المؤتمر نت -

فائقة السيد -
في الذكرى الأولى لرحيله (حافظ عوبلي الذي يأبى الغياب) ..!
تُضبّبُ قلوبنا وعيوننا وآفاق أرواحنا الذكرى السنوية الأولى لرحيل الإنسان، المثقف، الملتزم، المؤمن بكل القضايا الكبرى وقيم المحبة والتسامح والحق والنزاهة الأستاذ القدير حافظ عوبلي، الذي غاب عن حياتنا في الثاني والعشرين من مايو من العام (2016) وترك لنا حسرة ، وفراغاً كبيراً لا يستطيع أن يملأه إنسان غيره، في عدة جوانب ليس آخرها النزاهة والإبداع والتواضع والطيبة والترفع عن سفاسف الإمور.

لقد عرفت الأخ والصديق العزيز المرحوم حافظ عوبلي في عدن وقرأته في غير مكان، عرفته وقرأته إنساناً حقيقياً ومثقفاً طليعياً، وشخصاً مزهراً ومشعّاً بصفات النُّبل والمرؤة وسمو الأخلاق، شخصاً غزير المعرفة وشديد التواضع والإحساس بما هو حوله أيضا.

لم أجده يوماً يستعرض أمجاده بخيلاء ولا يقدم نفسه أكثر من إنسان يُغرقك بالود، إنه بأوسع مافي الكلمة من معنى، قمّة وقيمة في التواضع والبساطة رغم غزارة وتوهُّج معارفه وسعة إطلاعه وقوة حضوره في المشهد بكل تجلياته، لكنه الحضور الذي يمنح الآخرين بهاءً وزهراً وورداً وعبقاً ورياضاً من شتى الجِنان الإنسانية والعلمية والإبداعية.

في تقديري أن الذكرى الأولى لرحيل هذه القامة الكبيرة والهامة وعلى إمتداد عقود وربما قرون قادمة يجب أن تستغل من قِبل الأجيال والشباب والشابات وكل المشتغلين بحركة التحولات الثقافية والإبداعية والاجتماعية الذين عليهم أن يقتفوا أثره، ويقبلوا على نتاجه وسيرته المليئة بالتجارب والدروس والقيم الأصيلة والرفيعة، التي تظل المجتمعات الإنسانية في جميع المحطات التاريخية بحاجة ماسة لها لتنهل وتتزود منها، سواء كان ذلك في المجال الإبداعي أو الإنساني، أوالثقافي، أو الأخلاقي، أو حتى السياسي، بحكم أن المثقف، أي مثقف في رأيّ، مهما حاول أن يُخفي تأثُّره أو تأثيره في السياسة وحقولها المختلفة ،إلا أنه لا يستطيع القيام بذلك.

ومن هذه المسلمة تقريبا ، أظن أن أثر العزيز المرحوم حافظ عوبلي في هذا المجال حافل، إما تصريحا أوتلميحا، إشارات، أورؤى، نصائحا أومفاهيما.

صحيح أمثال الفقيد لا يجيدون السباحة في بحور السياسة الإنتهازية ولا السياسة المصلحية أو الصدامية البعيدة عن الأخلاق، لكنهم، وهو واحد من أهمهم مقومين ومقيمن ومهذبين لها بصورة راقية تستند على قيم الاختلاف النبيلة، والرؤية العميقة وليست السطحية التي يباغتنا بها دائما الكثير من المسكونين بردود الأفعال المستعجلة أو المبينة على أحكام مسبقة وعرائز معينة.

في تصوري إن الأجيال ستظل تتحدث بكثير من الثناء والإطراء على تجربة الراحل حافظ عوبلي الذي بإنطفاء روحه أنطفأت شمس كانت ساطعة بالإبداع والأمل والجمال الروحي والإنساني، لكنها في الوقت نفسه أشرقت من جهة أخرى شمس أكثر سطوعاً لتراثه الثري والبهي المُلهِم حد الدهشة ، المفرح حدّ المطر ، العابق حد المسك .

أخيرا: لا يسعني وأنا أتناول هذا الشخص بريشة الروح والفقد التي تأكل أطراف قلوبنا، إلا أن أؤكد مشاركتي وتماهي نفسي ووجداني مع أسرته النبيلة والعزيزة على قلبي حزنهم وفقدهم لهذا العلم الكبير من جهة ، وإعتزازهم بتاريخه وومكانته وتراثه ومنجزه من جهة ثانية.

ولعل هذا هو عزاؤنا الذي نلوذ إليه كلما أدلهم بنا فقده وتذكرنا حضوره وسالت دموع قلوبنا شوقاً له وتحسراً على غيابه الذي لا نستطيع مقاومته إلا بالعودة إلى حافظ عوبلي الإنسان والمثقف، المبدع، الشاهق، الشيق، المشوق.
رحم الله الأخ والصديق الإنسان حافظ واسكنه الجنة .
وإنا لله وإنا إليه راجعون
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 03:50 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/137168.htm