نحو غرس الاعتقاد في رؤوس الشباب بأنهم بلا إرادة، وأن هناك من يضطهدهم في الحياة، ويسلب منهم فرص العيش، والحريات، والثروات يقود الكثيرين منهم إلى حالة من اليأس، والسأم مما هو كائن، وربما الإحساس بانعدام جدوى الترقب.. ويستخلص: ومن هنا "يكون الاستعداد للموت- أو القبول بفكرته على أقل تقدير- أمر غير مستهجن، واقرب إلى مشروع خلاص ينهي المعاناة".
ويشير الكاتب: أن الشباب "حين يعيشون في بيئة لا تمنحهم غير اليأس من الوضع السياسي، وتشككهم في إنسانيتهم، فحينئذ تتوجه الإرادة الكامنة نحو التفكير بالانتحار"، مؤكدا: أن تزايد "أعداد الشباب ليس هو من يخلق المشكلة، بل الأسلوب الذي يستهدف أفكارهم، ويخاطب أحاسيسهم بطريقة مغلوطة".
ويحاول (بنج) تقريب المفهوم قائلاً: عندما تقوم فئة سياسية، أو دينية، أو حتى اجتماعية بممارسة ضغوطها (الفكرية) على الأفراد لاستنفارهم ضد فئة أخرى- كأن تكون نظام سياسي حاكم أو قوة محتلة- وتركز جل اهتماماتها على الإقناع بأن كل شيء سيئ، وأن الحياة أصبحت لا تطاق من فساد وظلم تلك الفئة، فإن النتائج المتوخاة ستأتي عكسية، وأن الإحباط الذي صنعته الصور القاتمة سيعزز من شعور العجز، باعتبار أن الفئة الحاكمة أو المحتلة لم تترك شيئا يستحق التفكير به، أو التضحية من أجله..
ثم يستشهد بآراء البروفسور "آلان رتيشارز" من جامعة كاليفورنا، الذي يعتقد أن أول ظهور لمثل هذا الاستغلال السيئ للشباب كان في السبعينات عندما بدأ ما وصفه (الإسلام السياسي) بتفريغ رؤوس بعض الشباب من أي أمل في الحياة، ليقنعوهم فيما بعد بالتضحية بحياتهم في سبيل قضايا ليست أساسية أو مصيرية.. ويستدرك (بنج): لكن مع تعقيدات الحياة العصرية لم يعد الكثيرون ممن تقع عليهم هذه الضغوط النفسية قادرين على الصبر طويلاً، وبمجرد أن تواجههم مشكلة بسيطة- شخصية- يستسلموا للعجز، ويضعوا حداً مأساوياً لحياتهم.
كما يشير إلى: تساهم بعض وسائل الإعلام في الوقت الحاضر بالدور الكبير في خلق مشكلة الانتحار. فقد لوحظ في بعض البلدان التي شهدت ارتفاع بمعدلات الانتحار، أو الذين يرتكبون حماقات تؤدي إلى قتلهم، أن هناك أعداد كبيرة من الوسائل الإعلامية التي تحترف الاتجار بالموضوعات المحبطة، وتبالغ في تهويل المشاكل السياسية أو الاقتصادية، أو السياسية، إلى الدرجة التي تقنع بعض الأفراد أنهم يعيشون في جحيم فعلاً.
ويضيف: من الصعب على الموظف أن يفتح عينيه على طاولة الإفطار كل صباح على صحيفة تخبره بأنه منزوع الإرادة، بلا كرامة، مسلوب الحقوق والحريات، وأنه يعيش كما الحيوانات وأن الظالمين ينعمون بكل شيء.. منوهاً: أن تكرار المشهد بشكل يومي يراكم الضغط النفسي، والإحساس بانعدام القيمة واستحالة الهدف، وبالتالي فإن اليأس والخذلان إما تقود إلى الانتحار- بطريقة ما- أو تكريس الحالة السلبية بمردود عكسي.
ويصل (بنج) إلى نتيجة مفادها: أن المروجين لثقافة اليأس، والاستلاب، والاضطهاد هم من- على حد وصفه- يفرقون كؤوس الموت على الشباب ذوي القلوب الضعيفة.



تمت طباعة الخبر في: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 05:03 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/11458.htm