أما آن لهذا العدوان أن ينتهي؟ لم يكن الشعب اليمني يتوقع من أشقائه في المملكة العربية السعودية أن يتورطوا بهذا العدوان العسكري الجوي متعدد الدول العربية، نظراً لما يربطه بدول العدوان من علاقات أخوية ضاربة جذورها في أعماق التاريخ العربي أساسها الثقة المتبادلة والمصالح المشتركة ومجموعة الروابط المستمدة من المقومات القومية للأمة العربية. قد يقول البعض إن الهدف من العدوان ما يقوم به أنصار الله من تمرد على ما يسمونه الشرعية الدستورية برئاسة عبدربه منصور هادي الذي أجبر على ترك السلطة بعد أن انتهت فترته الزمنية مخلفاً بعده سلسلة من المشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والأمنية التي أغرقت البلد في بحر من الفساد لا نستطيع رؤية شواطئه الأخرى من الشواطئ التي نقف فيها. أقول ذلك وأقصد به أن دعوة هذا الرئيس الضعيف ووزير خارجيته السخيف الى التدخل الخارجي العسكري لضرب شعبه حتى يذعن له ويعيده الى السلطة عمل من أسوأ الأعمال الاجرامية العميلة التي لم يسبق لها مثيل في تاريخ الخيانات الوطنية الكبرى في التاريخ القديم والوسيط والحديث والمعاصر، يشبه الى حد كبير ما قام به «أبورغال» من جلب الأحباش لهدم الكعبة المشرفة، وقد ينظر اليه من خلال الدور العميل والحقير الذي قام به الوزير الفاطمي (شاور) في تذليل الصعوبات التي تحول دون تمكن الغزاة «الصليبيين» من الاستيلاء على أراضي الدولة العباسية وما تلاها من استهداف مماثل للخلافة الفاطمية. إن الخيانة التي لحقت بالرئيس هادي الضعيف ووزير خارجيته السخيف قد ألحقت بالعلاقة اليمنية الخليجية السعودية أسوأ الإساءات وأثخن الجراح غير القابلة للنسيان نظراً لما ينتج عن الضربات الجوية من ازهاق للأرواح المدنية البريئة وسفك للدماء اليمنية الطاهرة وتدمير للبنى التحتية العسكرية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والخدمية غير القابلة للتبرير والنسيان في المدى المنظور والتي تسيئ الى أبناء المملكة العربية السعودية قيادة وشعباً بصورة خاصة والى أبناء الدول العربية المشاركة في العدوان بصفة عامة وأخص بها الدول الخليجية وجمهورية مصر العربية والمملكة الأردنية الهاشمية لأن شعوبهم الحية والشقيقة ستنظر الى قياداتها السياسية والعسكرية والامنية انها صاحبة أيادٍ ملطخة بالدماء اليمنية الشقيقة، في وقت تمارس فيه الصهيونية كل ما هو ذميم وقبيح من الانتهاكات المشوبة بالقتل والسحل بحق أبناء الشعب العربي الفلسطيني الشقيق، ولا نجد من يقف بوجهها من هؤلاء الحكام والقادة الذين ما برحوا ليل نهار يسبحون بحمد الولايات المتحدة الامريكية وينفذون ما لديها من السياسات الاستعمارية الداعمة والمساندة لاسرائيل. نعم يا جلالة الملك سلمان بن عبدالعزيز لقد أوقعك الرئيس المنتهية شرعيته وولايته بجرم لم يسبقك اليه اخوانك الذين تعاقبوا على حكم المملكة العربية السعودية منذ اللحظة الأولى لوفاة الملك المؤسس عبدالعزيز بن سعود رحمه الله.. تحت وهم أن هذه الضربات العدوانية الجوية المتطورة بتقنيات قتالية غير قابلة للاستخدام مع