قادتها التايمز و الديلي تلغراف

المؤتمر نت -
حملة هجوم عنيفة ضد زيارة القرضاوي للندن (تفاصيل)
اثارت زيارة الدكتور يوسف القرضاوي الي بريطانيا هذا الاسبوع حملة واسعة في الصحافة البريطانية تكشف الي حد كبير عن مدي مأسسة معاداة الاسلام اسلاموفوبيا في المجتمع البريطاني بفضل جهود كتاب ومعلقين ونواب وناشطين اما موالين لاسرائيل او من جماعات الشواذ جنسيا . وفي بداية عام انتخابات عامة (متوقعة نهاية الربيع القادم) تستغل المعارضة من حزب المحافظين والاحزاب الاخري الصغيرة كل ما يمكنها للتنديد بحزب العمال الحاكم. وهذا ما جعل زيارة الشيخ القرضاوي لبريطانيا تحظي بهذا الجدل الواسع الذي طغي عليه انتقاده ومحاكمة افكاره واتهامه بالترويج للكراهية الدينية والعنف الارهابي.

وعلي رغم انه لم تخل صحيفة من اخبار الشيخ في اليومين الماضيين الا ان التغطية تباينت علي اساس توجهات الصحف الرئيسية المعروفة، وكان التباين بين الانحياز الكامل او محاولة التوازن مع اختفاء الانصاف تماما الا في تعليق قصير لهيئة الاذاعة البريطانية عرضت فيه لسيرة الرجل ومكانته العلمية في العالم الاسلامي الي جانب مواقفه التي تؤخذ عليه باعتبارها متشددة. ووقفت الديلي تلغراف والتايمز موقف انحياز ضد الشيخ وحاولت الاندبندنت ان تبدو حيادية لكنها شاركت الصحيفتين الموقف العنصري ضد الاسلام. اما الغارديان فقد نقلت الانتقادات والردود عليها والاتهامات للوبي اليهودي الموالي لاسرائيل بالوقوف وراءها.


بدأت الحملة يوم وصول الدكتور القرضاوي الي لندن الاثنين الماضي، ونشرت صحيفة التايمز (التي يملكها حوت الاعلام روبرت مردوخ) مقالا لانطوني براوني يوم الثلاثاء انتقد فيه اليسار البريطاني الذي يقيم تحالفات مقلقة مع من يعادون السامية ومثليي الجنس (الشواذ جنسيا)، بعدما كان مدافعا عن الاثنين من قبل. والمقلق اكثر ان الحكومة البريطانية، في تبنيها للتعددية الثقافية، تمالئ ايضا المتطرفين الاسلاميين المعادين للسامية ومثليي الجنس".

وتعجب الكاتب من ان عمدة لندن المنتخب كن لفنغستون، المؤيد لحقوق مثليي الجنس، يستضيف القرضاوي كضيف شرف في مؤتمر لتأييد ارتداء الحجاب في بريطانيا ينظمه مجلس حماية الحجاب... والقرضاوي كما يقول قسم المراقبة والرصد في بي بي سي يؤيد قتل اليهود وعمليات التفجير الانتحارية ضد اسرائيل التي قد تودي بحياة اطفال في باصات، ويدعو في خطبه لقتل اليهود والصليبيين والكفار، وقال عن ذبح الامريكي نكولاس برغ في العراق انه يجب النظر اليه في السياق الصحيح ... من حق الجماعات اليهودية وجماعات مثليي الجنس ودافعي ضرائب البلدية في لندن ان يعرفوا لماذا يستضيف لفنغستون هذا الرجل.

هذا علي رغم اشارة الصحف البريطانية الي مواقف الشيخ من الارهاب، وانه ادان العمليات الانتحارية وادان تفجير برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك وتفجيرات بالي في اندونيسيا.

