الوحدة في فكر المؤتمر منذ تأسيسه في الـ24 من اغسطس 1982م جعل المؤتمر الشعبي العام قضية إعادة تحقيق الوحدة اليمنية واحدة من أبرز اولوياته التي سعى لتحقيقها من منطلق أن الوحدة حق الشعب كل الشعب وليست حق فئة أو حزب أو جماعة من الناس، ومن هنا واصل قادته المؤسسون السير على ما تم انجازه في هذا المسار عبر مواصلة اللقاءات مع قيادات الحزب الإشتراكي في الشطر الجنوبي سابقاً للوقوف أمام مجمل القضايا المتعلقة بإعادة تحقيق الوحدة اليمنية وتقريب وجهات نظر الجانبين لتحويل هذا الحلم إلى حقيقة وواقع وطني معيش. كانت الوحدة اليمنية تمثل القضية الرئيسية لقيادات المؤتمر -مؤسسين وأعضاء- ولم يكن من المقبول إخضاعها للمزايدات والمكايدات أو للحسابات الشخصية التي تنظر لمصلحتها دون مصلحة الكل، وتنطلق في حساباتها من منطلق الربح والخسارة وبمفاهيم لا ترقى إلى درجة من المسؤولية الوطنية والشعبية. لقد رأت قيادات المؤتمر أن الوحدة قضية مصيرية لا تقبل التجزئة من منطلق الإيمان المطلق بالوطن الواحد الكبير وأن قوة أي شعب أو أمة تكمن في وحدتها..، وكون الوحدة قوة وعزاً وشرفاً ونصراً دائماً للوطن والشعب بإذن الله، وهذا ما أكد عليه "الميثاق الوطني" النظرية الفكرية والسياسية للمؤتمر الشعبي العام "إن الوحدة الوطنية هي القوة التي نواجه بها كل المخاطر التي تهدد كياننا واستقرارنا وسيادتنا الوطنية". كما أكد الميثاق الوطني على أن"وحدة الوطن هي قدر شعبنا وضرورة حتمية لتكامل نموه وتطوره، وضمانة لقدرته على حماية كيانه وقدرته على أداء دور فعال وإيجابي على المستوى القومي والدولي". ووفقاً لهذه التأكيدات بقيت الوحدة اليمنية حاضرة في كل خطاب سياسي لقيادة المؤتمر والدولة، وحثت الخطى نحو تكثيف اللقاءات مع قيادة الحزب الاشتراكي وتقريب وجهات النظر فيما بينها. بدأت ملامح الصورة الوحدوية تتضح وتتجلى مع مرور السنوات وفي ظل إصرار غير عادي على توحيد الجغرافيا واستعادة التاريخ اليمني المسروق. مضت الأيام والأشهر والسنوات في اتجاه العنوان الواحد والكبير لليمن.. وتقاربت وجهات النظر إلى أبعد مدى حتى كان الـ30 من نوفمبر 1989م، التاريخ المضيئ لليمن واليمنيين وفاتحة الكتاب اليماني التي أذنت بإزالة الثنائية الشطرية والإعلان عن استعادة اليمن واليمنيين جغرافيتهم وتاريخهم اليماني الواحد في الـ22 من مايو 1990م، وكل ذلك تم على رؤى واضحة تتجه للمستقبل وبنائه دون العودة مطلقاً إلى الوراء مهما كانت الظروف والتحديات. تحققت الوحدة بإذن الله ثم إرادة جماهير الشعب الوحدويين، ومضت اليمن في طريق كتابة تاريخها الجديد بكل قوة وعنفوان والعمل على حماية كيان اليمن، أرضاً وشعباً، من أي خطر خارجي أو داخلي يتهدده. لقد مثلت الوحدة اليمنية بالنسبة للمؤتمر الشعبي العام وكل الوحدويين الشرفاء من أبناء الوطن انتصاراً حقيقياً لليمن واليمنيين وتتويجاً لنضالات شعبنا منذ تحقيق ثورته اليمنية المباركة "26 سبتمبر و14 أكتوبر" المجيدتين.. وهو المنجز الأهم في تاريخ اليمن المعاصر الذي تم إنجازه ترجمة وتنفيذاً للإرادة الشعبية الحقيقية في كلا الشطرين وفي ظل ظروف عربية صعبة، وليمثل بذلك اروع منجز لا يخص الشعب اليمني فحسب وانما الشعوب العربية التي رأت في إعادة تحقيق الوحدة اليمنية بوابة لتحقيق الوحدة العربية الشاملة. مضت الوحدة اليمنية ثابتة وراسخة وانتصر الشعب على كل المؤامرات التي حيكت ضدها ولم تتغير مواقف المؤتمر الشعبي العام تجاه مجمل القضايا الوطنية وفي مقدمتها الوحدة التي يؤكد أنها من الثوابت التي لا يمكن تجاوزها أو المساومة عليها، فهي وإن كانت مكسباً شعبياً هي أيضاً ضمانة حقيقية لمواجهة كل المؤامرات والتحديات التي تواجه الوطن والشعب. ويدرك المؤتمر الشعبي العام اليوم ومعه كل القوى الوطنية الشريفة أن الوحدة اليمنية تواجه اعتى عدوان غاشم وللعام السابع على التوالي وما يهدف إليه من تفتيت للوطن وإعادته مقسماً ومجزءاً ليس الى شطرين كما كان سابقاً وانما إلى كنتونات ودويلات صغيرة تظل في حالة صراع وشتات خدمة لمصالحه ومصالح سادته من الدول الغربية التي تحركه وتوجهه كيفما تشاء ووقتما تشاء. يقيناً فإن إحياء المؤتمر للذكرى الـ39 لتأسيسه وسط استمرار العدوان هو رسالة واضحة نؤكد من خلالها على تمسكنا بالمبادئ والمفاهيم الوطنية التي تأسس عليها المؤتمر وظل طيلة مسيرته متمسكاً بها ولن يحيد عنها مطلقاً وفي مقدمتها الدفاع عن الوطن وسيادته ووحدته واستقلاله. كما نؤكد على أن المؤتمر سيبقى وفياً لمبادئه، موحداً وثابتاً وراسخاً على الأرض اليمنية التي لا يمكن التفريط بأي جزء من ترابها الطاهر مهما كانت التحديات والمؤامرات التي تستهدف اليمن واليمنيين. إن هذه المناسبة تمثل لنا ميلاداً حقيقياً لوطن كان يعاني من الصراعات وتمكن المؤتمر ومعه أبناء الشعب الشرفاء من إنهائها بفضل الله أولاً ومن ثم قياداته التي عملت طيلة السنوات الماضية في خدمة الوطن وأبناء الشعب وحماية الوحدة اليمنية. ومع كل ما يشهده الوطن من عدوان وحصار لن يجد الحالمون بالتشظي سوى لعنة التاريخ ولعنات هذا الشعب تلاحقهم وتقذف بهم بعيداً بإذن الله. |