قــــرار العـــــفو

المؤتمر نت (( قراءة تحليليـة )) -
بين امتـنان الاشــتراكي .. و .. فتنة الاصــلاح (( قراءة تحليليـة ))



أجمع المراقبون والمحللون السياسيون في الداخل والخارج على أن قرار العفو الذي اصدره فخامة الاخ رئيس الجمهورية المشير علي عبد الله صالح بحق مجموعة ال ( 16 ) ممن كان قد صدرت بحقهم أحكاما بالاعدام عقب حرب صيف عام 1994م يمثل قرارا سياسيا حكيما للغاية و خطوة جسورة على طريق تعميق البنى الوحدوية الوطنية بين صفوف أبناء الشعب اليمني ، وعدم التخلي عن أي جهد وطني قد يصب في مجرى حركة العمل الوطنية من أجل بناء الدولة اليمنية والارتقاء بانسانها الى المنحنى الحضاري الذي تقف عليه بقية شعوب العالم المتقدمة ..
وكان للقرار وقعا طيبا في نفوس الشخصيات التي شملها قرار العفو ..فبعد بضع ساعات من صدور القرار كان الدكتور حيدر ابو بكر العطاس – الذي كان يشغل منصب رئيس وزراء اليمن قبيل حرب عام 1994م – يتحدث الى قناة (الجزيرة ) الفضائية ، ويعبر عن شكره لفخامة الاخ الرئيس على اصداره قرار العفو ، وفي رده على سؤال الجزيرة فيما يخص احتمالية العودة للوطن أجاب (( نتوقع أن يعود الجميع للوطن للمساهمة في حركة البناء والتنمية )) وأشار أيضا الى (( أن الحزب الاشتراكي موجود في الداخل ويعمل ، وشارك بالانتخابات وأقام مؤتمرات ..))*
أما رئيس حزب رابطة أبناء اليمن (رأي) ونائب رئيس الحكومة سابقا / عبد الرحمن الجفري فعبر عن رأيه قائلا:(( أعتبر القرار الرئاسي الخطوة الايجابية معلنا ترحيبي بها على أساس أنها تشكل أحد عوامل الترسيخ الاصيل لنهج ديمقراطي سوي واعتراف وقبول بالاخر وبالادوار التي يمكن أن يؤديها )) واضاف الجفري في لقاء مع صحيفة (القدس العربي ) الصادرة من لندن : (( أن مسألة العودة حتمية ولابديل منها مهما اعترضتها المعوقات أو المصاعب أني أحمل قضية آمنت بها ونشأت على قدسيتها وهي خدمة وطني وأمتي ولها ومن أجلها سأعود .. ))
كما ونقلت صحيفة (القدس العربي ) في عددها يوم 24/مايو نقلا عن سالم صالح بأنه يرحب بالقرار ويعتبره قرارا جسورا .. بينما وصف ( أنيس حسن يحيى ) القرار – وهو ممن يشملهم العفو - (( أنه خطوة ايجابية تستهدف طي ملفات الماضي بما فيها من مآسي وكوارث ونكبات والالتفات نحو المستقبل لبناء اليمن الحديث الذي تسوده الحريات والديمقراطية ودولة المؤسسات والقانون )) ويضيف لصحيفة ( الحياة اللندنية ) : (( بصدور قرار العفو يزول أي مبرر لوجودي في الخارج ، فمكاننا الطبيعي هو في الوطن وعلينا الاستفادة من القرار )) .
وقال الدكتور ( ياسين سعيد نعمان ) في تصريح لصحيفة (الحياة) : (( أن قرار العفو استجابة واعية لحاجة اليمن ومصالحة مع النفس واغلاق ملفات الصراع والتوجه نحو البناء ..)) . وذكر الدكتور فارس السقاف – رئيس مركز دراسات المستقبل – لصحيفا (القدس العربي ) : (( بحسب طبيعة الرئيس علي عبد الله صالح كان متوقعا صدور هذا القرار منذ وقت مبكر ولكن تأجل الى الان بحكم الظروف المحلية والاقليمية والدولية ، وشخصية الرئيس علي صالح أقرب الى التسامح لتجاوز مثل هذه الاشكالات الصغيرة التي تحدث ثقوبا في الثوب الابيض )) وأضاف الدكتور السقاف : (( في نفس الوقت يعتبر قرار العفو الرئاسي على قائمة ال 16 رسالة للخارج فحواها يتلخص في ان النظام مؤهل للاستمرار مع كل الفئات والخصوم وهو استحقاق دولي مطالبة بها اليمن منذ أن وضعت حرب 1994م أوزارها ضمن تعهدها للامم المتحدة بذلك )) ..
وكما نرى – مما سبق – أن قرار العفو قد قوبل الترحيب والشكر والامتنان من قبل الشخصيات السياسية التي شملها العفو ، ومن قبل رموز سياسية بارزة في صفوف الحزب الاشتراكي اليمني .. ووصفه الجميع بالقرار الحكيم من لدن قيادة اليمن السياسية ، ويلبي غايات العمل الوطني التي تحشد كل الجهود لمسيرة البناء والتنمية .. ومع أنه جاء معبرا عن شفافية العمل السياسي الديمقراطي وروح التفاني المتسامحة التي عهدها الشعب اليمني من لدن قيادة الاخ الرئيس / علي عبــد الله صالــح منذ تسنمه مقاليد الحكم في اليمن وحتى اليوم الذي توجه بأفراح أعياد الوحدة والعفو عن القيادات الاشتراكية التي أدينت بمسئوليتها عن حرب الانفصال .. الا أن القرار جاء – أيضا – ملبيا لارادة وطنية حرة تضع نصب أعينها مصلحة الوطن وأبنائه في صيرورة بنى الوحدة الوطنية ، وأثرها على الاستقرار الذي هو شريطة أي مشروع وطني تنموي بالحجم الذي تسير على نهجه الدولة اليمنية الحديثة ..