واضاف الكاتب: وزارة الداخلية تشارك في التاييد، فوزيرة التضامن الطائفي والعرقي في الوزارة فيونا ماكتاجغارت ستشارك بكلمة مسجلة في اجتماعات مجلس الفتوي الاوروبي الي جانب ليفنغستون مع القرضاوي الذي تحظر الولايات المتحدة دخوله اليها لعلاقاته بمنظمات ارهابية، كما انه زعيم روحي للاخوان المسلمين. وعلي رغم تقديم ملف من الادلة ضده لوزارة الخارجية، لم يمنع من الحصول علي تأشيرة دخول .

وحمل الكاتب علي الجهة التي وجهت الدعوة مشيرا الي ان القرضاوي جاء بدعوة من رابطة مسلمي بريطانيا التي تحالفت مع حزب العمال الاشتراكي لتكوين تحالف وقف الحرب، وتؤيد الرابطة حزب الاحترام الذي اسسه العمالي السابق جورج غالاوي ... وكشفت النائبة العمالية لويس المان في البرلمان العام الماضي حقيقة الرابطة بانتقاد احد وجوهها، عزام التميمي، الذي نقلت عنه دعوته لكراهية اليهود وقوله في مؤتمر في جنوب افريقيا عن الانتحاريين: لا تسموهم انتحاريين، سموهم شهداء، فهم يملكون البنادق ونحن ليس لدينا سوي القنابل البشرية، نحن نحب الموت وهم يحبون الحياة . والرابطة عضو في المجلس الاسلامي البريطاني الذي يبدي توجها معتدلا وتفتح الحكومة قنوات متعددة معه. واذا كان المجلس معتدلا فلما يبقي علي الرابطة في عضويته.

وفي اليوم التالي، الاربعاء، حملت الصحيفة المسائية الرئيسية في بريطانيا، ايفننغ ستاندرد، موضوعا موسعا عن الزيارة ضمنته بروازا من اقوال القرضاوي التي اعتبرتها تحض علي العنف والكراهية الدينية ننقله كما هو: (من اقوال الشيخ: عن عقاب مثليي الجنس "علي رغم ان ذلك العقاب قد يبدو قاسيا الا انه فرض لحماية المجتمع المسلم وتنظيفه من العناصر المنحرفة" عن محاولات الفلسطينيين للسلام مع اسرائيل انها خيانة عن ضرب الزوجات امر مقبول باليد وليس بالعصا علي ألا يطال وجه الزوجة عن ماركات عالمية مثل ماكدونالدز وكيه اف سي انها مؤامرة يهودية ويقول موقعه علي الانترنت قاطعوا امريكا من البيبسي الي البوينغ .

وامس الخميس تزعمت التايمز والتلغراف الحملة بالتوسع في عرض ما دار في مجلس العموم من سجال بين المعارضة والحكومة بشأن زيارة القرضاوي. وتحت عنوان تزايد الضغوط علي الحكومة لترحيل الشيخ المسلم كتبت التايمز: توني بلير يرد في البرلمان علي اتهامات المحافظين بانه يعارض استخدام بريطانيا منصة لاطلاق افكار متطرفة تدعم الارهاب، لكن اي قرار بمنع الرجل لابد ان يكون قانونيا. وديفيد بلانكت وزير الداخلية اكد ان زيارة الرجل ستكون تحت المراقبة الشديدة، لكن لا يمكن منع اعطائه تأشيرة بسبب افكاره مهما كانت غير مقبولة من الاخر.

وفي وقت الاسئلة في مجلس العموم الاربعاء قال زعيم المعارضة مايكل هوارد رئيس حزب المحافظين موجها كلامه لرئيس الوزراء توني بلير: عندما كنت وزيرا للداخلية استخدمت سلطاتي لمنع اشخاص لا يفيد وجودهم المصلحة العامة من دخول البلاد. لماذا لم يفعل وزير داخليتك ذلك؟.

