المؤتمر نت -
نبيل عبدالرب -
مجموعة الرقابة على القروض

الأسبوع الماضي دشن نواب ومهتمون مجموعة برلمانية للرقابة على المساعدات الخارجية. ربما أتت فكرة إنشاء هكذا فعالية متأخرة، سوى أن هذه لا يقلل من أهميتها بل وضرورتها كأداة شعبية في محاربة الفساد المستشري في البلد.

الفساد في اليمن يمثل أم المشاكل وتداعياته وآثاره تكاد تعم كل مناحي الحياة، وإذا أخذنا بالاهتمام الفساد المالي فإننا نجده شاملاً موارد الدولة ونفقاتها على حد سواء، وتتراوح تقديراته بين حد أدنى لا يقل عن خمسة مليارات دولار وحد أعلى يضاهي أربعة عشر ملياراً سنوياً، وعلى تنوع مجالات الفساد وتعددها تأتي المنح والقروض بشقيها الداخلي والخارجي كإحدى البوابات الرئيسية للفساد، سيما إذا ما تذكرنا أن حجم قروض الدولة الداخلية والخارجية تقترب من العشرين مليار دولار، ثلثها ديون خارجية، وتلتهم خدماتها السنوية من أقساط وفوائد نسبة كبيرة من نفقات موازنة الدولة. الديون الداخلية مشكلة من الناحية الاقتصادية إذا تجاوزت حدوداً معينة واُتخذت سياسة دائمة ومتصاعدة الاستخدام، لكن الديون الخارجية أكثر خطورة لتأثيراتها على سمعة البلد في الأوساط الدولية جراء الاستغلال السيء لها، ولأوجهها ذات البعد السياسي، فضلاً عن عواقبها الاقتصادية حال تعدت الحدود الآمنة.

ربما، وبحسب مقياس نسبة خدمة الديون الخارجية مقارنة بالصادرات مازالت ديون اليمن في الإطار الآمن، ولعل في ذلك إلى جانب التقليل أو الحد من الفساد في هذا النوع من القروض تكمن ضرورة وجود أداة شعبية فاعلة كالمجموعة البرلمانية للرقابة على القروض والمنح الخارجية.

أما لماذا الخارجية دون الداخلية فمن باب عدم التشتت في العمل ولافتقار البلد لمؤسسة شعبية متخصصة في الرقابة على المساعدات الخارجية، ثم إن الأمل قائم بأن تكون هذه المجموعة فاتحة سلسلة من مجموعات أو روابط أو منظمات –أياً كانت التسمية- في التخصص في مكافحة جزئية من جزئيات الفساد، بالإضافة إلى ذلك الإمكانية الكبيرة من أداء دور فعال في محاربة الفساد في القروض الخارجية باعتبار حيثياتها لا تقتصر فقط على الجهات التنفيذية، وإنما تحتاج للمرور عبر مصفاة البرلمان للمصادقة عليها، خصوصاً وأن أهم مكون في المجموعة إلى جوار ممثلين عن الإعلام والمنظمات المدنية هو مجموعة من أعضاء مجلس النواب من مختلف الكتل السياسية، واللجان البرلمانية الدائمة.

يعتري المساعدات الخارجية الكثير من الفساد بدءاً بإعداد المشروعات المتطلبة لتمويل مروراً بعمليات التفاوض وإقرار المساعدة وانتهاءً بتنفيذ المشروعات.

وبالمناسبة، أثناء إعطاء أحد العاملين في البنك الدولي خلال ورشة لتدشين المجموعة البرلمانية نبذة عن البنك ذكر أن البنك الدولي يعمل في 188 دولة عبر خمسة عشر ألف موظف، فعلق النائب عبدالرزاق الهجري بالقول إن عدد موظفي التربية في ذمار أزيد من اثنين وعشرين ألفاً، وهذا التضخم في المكون الإداري والتشغيلي في المشروعات الممولة بقروض أحد نوافذ الفساد حيث تستهلك نسبة كبيرة من القرض في سيل من المصروفات للعاملين الإداريين وحاجياتهم الجارية.

ولا يسع المقام لضرب الأمثلة وهي كثيرة على سوء وفساد استخدام المساعدات الخارجية من قروض ومنح لدرجة أن بعضها تبقى سنوات طويلة بدون استغلال في الوقت الذي تتحمل خزينة الدولة دفع الأقساط والفوائد السنوية.

لأسباب عديدة كان من الضروري خلق أدوات ذات فاعلية في تغيير أساليب التعاطي مع المساعدات الخارجية، ومن هنا جاء تأسيس المجموعة البرلمانية للرقابة على القروض والمنح الخارجية.



تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 10:12 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/120011.htm