علاوة على أن قرار العفو كان يواكب العديد من المتغيرات الاقليمية والدولية التي لم تعد تسمح بترك أي ثغرات قد يسيل لها لعاب القوى المتربصة بالامة العربية وأبنائها .. بعد اختلال موازين القوى في المنطقة اثر الاحتلال الانجلو – أمريكي للعراق ، واستشراء الارهاب الاسرائيلي – مما سيعني الحاجة الماسة لمزيد من أسباب التوحد لابناء الشعب العربي ، ومزيد من أسباب الامن والاستقرار الوطني في كل قطر والذي لايمكن ان يتحقق بغير القرارات السياسية الشجاعة المبنية على أسس معرفية بقيم الديمقراطية ، وروح الاخاء والتكافل والتسامح الانساني على غرار قرار العفو الذي اصدره الرئيس علي عبد الله صالح عشية اعياد الوحدة اليمنية الخالدة ..
وفي ظل هذه الفلسفة اليمنية الاخلاقية النادرة التي تحلى بها قائدنا الملهم وهو يمد يده لكل اليمنيين للتظافر والتآزر في كل حين .. يبقى الموقف الاكثر غموضا في الساحة الوطنية هو ماآل اليه موقف حزب التجمع اليمني للآصلاح بعد صدور قرار العفو ..فبالرغم من اصدار قيادة الاصلاح بيانا سياسيا ترحب فيه بالقرار – ولو على استحياء وبشيء من التلاعب اللفضي – الا أن ماأفرزته الايام القليلة الماضية من خطابات اعلامية وتحليلات اخبارية مكذوبة على صفحات ( الصحوة نت ) تنم عن حالة من الاضطراب النفسي الانفعالي السلبي من القرار بما لايمكن تبريره باي حال من الاحوال أو حتى مقارنته ببيان الترحيب الرسمي الصادر عن قيادة الحزب ..
فقد نقلت صحيفة (القدس العربي ) يوم 24/ مايو عن قيادي في حزب الاصلاح قوله : (( أن القرار له حيثياته أهما أنه اتخذ بدون أي شفافية وهو مايجعلنا ونحن نرحب باغلاق ملف حرب الانفصال نطالب أيضا بمعرفة خلفيات القرار الرئاسي )) .. بينما ذهبت ( الصحوة نت ) الى اعتماد اسلوب النبش بصفحات الماضي ، واحياء ذكريات مؤلمة من مفكرة السبعينيات واوائل الثمانينيات ، والاجتهاد في تقليب المواجع واثارة الفتن على طريقة النفاق الاصلاحي الذي لايكل حزب الاصلاح عن امتهانها في كل مناسبة .. الاصلاح اليوم يتباكى على ماضي الاشتراكي ، ويذرف الدموع على أناس يعرفون جيدا أي أناس هم أولئك المتخفون تحت جلابيب الدين ليعتلوا المنابر من أجل تكفير هذا وذاك ، واشعال الفتنة بين هذه الجماعة وتلك ، وامتطاء ظهور البسطاء والجهلاء للزج بهم في أتون الاجرام والارهاب ..
ان الاصلاح سيدخل طورا جديدا من لعبته السياسية هذه الايام من خلال محاولته تأليب الماضي ، وتحريض الاشتراكيين على تصعيد الموقف من القيادة السياسية اليمنية ، وشحن الساحة بالتوترات عبر ايحاءاته للاشتراكيين بان القرار كان (( الغطاء المناسب لشغل الناس وبخاصة شخصيات الزمرة وصرف نظرهم عن قرارات ابعادهم التي طالت …..)) حسب مانشرته الصحوة نت يوم 25/مايو ضمن أخبارها المحلية ..ولم يكتف الاصلاح بهذا القدر ،بل صار يوحي لهم بان عليهم رفض العفو لحين الحصول على (( ضمانات لمصالحة وطنية )) ويصور الامر في الصحوة نت بانه (( تفكيكا لجبهة المبعدين )) ..
لاشك ان الدافع النفسي للاصلاح للقيام بهذا الدور الدنيء في اثارة الفتن وعرقلة مشروع وحدة الصف الوطني لايأتي من فراغ ، بقدر ماينم عن الاستراتيجية التي تترعرع في ضوئها مثل هذه التيارات السياسية التي تعشعش عناصرها في فساد الامور وخراب الاوطان وعدم الاستقرار وفي كل فتنة وصراع يلهي السلطة عن متابعة نشاطاتها المريبة .. فرغبة الرئيس علي عبد الله صالح في لم شمل البيت اليمني السياسي ، والاستفادة من مساهمة كل اليمنيين في بناء الدولة اليمنية الحديثة ، يفهمها التجمع اليمني للاصلاح على أنها دعوزة للقضاء على الفساد والجهل والتخلف والتطرف الديني ، وهي كلها بالنسبة للاصلاح بيوته التي يفرخ فيها ويكبر حتى يستحيل وباءا قاتلا يجتاح كل عقيدة سامية ، وكل قيم أخلاقية نبيلة ، وكل مشروع للتقدم والازدهار ، وكل دعوة للخير والمحبة والسلام ..


تمت طباعة الخبر في: الثلاثاء, 05-نوفمبر-2024 الساعة: 12:10 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/1560.htm