ورد بلير بان الامر سيكون تحت المراقبة الصارمة وقال بلانكت ان الرجل سيبعد اذا كان يشكل خطرا، الا ان ذلك غير مبرر حتي الان. واضاف بلير: لا نريد اي علاقة مع اشخاص يدعمون الانتحاريين في فلسطين او اي بلد اخر او يدعمون الارهاب ... لكن علينا ان نتأكد من انه في حال منع شخص من الدخول الي هذا البلد ان يمنع طبقا للقانون.

وسحبت فيونا ماكتاغارت تاييدها لاجتماع مجلس الفتوي بسبب الجدل حول الشيخ.

وفي برنامج نيوزنايت، الذي تبثه هيئة الاذاعة البريطانية ويشاهد علي نطاق واسع ليل الثلاثاء، قال الشيخ في لقاء سجل معه من قبل عن العمليات الانتحارية انها جهاد ليست انتحارا، بل شهادة في سبيل الله. واضاف ان الله عادل وحكيم. لقد اعطي الضعفاء ما لا يملكه الاقوياء وهو القدرة علي تحويل اجسادهم الي قنابل كما يفعل الفلسطينيون.

وحول العراق وما اذا كان رايه في العمليات الاستشهادية ينسحب عليه قال: "اذا كان بامكان العراقيين مقاومة العدو فلا حاجة هناك لعمليات الاستشهاد. لكن اذا لم تتوفر لهم السبل، فالشهادة مسموح بها".

وعن استهداف الاطفال والنساء الاسرائيليين قال "النساء في اسرائيل لسن كالنساء في مجتمعاتنا، لان المراة الاسرائيلية مسلحة. كما انني اعتبر عمليات الاستشهاد تلك دلالة علي عدالة الله العلي القدير.

وتوسعت الصحف في نقل تعليقات النواب الموالين لاسرائيل وناشطي حركات الشواذ. وقالت النائبة العمالية لويس المان انها كتبت لبلانكت تطالب بمنع القرضاوي من دخول البلاد لانه يشجع الانتحاريين الاطفال والنساء ويطالب بتدمير اسرائيل ويري ان من حق الازواج ضرب زوجاتهم العاصيات ويملك اسهما في مصرف متهم بارتباطه بشبكة تمويل تنظيم القاعدة.

اما بيتر تاتشيل المدافع عن حقوق مثليي الجنس فراي ان الشيخ يتبني رجم مثليي الجنس ويجب منعه من دخول البلاد. وانتقد تاتشيل ليفغنستون لاستضافته الشيخ وقال "ليفنغستون لن يعطي فرصة مثل هذه للحزب القومي البريطاني، وهذا الرجل اكثر تكرفا من الحزب فهو علي ما يبدو يتبني العنف ضد النساء ومثليي الجنس.

وقال النائب العمالي ديفيد وينيك "ان هواء هذا البلد يتلوث بوجود هذا المخلوق، ويجب طرده من هنا. ويجب ان نعطي رسالة واضحة وقوية باننا لن نحتمل وجود عنصريين في بريطانيا.

ونقلت الصحف ما دار في الاجتماع الذي استضافه عمدة لندن في قاعة البلدية بانتقائية شديدة، وذكرت قول الشيخ القرضاوي: من حق الشعب الذي تحتل ارضه ان يقاوم الغزاة. ويعطي الاسلام الحق للناس في ان يستخدموا كل الاسلحة والسبل المتاحة لهم. واضاف "العمليات الاستشهادية هي السلاح الذي يلجأ اليه الضعيف لعدل الميزان. لقد دفعوا الي هذا الخيار الوحيد فليس لديهم وسيلة اخري للمقاومة وتحرير ارضهم. وذلك تعليقا علي مسألة تأييده للعمليات الاستشهادية في فلسطين.

وقال الشيخ في قاعة البلدية ليس لدينا مشكلة مع الاسرائيليين لأنهم يهود، لكن مشكلتنا دائما مع من يعتدون علينا.

وضجت القاعة بالتصفيق والهتاف عندما رحب الحاخام الامريكي يسرائيل دوفيد فايس بالقرضاوي وانتقد الدولة الصهيونية باعتبارها تحريفا لليهودية الصحيحة.

