الأديـان في التاريـــخ ليس بين المؤسسات البشرية مؤسسة تضاهي الدين في سيطرته على نفسية الفرد وتهذيب غرائزه، ويستوي في ذلك البدائي والمتمدن من الأفراد إذ أن الدين جاء لخير البشر وتحقيق مصالح ودفع مفاسد عنهم. وعند التكلم عن الدين نعني التكلم عن الالتزام والانقياد، والدين أعم من الإسلام، إذ أن الإسلام دين وليس كل دين إسلاما كما في قوله تعالى: (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ). ومن هنا استطاع الإسلاميون تصنيف الأديان كالتالي: أولا: أديان وضعية (أديان قديمة مندثرة، أديان قديمة باقية). ثانيا: أديان الوحي أي الموحى بها من عند الله قبل المسيحية واليهودية والإسلام. بالنسبة للأديان الوضعية المندثرة يكون مصدرها الإنسان بمعنى أن الإنسان قد وصل إليها بنفسه عند طريق الملاحظات والتأملات مما يجعل الإنسان يشعر بمزيد من الدهشة والإعجاب فيخلص في تفكيره الشيء أنه محاط بقوى مستقلة عن إرادة الشر فيخضع لتأثيرها ويعمل على إرضائها بتقديم الهدايا والقرابين والأضاحي ومن الأمثلة على تلك القوى الظواهر الجوية العنيفة (البرق والرعد والكوارث والفيضانات وأكدت هذه الأديان على السحر والشعوذة وعبادة الموتى والقبور واللحود ومن هذه الديانات هي الديانة المصرية والبابلية والرومانية واليونانية. وكانت دياناتها وطقوسها بسيطة وبلا معابد واضحة. أما بالنسبة إلى الأديان الوضعية الباقية مثل الديانة البوذية واليابانية والكونفو شيوسية. وجميع هذه الديانات كانت تنص على وجود الحقيقة المتمثلة بالاله الأعظم إلتي تسيطر على مقدرات الحياة وأقامت كذلك بتقديم القرابين الحيوانية بدل البشرية واستقرت في معابر ذات أحجام مختلفة وأصبحت تزاول الطقوس العبادية بشكل منظم واهتمت بعض هذه الأديان بالفلسفة والصفاء الروحي عملية استنساخ الأرواح وانتقالها بين الكائنات الحية، وأصبحت لهم كتب مقدسة يعتمدون عليها في تعاليمهم وأكدوا على السلام والحب كما في الديانة البوذية، ومن هنا يتضح أن الإنسان أخذ يترقى في فهم الدين من خلال وضع القوانين والحلول التي تتناسب مع معطيات الوقت ولتنظيم حركة الناس في تلك المجتمعات بشكل أفضل وخلال تلك الفترة استمرت حالة نزول الأديان السماوية على شكل مراحل مثل الزبور والتوراة والإنجيل والإسلام لتبين الحقيقة الكاملة للإنسان وتجديده على مر العصور. وكانت جميع تلك الأديان المنزلة من الله، عز وجل، تقر على الأيمان بالله والملائكة والكتب السماوية وباليوم الآخر وبالرسل والأيمان بالقدر خيره وشره. وبهذا يعتبر الدين من أهم القواعد التي قام عليها بنيان المجتمع البشري في رسم العلاقات الاجتماعية على أسس إنسانية واقعية، وأن الدين ضرورة اجتماعية وحاجة فطرية تماشت مع أفكار المجتمع وتطورت مع آليته، وهذا ما يبدو جليا كيف نشأت وكيف تماشت تلك الأديان مع حركة المجتمع في الحياة. |