القرضاوي يرأس وفد من "اتحاد علماء المسلمين" إلى دارفور أعلن الداعية الإسلامي البارز الدكتور يوسف القرضاوي أن وفدا من قيادات الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يرأسه سيتوجه خلال الأيام القليلة القادمة للسودان، في محاولة لوقف النزاع بين الطرفين المتنازعين في إقليم دارفور غرب السودان. من جانبه، قال الأمين العام للاتحاد، وعضو الوفد، المفكر البارز محمد سليم العوا: إن مهمة الوفد ليست الوعظ والإرشاد وإنما وضع تصور لحل عملي للأزمة. وقال الشيخ القرضاوي خلال محاضرة بعنوان "التعددية في الإسلام" ألقاها في القاهرة مساء الثلاثاء31-8-2004 إن فكرة الزيارة جاءت بناء على طلب من الحكومة السودانية، خصوصا أن "النزاع الجاري (في دارفور) هو بين فئتين من المسلمين". وأضاف أن الوفد "سيلتقي مع الرئيس السوداني عمر البشير للتعرف منه على الموقف الرسمي (تجاه أزمة دارفور) ثم يتوجه إلى عدد من المدن الرئيسية في دارفور للالتقاء مع قادة الطرفين والاستماع لشكوى الجانبين بحياد؛ سعيا إلى الوصول لحل لهذا الصراع". وأوضح القرضاوي أن هدف الاتحاد من إرسال وفد للسودان هو "التحرك وفقا للمبادئ الإسلامية التي تفرض على المسلمين التدخل لوقف القتال بين فئتين من المسلمين وإعلان الحقيقة وإنصاف المظلومين خاصة بعدما أصبحت القوى الغربية ترى في هذا النزاع ذريعة للتدخل والتواجد العسكري في بلاد المسلمين". وأضاف رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، قائلا: إن الزيارة هدفها التقريب بين الجانيين (المتنازعين في دارفور) وإصلاح ذات البين والعمل على احتواء هذه الأزمة التي تشوه صورة الإسلام والمسلمين. وأشار إلى أن الوفد "سوف يطلع على الموقف على الطبيعة سواء بالنسبة لما تردد بشأن عمليات الاغتصاب وما يحدث من انتهاكات في معسكرات اللاجئين وغيرها من القضايا التي يسعى الإعلام الغربي إلى تهويلها بهدف التمهيد للتواجد في هذه المنطقة ولفت الأنظار عما يجري في الأراضي المحتلة سواء في العراق أو فلسطين". وأعرب القرضاوي عن أمل الاتحاد في أن ينجح في الوصول إلى "خطوات من شأنها دعوة الأطراف المتنازعة (في دارفور) إلى وقف سفك الدماء والجلوس على مائدة المفاوضات، ودراسة الموقف بصورة عقلانية بحيث يكف البعض عن اللجوء إلى القوى الخارجية التي تبحث عن مصالحها بصرف النظر عن مصلحة السكان المحليين". من جهته، قال الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين محمد سليم العوا: إن الوفد الذي يشارك فيه، سيبدأ زيارته للسودان الخميس 2-9-2004 حيث سيعقد سلسلة مباحثات في الخرطوم مع الرئيس البشير، والنائب الأول لرئيس الجمهورية علي عثمان طه، ووزير الخارجية مصطفى عثمان إسماعيل. وأضاف أن زيارة الوفد إلى إقليم دارفور "ستتم يوم الأحد 5-9-2004 حيث ستجري لقاءات مع كافة التيارات المتنازعة هناك، كما سيتفقد الوفد عددا من معسكرات النازحين في الإقليم؛ بهدف التأكد من حقيقة الأوضاع القائمة لإعلان كلمة الاتحاد المنطلقة من الأحكام والقواعد المنظمة لعلاقات المسلمين بين بعضهم البعض". وقال العوا: "سنخاطب بهذا الشأن "الأطراف المعنية كالحكومة السودانية والمجتمع الدولي للوصول لكلمة سواء تحقن الدماء وتحفظ الأموال وتصون للسودانيين وطنهم الذي يظلهم جميعا". وشدد العوا على أن "هدف الوفد من هذه الزيارة ليس مجرد الوعظ أو الإرشاد، وإنما محاولة تقديم تصور عملي يمكن تنفيذه على الأرض لكل المشاكل القائمة في ضوء المعلومات الواقعية والسياسية والاجتماعية والعسكرية التي سيطلع عليها الوفد هناك". على صعيد آخر، جدد الداعية الإسلامي البارز دعوته لخاطفي الصحفيين الفرنسيين في العراق إلى سرعة إطلاق سراحهما فورا. وأشار إلى أنه إذا كان هؤلاء الخاطفون يحرصون على سمعة الإسلام حقا فعليهم إطلاق سراح الصحفيين الفرنسيين لأسباب ثلاثة: "أولها تقديرا لسياسة فرنسا الخارجية في التعامل مع قضايانا العربية والإسلامية، حتى تكون قدوة ونموذجا لباقي الدول الأجنبية الأخرى، والسبب