عن صالح وخصومه.. محاكمة مفتوحة ..!! حد علمي، لم تمنح الأقدار أي رئيس دولة ولا حزب سياسي في الدنيا الفرصة التي مُنحت للزعيم علي عبدالله صالح والمؤتمر الشعبي العام، في تعرية خصومه ومحاكمة معارضيه ممن صموا الآذان ضجيجاً وزايدو علينا طيلة سنوات حكمه بالحديث عن استبداد وفساد وتضييق للحريات وتفريط بالسيادة وغيرها من الاتهامات التي كانت تملئ الصحف ويلوكها السياسيون والاعلاميون، وإثبات فشلهم وعجزهم عن فعل أي شيء. فالحقائق التي تكشفت لليمنيين منذ العام 2011م لم يكن بمقدور صالح ولا المؤتمر الشعبي العام توضيحها بألف كتاب وعشرات الآف من المقالات ومثلها من ساعات البث والبرامج التلفزيونية وغيرها من قنوات الاتصال، في محاولة لاقناع الناس بأن خصوم صالح يكذبون كما يتنفسون وأن صالح والمؤتمر هم الأقدر والأصلح لإدارة البلد، وأن المزايدين عليه لا يمتلكون أي مشروع سياسي أو نهضوي قدر بحثهم عن مكاسب ومنافع شخصية وليذهب الوطن للجحيم. أما اليوم وبعد سبع سنوات ضائعة من عمر اليمن منذ أزمة الربيع العبري وتسليم صالح للسلطة لم يعد المؤتمر الشعبي العام بحاجة لكل ذلك الحديث والشرح والتوضيح، فالحقائق اتضحت.. والتنظيرات والاقنعة تساقطت.. وبانت العورات.. وتكشفت خفايا النفوس في محاكمة شعبية مفتوحة لم يشهد لها التاريخ مثيل. والحقيقة الأولى التي تكشفت لليمنيين أن صالح لم يكن يغالط طوال فترة حكمه وهو يؤكد كل مره أنه ليس مولعاً بالسلطة ولا من عشاق المناصب.. وأنه يجلس على كرسي من نار.. ويرقص فوق رؤوس الثعابين، وانه عندما قبل تولي زمام السلطة حمل كفنه على يده لإدراكه حجم المخاطر والمشاكل والتعقيدات.. وظل كذلك "فدائيا" للوطن طيلة سنوات حكمه وحتى بعد مغادرته للسلطة. أما الحقيقة الثانية فإنه ورغم علمنا اليقين وإدراكنا بأن اليمن لم تكن المدينة الفاضلة في عهد صالح وأننا لم نكن في رغد من العيش حالنا كحال باقي دول العالم النامي والمتخلف نعاني مشاكل اقتصادية وأزمات سياسية مُفتعلة ومُموله من الخارج ونُكافح بما لدينا من امكانات للحاق بركب العالم المتطور، إلا أن أحداً لا يستطيع الجدال أو النقاش في حقيقة أن وضع اليمن قبل العام 2011 لا يقارن بما بعده لا من ناحية الاستقرار السياسي ولا الفضاء الديمقراطي ولا هامش الحريات ولا الاوضاع الاقتصادية ولا الفعالية الادارية والحكومية ولا حالة الوئام الاجتماعي ولا استقلال القرار الوطني ولا حجم التأثير الخارجي ولا كفاءة البنى التحتية ولا مستوى الخدمات العامة المقدمة للمواطنين ولا الأوضاع المعيشية والصحية ولا دوران عجلة التنمية والمؤشرات الاقتصادية. وليس هذا كل شيء.. فكل ما حققه اليمنيون منذ ثورتهم المباركة "سبتمبر، اكتوبر" من منجزات سياسية في مقدمتها التعددية السياسية والصيرورة الديمقراطية والوحدة المباركة، وكل ما انجزوه من مؤسسات وبنى تحتية وخدمات عامة ومكانة خارجية كل ذلك بات في مهب الريح، بفعل مراهقات المتعطشين للسلطة واللاهثين خلف المكاسب المادية وحملة المشاريع الصغيرة والأدوات القذرة لتنفيذ الأطماع والمخططات الخارجية. وليس هذا ايضاً كل شيء، فمن كانوا ينتقدون صالح طيلة فترة حكمه من قوى تقدمية ويسارية ويتهمونه بالعمالة والانصياع للقوى الامبريالية والرجعية في المنطقة.. سقطوا مع أول اختبار وطني وهاهم يقتاتون في موائد الرجعية والامبريالية ويتحركون أدوات