وقال القرضاوي في الاجتماع: انها ليست المرة الاولي ولا العاشرة التي ازور فيها لندن. ازورها منذ ثلث قرن. لندن مدينة مفتوحة". وتساءل "لماذا هذا الجدل حول زيارتي اليوم؟.

ورفض ليفنغستون ان ينتقد الشيخ وانتقد الاعلام البريطاني بسبب ما وصفه حملة معاداة الاسلام التي اطلقها بمناسبة زيارته. وقال غالبا ما ننتقد هؤلاء الذين يثيرون حقائق غير مريحة لنا.

ودافعت رابطة مسلمي بريطانيا عن دعوتها للشيخ واصفة اياه بانه واحد من اكثر العلماء والاكاديميين احتراما في العالم الاسلامي.

ونقلت الصحف عن متحدث باسم رابطة مسلمي بريطانيا قوله: اللوبي الصهيوني لا يريد ان تتاح الفرصة لشخص قدير ومحترم في العالم الاسلامي كي يتحدث للناس في هذا البلد... لقد اتي الي هنا ليقول للشباب المسلم ان يكونوا ملتزمين بالقانون.

ودافع المتحدث عن راي الشيخ في العمليات الانتحارية يقول انها ليست عمليات قتل بل دفاع عن النفس، ماذا تتوقعون من الفلسطينيين انيفعلوا؟.

والي جانب التغطيات الصحفية، واصلت افتتاحيات الصحف انتقاد عمدة لندن والحكومة لسماحها للقرضاوي بزيارة لندن بينما هو ممنوع من دخول امريكا وممنوع في بلده مصر ويقيم في قطر منذ اكثر من اربعة عقود. وربطت الافتتاحيات بين زيارة الشيخ ومحاولة وزير الداخلية طرح تشريع جديد يجرم الحض علي الكراهية الدينية باعتبارها جريمة جنائية تماثل تهمة العنصرية التي تستخدم لحماية الاقليات العرقية والطائفة اليهودية (الوحيدة التي يشملها القانون الحالي لتجريمه معاداة السامية).

ورغم ان بعضا من الجماعات الاسلامية تري القانون الجديد ليس لحمايتها، بل يمكن ان يستخدم ضدها حسب تفسير الشرطة (وهي عنصرية جدا هنا بالمناسبة) للخطاب الديني الاسلامي ويشدد من اجراءات التفرقة العنصرية اكثر ما يقاومها، فان الصحف ربطت بينه وبين استضافة الحكومة للقرضاوي. وكان موقف الصحف ان مثل هذه القوانين تقيد حرية الرأي والتعبير.

وتلك هي النقطة الاكثر اثارة للسخرية، فهؤلاء الكتاب وتلك الافتتاحيات تحاسب الشيخ القرضاوي علي نواياه وافكاره التي لا تعجبهم، ويتبجحون بان القانون (الذي فكرت فيه الحكومة بعد ارقام صدرت الاسبوع الماضي حول استخدام الشرطة واجهزة الامن للقوانين التي فرضت بعد سبتمبر 2001 وادت الي تضاعف عدد من توقفهم الشرطة وتفتشهم من المسلميين الاسيويين اربع مرات علي الاقل العام الماضي) الجديد ربما يمثل حجرا علي حرية الرأي.

انها المفارقة التي تنم عن صلف وعجرفة اصبحت تميز الغرب عامة في موقفه تجاه الاخر في كل القضايا من حقوق الانسان الي حرية التعبير ونظم الحكم وحتي العادات والتقاليد المجتمعية. ان كل المثل والقيم تفسر علي طريقتهم، وما لا يروقهم لا تنطبق عليه. وهذا بالضبط ما يحكم تلك الحملة الشعواء علي الشيخ الذي يوصف علي نطاق واسع بانه يمثل التيار الوسطي في الحركة الاسلامية المعاصرة.



تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 05:17 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/12192.htm