الثاني هو أن الصحفيين الفرنسيين يحققان مصلحة لقضية العراق حيث إنهما يكسران بوجودهما في العراق احتكار الاحتلال الأمريكي لنقل المعلومات والحقائق للعالم الخارجي، أما السبب الثالث فهو أنه بالبحث في تاريخ هذين الصحفيين تبين أنهما من بين المؤيدين والمنصفين للقضايا العربية والإسلامية بشكل عام". وأشار في هذا السياق إلى أنه أبلغ ميشال بارنييه وزير الخارجية الفرنسي خلال لقائه به في بالقاهرة بناء على طلب الجانب الفرنسي يوم 29-8-2004 تأييد جموع العرب والمسلمين للمواقف الفرنسية الخارجية المناوئة للسياسة الأمريكية وتقديرهم الرفض الفرنسي المشاركة في غزو العراق. كما طالب القرضاوي خلال اللقاء نفسه الوزير الفرنسي بضرورة إلغاء القوانين التي تضر بالجالية الإسلامية، والتي يأتي في مقدمتها منع المسلمات الفرنسيات من ارتداء الحجاب في المدارس والمؤسسات الحكومية، خاصة أن "الحجاب من صميم الفرائض الإسلامية وليس مجرد رمز إسلامي". وكانت مجموعة تطلق على نفسها اسم "الجيش الإسلامي في العراق" قد تبنت يوم 28-8-2004 خطف الصحفيين الفرنسيين كريستيان شينو وجورج مالبرونو المفقودين منذ 20 أغسطس 2004، وأمهلت فرنسا 48 ساعة "لإلغاء القانون الذي يحظر ارتداء الحجاب". ومدد الخاطفون المهلة 24 ساعة أخرى انتهت مساء الثلاثاء 31-8-2004. كما دعا القرضاوي إلى ضرورة مساندة الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، مشيرا في هذا الصدد إلى مقال الكاتب الصحفي أحمد بهجت في صحيفة "الأهرام" المصرية حول الموقف العربي المتخاذل تجاه القضية الفلسطينية، والذي أوضح فيه أن العرب في السابق كان يطلق عليهم مصطلح "ظاهرة صوتية"، الآن أصبحوا ظاهرة "صمتية". وحول موضوع المحاضرة، أكد الشيخ القرضاوي على أن "الإسلام يحض على التعددية ويرفض أن يحتكر شخص أو حزب أو فئة بعينها الحكم في بلد ما إلى الأبد كأنه خليفة المسلمين". ورأى أن "التعدد فيه مصلحة للناس جميعا لأن الله وحده هو الواحد بينما الخلق متعدد، وإذا كانت الديمقراطية هي تعدد الآراء والأفكار فإن الإسلام قد سبق هذه الدعوة، خاصة أن أسس الديمقراطية هي العدل وحق الناس في اختيار من يحكمهم، وكل هذه الأمور تعترف بها بل تحرص عليها العقيدة الإسلامية". وردا على سؤال حول قضية الفصل بين الدين والسياسة قال القرضاوي: "لا يمكن أبدا الفصل بين الجانبين"، مشيرا إلى أن "أصحاب هذه الدعوة يلجئون إلى الدين إذا وجدوا أن ذلك يخدم مصالحهم ومواقفهم، ويستبعدون الدين إذا رأوا أنه يتعارض مع اتجاهاتهم؛ ومن هنا يسعى هؤلاء إلى التلاعب بالدين". ثم تحدث عن حكم الدين في إنشاء أحزاب على أسس دينية، فأكد أنه "لا مانع من إنشاء أحزاب سياسية على أسس دينية، وهذا الأمر ينطبق على المسيحيين؛ فمن حقهم أيضا إنشاء أحزاب سياسية بشرط أن تكون جميعا خاضعة للدستور والقانون الذي يجب أن يحترمه الكل". وأشار إلى أنه لا يعارض حتى "ظهور أحزاب شيوعية على أن تحترم مشاعر الأغلبية والمقدسات والرموز الدينية... وهذه هي الديمقراطية التي يخشى الحكام العرب الاقتراب منها". وحول الموقف من مشاركة المرأة في الانتخابات البرلمانية، أوضح أن "المرأة والرجل متساويان في الحقوق والواجبات حتى السياسية وغيرها طالما تعلمت (المرأة) ووصلت إلى المراكز المرموقة" من ناحية أخرى، نفى فضيلة الشيخ أن يكون اتحاد علماء المسلمين بديلا للأزهر أو أي مؤسسة دينية أخرى، مؤكدا أن الأزهر لن تستطيع أي جهة منازعته في مكانته لدى كافة المسلمين، وأضاف أن لقاء مرتقبا سيجمعه مع شيخ الأزهر د.محمد سيد طنطاوي ليشرح له أهداف الاتحاد خاصة أن أعضاءه سيكونون من كافة المذاهب، وأن الهدف من وراء إنشائه التقريب وتعميق التسامح والتفاهم بين كافة المسلمين في كل مكان. وقد دشن علماء ومفكرون مسلمون يوم 11-7-2004 في مؤتمر تأسيسي في لندن "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين" الذي يهدف إلى تشكيل مرجعية دينية مستقلة للمسلمين فقهيا وثقافيا في جميع أنحاء العالم. المصدر اسلام اون لاين |