اقتصاد حكومة الوفاق (1- 3) حكومة الوفاق أمام مأزق اقتصادي ومالي حقيقي ما لم تتمكن من إيجاد وتنفيذ طريقة مأمونة لسد عجز موازنة الدولة هذا العام. وسنسعى هنا إلى إجراء مناقشة عامة لخيارات الحكومة بما فيها توجهها القوي لرفع الدعم عن المشتقات النفطية محاولين تحري الموضوعية والتركيز على الناحية الاقتصادية بعيداً عن الانفعالية والتقلبات في رؤى المكونات السياسية على أساس مكايدات سياسية لا علاقة لها بالاقتصاد إلا لجهة توظيفه السياسي. الحكومة القائمة جاءت نتاجاً لأوضاع استثنائية مرت بها البلد في العام 2011، ونظراً للتداعيات السياسية والاقتصادية والأمنية فقد كانت هذه الحكومة حكومة تحدي وبمثابة حكومة إنقاذ مهمتها إعادة البلد للمسار الصحيح، غير أنها بدلاً من ذلك تحولت إلى مشكلة مضافة بسياساتها غير المسؤولة التي أسهمت في المزيد من التردي المالي والاقتصادي. حكومة الوفاق تبقى مسؤولة عن عدم استيعاب سبعة مليارات دولار من المانحين. وفشلها الاقتصادي والأمني يقف وراء ضعف الأهلية الائتمانية للبلد تجاه مؤسسات الإقراض وتردي تدفق الاستثمارات وانحدار العائدات من السياحة. وفي عهدها شهد اليمن المزيد من التدهور الاقتصادي عموماً، والمالي خصوصاً. فزاد عجز موازنة الدولة من 270 مليار ريال (قرابة مليار و300 مليون دولار) في العام 2010 ليصل العام الماضي ما يقارب 650 مليار ريال، رغم زيادة عائدات النفط من تريليون 845 مليار ريال في 2010 إلى تريليونين و490 ملياراً السنة المنصرمة، ورغم عدم وجود فوارق كبيرة في دعم المشتقات النفطية بين العامين إذ كان 564 مليار ريال، ووصل إلى 583 ملياراً مع ملاحظة ثبات كمية المشتقات الموزعة في السوق المحلي منذ العام 2009م حسب التصريحات الحكومية وبقاء أسعار النفط عالمياً فوق المئة دولار للبرميل. وزادت الحكومة من اختلال موازنة الدولة بين جانبي الانفاق الجاري، والاستثماري فالأول كان ملياراً و750 في 2010 مقابل 340 ملياراً للثاني، بينما التقديرات للجاري وصلت العام الفائت تريليونين و190 ملياراً، مقارنة بزيادة طفيفة –نفذ أقل منها فعلياً- لم يتجاوز تقديرها للإنفاق الاستثماري 477 ملياراً. وزادت مستحقات موظفي الدولة من رواتب وبدلات أخرى من 601 مليار لعام 2010 إلى 905 مليارات ريال السنة المنصرفة، 45% منها تذهب لوزارتي الدفاع والداخلية، فارتفعت مرتبات كوادر الوزارتين من نحو 269 مليار ريال في 2010 إلى قرابة 405 مليارات العام الماضي. وقام الخصماء في ظل حكومة الوفاق بتجنيد عشرات الآلاف في مؤسستي الجيش والأمن، قال وزير الدفاع محمد ناصر أحمد للجنة برلمانية أنهم بلغوا في العامين 2011 و2012 مئتي ألف مجند جديد، فيما قال وزير المالية صخر الوجيه إنهم لا يتجاوزون 55 ألفاً استوعبهم مالياً في موازنتي 2012 و2013. لكن البيانات المالية الواردة من الحكومة ومن وزارة المالية تحديداً ترجح الرقم الذي أدلى به وزير الدفاع. حيث كانت مخصصات مرتبات منتسبي الجيش والأمن في موازنة 2011 حوالي 319 مليار ريال في حين وصلت في 2013 قرابة 405 مليارات ريال، بقارق 86 ملياراً. ولو افترضنا أن الدولة دفعت العلاوات السنوية لمنتسبي الوزارتين وبالغنا فإن المدفوع سيكون ستة مليارات، وتبقى 80 ملياراً وبقسمة هذا المبلغ على مئتي ألف مجند جديد ثم القسمة على اثني عشر شهراً يكون راتب الجندي الجديد حوالي 33 ألفاً، وهو الراتب التقريبي للمجند الجديد فعلياً. أما إذا أخذنا عدد المجندين حسب وزير المالية فإن الراتب الشهري للجندي وبنفس عمليات القسمة لكن على 55 ألفاً، سيكون أزيد من 121 ألفاً!! يتبع العدد القادم بمشيئة الله. ******* |