اسرائيل، ولعلك بحسن نية صدقت أن هذه الضربات القاتلة سوف تنحصر في نطاق المنتمين الى جماعة أنصار الله الزيدية المحسوبة على الثورة الاسلامية الايرانية ولن تتجاوز ذلك الى الإضرار بغيرهم من اليمنيين الشوافع الذين ينتمون الى غيرهم من الجماعات والأحزاب والتنظيمات والمنظمات السياسية والايديولوجية.. متناسين أن الشعب اليمني كل لا يتجزأ بشوافعه وزيوده وبأحزابه وتنظيماته السياسية وبمنظماته الجماهيرية وبعشائره وقبائله المتعددة، إذا اشتكى منه جزء تداعت له بالسهر والحمى بقية ما لديه من المكونات والأجزاء التي يتكون منها الجسد اليمني الواحد والموحد. وربما خدعوك بقولهم إن هذه الضربات الموجعة والقاتلة والمدمرة سوف تفسح الطريق لعودة الرئيس هادي الى الحكم لشعب لا وجود فيه لأنصار الله. انهم يا جلالة الملك سلمان يخدعونك ويضللونك بمثل هذه الأقوال والخدع السخيفة التي تحقق لأنصار الله ومن تصفونهم بالقوى الحليفة حضوراً الى حضورهم وشعبية الى شعبيتهم تؤهلهم الى ما هم بحاجة اليه من الثقة في أول عملية انتخابية تنافسية، لأن المؤيد لهذه الضربات العدوانية القاتلة سوف لا يكون بمقدورهم الدخول في هذا النوع من الانتخابات التنافسية الحرة باعتبارهم متهمين بالعمالة والخيانة، سوف يجدون أنفسهم منبوذين من أبناء شعبهم، متهمين بما اتهم به «ابورغال» من اتهامات جعلته عبر التاريخ رمزاً للخيانة والعمالة يسخر منه الأبناء والأحفاد بذات الاحتقار الذي مارسه الآباء والأجداد جيلاً بعد جيل ما بقيت الحياة على الأرض. نعم يا جلالة الملك المفدى لقد أقدمت على تدابير عملية محرجة لحلفاء المملكة في اليمن وأفقدتكم الكثير من المناصرين والاحباب فيما أقدمت على اتخاذه من قرارات خاطئة ومرتجلة وغير مدروسة لم يقدم عليها أحد من ملوك الاسرة السعودية الذين يحظون بالتقدير والاحترام بحكم ما قدموه لأبناء المملكة ولأبناء الشعب اليمني من الاعمال التي لا تخلو من قدر معقول ومقبول من القواعد المشتركة التي بنيت عليها العلاقات اليمنية السعودية الضاربة جذورها في أعماق التاريخ الحديث والمعاصر رغم ما شابها من العثرات والتعقيدات العارضة. اليوم ابتدعت بدعة غير حسنة بحق أبناء الشعب اليمني تحاول من خلالها إعادتهم الى بيت الطاعة، معتقداً أنك تمتلك القدرة الدائمة على التفوق وفرض الهيمنة على الشعب اليمني من خلال إجبارهم بقوة السلاح على القبول بهذا الرئيس الذي رفضوه بمحض قناعاتهم جراء ما أظهره من التبعية والعمالة للدول الأجنبية وبعد أن قدم استقالته بمحض إرادته من الموقع القيادي الرفيع كرئيس ضعيف وفاسد للجمهورية تجسدت في سيرته وفي سياسته وفي شخصيته كل معاني الإهانة للشعب اليمني العظيم والمعتز بكرامته رغم ما هو عليه من التحديات العسكرية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية الموجبة للتعاون معه والأخذ بيده لإنجاح ما يجري من الحوار بين كافة المكونات السياسية طبقاً لما اتفق عليه من المرجعيات المتمثلة بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة ومخرجات الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة الوطنية. أقول ذلك وأقصد به أن هذه الضربات الجوية المجنونة لا يمكنها أن تفضي الى تحقيق أهدافها المعلنة المتمثلة بتحقيق الأمن والاستقرار والحفاظ على الوحدة وإعادة الحياة لشرعية عرضت نفسها للانتحار وأصبحت حية ولكن في عداد الأموات لا تمتلك ما هي بحاجة اليه من مقومات الحياة السياسية للدولة بعد أن دمرت الجيش والأمن ودمرت الاقتصاد والتنمية ودمرت العملية الديمقراطية ودمرت الوحدة الوطنية ودمرت الثقة بين الشعب وبين المؤسسة الرئاسية وكافة المؤسسات الدستورية للدولة، وقبل ذلك وبعد ذلك دمرت الحد الأدنى من الثقة بين الدولة وبين المنظومة الحزبية والسياسية، التي ما برحت تتحاور في حوارات لها بداية وليس لها نهاية. نعم يا جلالة الملك سلمان بن عبدالعزيز لقد أصبح أنصار الله قوة لا يستهان بها ولم تزدهم حملتكم الجوية الا قوة الى قوتهم نظراً لما تلحقه بالبنية العسكرية والأمنية للدولة من تدمير يفسح لهم المجال لبسط نفوذهم وإحكام سيطرتهم على مؤسسات الدولة، لأن اللجان الشعبية التي تمثل الجناح العسكري لأنصار الله لا تتأثر بهذه الضربات الجوية لأنها ليست مؤسسات ذات آليات ثابتة يمكن تدميرها بالضربات الجوية لأنها لجان متحركة وفاعلة فيما لديها من القدرات والمهارات القتالية التي تعجز المؤسسات العسكرية والأمنية الثابتة عن التصدي لما تقوم به من هجمات مفاجئة تنتهي بإسقاط هذه المعسكرات والأجهزة الأمنية والسيطرة عليها. وهذه حقيقة يعرفها الرئيس المستقيل الذي وقع بقبضتها وخضع للإقامة الجبرية بعد أن تهاوت حراسته في صنعاء، واعتقد خطأً أن بمقدوره ان يجد في عدن مقومات الحماية العسكرية والشعبية، وإذا به يكتشف فجأة أن اعتماده على ما أطلق عليه باللجان الشعبية تتساقط كما تتساقط أوراق الخريف بعد أن فقدت القدرة على الصمود وارتكبت من الحماقات المناطقية والعنصرية بجعل أبناء الجنوب يقتلون بحماقة ووحشية مَنْ هم محسوبون على المحافظات الشمالية والمنخرطون في المعسكرات والأجهزة الأمنية المرابطة بالمحافظات الجنوبية على نحو جعل من تبقى من أبناء القوات المسلحة والأمن المرابطين في شمال الوطن يمدون أيديهم للجان الشعبية تحت مبرر القضاء على ما ينفذه الرئيس المستقيل من تدابير انفصالية وصفت بأنها مدعومة من الدول الخليجية، ولكن تحت يافطة الوحدة التي سلب مضمونها ولم تبقَ منها الا التسمية المجردة من أبسط المضامين. نعم يا جلالة الملك سلمان سوف تكشف لكم الأيام أن أنصار الله أصبحوا قوة ضاربة جذورها في معظم المحافظات اليمنية صاحبة مشروع لا يمكن لهذه الضربات الجوية القضاء عليه، وسوف تشعرون بالندم حينما تكتشفون ولكن بعد فوات الأوان أن الرئيس السابق رئيس المؤتمر الشعبي العام لم يكن له علاقة داعمة ومؤثرة في القرار العسكري للجماعة، وذلك ما أكدت عليه مبادرته الأخيرة التي قوبلت بالاستخفاف رغم ما فيها من المصداقية والموضوعية، لذلك فإن أفضل الحلول تستوجب تهيئة الأجواء المعقدة لاستكمال حوار المكونات السياسية بعيداً عن المطالب المستحيلة للأفراد والجماعات المدافعة عنهم بدون قناعة..؟ |