صغار ضمن مشروعها.. بينما اختار صالح الانحياز لبلده والبقاء بين شعبه ومواجهة كل التحديات رافضاً كل الاغراءات وشتى انواع الضغوط. أما القوى اليمينية التي كانت تتهم صالح بالتفريط بالسيادة الوطنية لم تنتظر حتى وصولها للسلطة لتقدم البلد على طبق من ذهب لأمريكا والغرب، وشاهد اليمنيون كلهم أحد قيادات حزب الإصلاح العام 2011م وهو يوجه رسالة مباشرة لأمريكا في على قناة الجزيرة "سنعطيكم شيكاً مفتوحاً.. سنفتح لكم المطارات والموانئ والأجواء.. اطيحوا بصالح يخلوا لكم وجه اليمن".. أما بعد سيطرة هؤلاء على السلطة بعد انقلاب الربيع العبري فقد تحول اليمن إلى مسرح للعمليات الدولية في الحرب على الارهاب (براً، وبحراً، وجواً) ولم يعد أحد من هؤلاء يتحدث عن السيادة والكرامة وتعرضت البلد لحالة من الانكشاف الخارجي وأصبحت مسرحاً للتدخلات وساحة لتصفية الحسابات وصولاً لما نحن عليه اليوم. وعن الحراك الجنوبي الذي ظهر العام 2007م تحت غطاء المطالب الحقوقية ودعاوى الحرب الظالمة صيف 94م فقد أثبتت الأحداث التي مرت بها البلد منذ العام 2011م أن هؤلاء يتحركون خارج الدائرة الوطنية ويعملون كأدوات لتنفيذ مشاريع خارجية وأن مظلوميتهم مجرد كذبة كبيرة ابتلعها اليمنيون لفترة بدليل تورطهم في عمليات عسكرية في الساحل الغربي والمخأ وصولاً لميدي والبقع في شمال الشمال بصعدة.. بالإضافة إلى كونهم لا يملكون أي مشروع لإدارة الدولة ورعاية مصالح المواطنين لا في جنوب الوطن ولا في كامل خريطته. وكذلك ينطبق الأمر على أنصار حركة الشعار "الحوثيين" الذين ظلوا يتحدثون عن مظلومية الحركة وشن الدولة حربا ضالمة عليها -رغم تمردهم على النظام والشرعية التي جاءت عبر صناديق الاقتراع حينها - فيما هم اليوم يشنون حرباً تحرق الأخضر واليابس في طول البلاد وعرضها بمزاعم ثورة ونظام لم يعترف به أحد. وكذلك هو الحديث عن اسطوانة الفساد قبل العام 2011م والذي لا ينكر أحد وجوده في الحدود الدُنيا –فلم تكن مدينة فاضلة كما أسلفت- لكنه كان فساداً مُقنناً تتخذ الدولة اجراءات صارمة للحد منه ومعاقبة المتورطين فيه وتقديمهم للمحاسبة.. كان يجري فيما عجلة التنمية ماضية على قدم وساق.. والمشاريع العامة تُنفذ في كل قرية ومديرية ومحافظة.. ومصالح الناس تمضي.. ورواتب الموظفين تُصرف.. والاحتياطي النقدي يتنامى.. والمؤشرات الاقتصادية تتعافى.. فيما ميزانية الدولة تسجل ارتفاعاً مضطرداً كمؤشر لحالة النمو التي كان يشهدها البلد؛ فإين فساد صالح مما نحن فيه اليوم من انهيار اقتصادي ونفاذ للاحتياطي ونحن على مشارف سبعة اعوام لم توضع فيها لبنة واحدة وعام كامل لم تسدد فيه المرتبات ؟! لكل ذلك قالها اليمني بعفويته المعروفة مخاطباً خصوم صالح "سلام الله على عفاش" وهي عبارة على بساطتها إلا أنها تحتوي من المضامين السياسية ما لا يتسع مقال لسردها، كما أنها كافية لإيصال رسالة شعبية لجميع الأطراف السياسية بأن فترة تولي صالح للحكم كانت "عهداً ذهبياً" مقارنة بكل هذا الفشل الذي اغرقتم البلد فيه.. وأن الخيار لو كان للشعب اليوم لأختار عهد الزعيم بكل ما فيه من عيوب اكتشفنا أنها لم تكن موجودة إلا في عقولكم الصدئة ومخيلاتكم المريضة .. فـ #سلام_الله_على_عفاش ما بقيت وبقي الليل والنهار.. وسلام الله على حزبه وشيعته واتباعه ومن سن سنته وأتبع نهجه من يومنا هذا إلى يوم الدين . |