المؤتمرنت-بقلم: الدكتورمحمد علي الجوزو -
قتـل الذميـين ليـس مــــن الاســلام
الذميون في الاسلام، هم غير المسلمين الذين يعيشون في كنف المسلمين، فيصبحون في ذمة المسلمين وعهدهم، لهم ما لهم وعليهم ما عليهم·· ورغم ان كثيراً من المتحاملين على الاسلام حاولوا تشويه صورة الاسلام، بسبب سوء فهمهم لهذا المصطلح في الشريعة الاسلامية، فان هذا المصطلح يمثل قمة الاخلاق، والانسانية، والعدالة، في المساواة بين المسلمين وغيرهم من المقيمين في ديار الاسلام·
اولاً: ان الاسلام يحترم جميع الرسل ويؤمن بان رسالات السماء واحدة، يقول الله عز وجل: قولوا آمنا بالله وما انزل الينا وما انزل إلى ابراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب والاسباط وما أوتي موسى وعيسى وما اوتي النبيون من ربهم، لا نفرق بين احد منهم ونحن له مسلمون·
ثانياً: عندما فتح المسلمون "بيت المقدس" كتب الخليفة عمر بن الخطاب عهداً للنصارى اعطاهم فيه: "الامان لانفسهم واموالهم، ولكنائسهم ولا يُضار احد منهم"·
وفي السيرة النبوية: "واذا قاتل المسلمون فانهم لا يجهزون على جريح، ولا يقتلون اسيراً··؟! بل ولا يضيقون عليه في ضروريات وحاجيات الحياة، وكذلك لا يقاتلون ولا يقتلون غير المقاتلين، فلا قتال ولا قتل للنساء والاطفال والمسالمين والرهبان والعباد، والمنصرفين إلى الزراعات، والتجارات والصناعات والحرف وشؤون العمران·
"بل لقد ذهبت "اخلاقيات الفروسية الاسلامية" إلى افاق التشريع للتعامل الانساني الرفيق مع الحيوانات والنباتات ابان القتال، فلا يقطعون شجراً، ولا يقتلعون زرعاً، ولا يدمرون البئية"·
وهذا هو الفرق بين حضارة الاسلام وحضارة الغرب التي تقوم على العدوان والابادة وتدمير البيئة وقتل المدنيين كما يحدث في فلسطين··؟
والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "من آذى ذمياً فقد آذاني"·
والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة، وان ريحها يوجد من مسيرة اربعين عاماً" رواه احمد والبخاري·
وقال عليه الصلاة والسلام: "ألا من قتل نفساً معاهدة لها ذمة الله وذمة رسوله فقد اخسر ذمة الله "ولا يرح رائحة الجنة"·
وهكذا نجد ان الذمة هنا تعني العهد، اي ان يكون هناك عهد مع النصارى وغيرهم من ابناء الاديان الاخرى، لصون حياتهم وحرياتهم وكرامتهم، فلا يعتدى عليها باي شكل من الاشكال·· اذا كانوا يقيمون بين ظهراني المسلمين··
وما يجري في المملكة العربية السعودية أو في غيرها من اختطاف المدنيين، واتخاذهم رهائن، تعامل معاملة سيئة، ثم يعتدى عليهم بقطع الرأس أو غير ذلك·· فهو ليس من الاسلام في شيء··
والذين يرتكبون هذه الاعمال هم من الجهلة واصحاب النفوس المريضة، والحمقى لأنهم جعلوا من انفسهم قضاة وحكاماً·· وتجاهلوا شرع الله··
وهؤلاء يسيئون إلى الاسلام وإلى الدعوة الاسلامية وإلى المسلمين في ديار الاغتراب، اساءات بالغة·· وهم اخطر على الاسلام من اعدائه·· وبدل ان نكسب "صديقاً" في الخارج يقف إلى جانب المسلمين ويندد بالاعمال الاجرامية التي يقوم بها "بوش" في العراق أو "شارون" في فلسطين نخسر اصدقاء كثراً·· ونعطي الفرصة لهذين العدوين اللدودين لكي يغطيا جرائمهما التي يرتكبانها كل يوم، سواء في سجن ابو غريب في العراق أو في سجون "غوانتنامو" أو في سجون اليهود والصهاينة في ارض فلسطين المحتلة··
جاهل واحد يتصرف بغباء في العراق أو في السعودية يضر بسمعة المسلمين ويسيء إلى الاسلام اساءات لا حدود لها··
ولا يجوز ان يخضع المسلمون لبعض "المراهقين" المحسوبين على الاسلام ظلماً وعدواناً، والذين يفتون لأنفسهم بدون علم، ويرتكبون الجرائم البشعة التي لا يقرها الاسلام ولا توافق عليها الشريعة الاسلامية·· والتي ترفضها سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ، وترفضها سير الخلفاء الراشدين من بعده··
صحيح هناك وحشية اسرائيلية وبربرية اميركية·· وفظائع بشعة ضد الانسانية في فلسطين والعراق··
ولكن اخلاق الاسلام وقيمه العظيمة، ومبادئه السامية تدعونا لأن نتسامى ونترفع عن ارتكاب نفس الجرائم وبنفس الاسلوب الهمجي الذي تتسم به سلوكيات الجيش الصهيوني أو الجيش الاميركي··
ولماذا نقتل الاميركيين المدنيين وامامنا ساحات القتال في فلسطين وفي العراق؟
ولماذا نقتل الكوري أو الياباني، أو أي أسير يقع بين ايدينا ونحن نعلم جيداً ان للامة العربية والاسلامية اصدقاء كثراً في هذه البلاد يقفون ألى جانبنا·· ويؤيدون قضايانا العادلة؟
ولماذا نخسر بعض الاميركيين·· وفيهم من يعلن رفضه لما يقوم به بوش من اعمال همجية، ويشن الحملات ضده في قلب اميركا··
علينا ان نعرف كيف نخاطب الشعوب التي تخضع لغسيل الادمغة من الصهاينة، فلا نقدم على قتل شخص أو شخصين أو ثلاثة من جنسية معينة فنخسر بسبب هذا العمل الأحمق الآف المؤيدين لقضايانا··
ومن هنا فان السلطات السعودية تقوم بدورها لردع هؤلاء الحمقى، ونحن معها في ان تحاسب الذين يسيئون إلى دينهم وأمتهم وحضارتهم بمثل هذه الاعمال·
* كاتب المقال هو مفتي جبل لبنان


تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 04:53 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/11898.htm