فرنسية محجبة تترشح لمقعد برلماني: لست من جيل الهجرة الحجاب الذي نجحت السلطات الفرنسية في تطويقه وابعاده عن مؤسسات التعليم العام, بواسطة قانون صون العلمانية, عاد ليطرق باب الندوة النيابية الفرنسية عبر الانتخابات الجزئية التي تشهدها الدائرة الثامنة في منطقة ايفلين (ضاحية باريس) في 28 تشرين الثاني (نوفمبر) و5 كانون الأول (ديسمبر) المقبل, لملء المقعد النيابي الشاغر نتيجة وفاة النائب اندريه ساميتييه من حزب "الاتحاد من أجل الحركة الشعبية" (اليمين الحاكم). وللمرة الأولى في فرنسا تخوض امرأة محجبة هي أمينة سر حزب "الاتحاد الفرنسي للترابط الوطني" فوزية زبدي غراب هذه الانتخابات, لتصبح إذا حالفها الحظ أول امرأة محجبة تنضم الى البرلمان الفرنسي. فوزية غراب. لكن فوزية غراب (43 عاماً, ربة منزل وأم لثلاثة أولاد) لا تراودها أية أوهام بهذا الشأن, فهي مدركة انها "مرشحة خارجة عن المقاييس الاعتيادية", ولا بد من المزيد من الوقت ليصبح الجسم السياسي الفرنسي قادراً على تقبل امرأة بمواصفاتها. وبانتظار ان يتحقق ذلك, ما المانع من مساعدة الفرنسيين على التآلف مع الحجاب الذي يشكل محط ريبة الكثيرين منهم؟ وهي ربما من هذا المنطلق تعمدت وضع صورتها محجبة على ملصقاتها وبطاقاتها الانتخابية, خصوصاً أن طروحاتها لا تحمل أي مضمون ديني أو طائفي. فحزب "الاتحاد الفرنسي للترابط الوطني", الذي تمثله, تأسس في حزيران (يونيو) 2003, هو على حد قول غراب التي تحدثت الى "الحياة" حركة مواطنية جمهورية, و"هذا مهم جداً لأن كثيرين يرون ان كوني محجبة يعكس تعبيراً دينياً على صعيد الحزب لكن الأمر ليس كذلك, فنحن نعمل من أجل وقف كل أنواع التمييز ومن أجل الاختلاط والتجانس". ومن هذا المنطلق ترفض فوزية ان تصنف بأنها من أبناء الجيل المنبثق من الهجرة, وتعتبر أن هذه التسمية تفرض حال "الغيتو" على فئة معينة من المواطنين, وهو ما لا يساعدهم على مواجهة أوضاعهم المعقدة, كونه يعيدهم الى أماكن جغرافية وأصول خارجة عن فرنسا. وهي تفضل القول انها وسواها من الفرنسيين, الذين في مثل حالها من أصحاب "الاصول الافريقية المغربية", يشكلون "اثراء يمكن أن يقدم الى الأمة, فنحن ابناء الجمهورية الفرنسية ونحن مسلمون, كما اننا مدينون بالكثير لابائنا وأمهاتنا الذين كانوا من ابناء الهجرة أما نحن فقد تجاوزناها". تعتبر فوزية ان ترشيح حزبها لها للمقعد النيابي الشاغر في منطقة ايفلين "يعبر عن شجاعة لم يبدها أي حزب آخر", لكنه ايضاً دليل اصرار "على اننا جزء من التعددية السياسية وعلى سعينا لاعادة تأهيل الديموقراطية التي باتت تفتقر للتنوع". فالحديث عن المساواة والاندماج يبقى عديم المعنى ما لم تفتح أبواب كل المؤسسات بما فيها السياسية, أمام جميع ابناء الأمة, ولذا تقول انها بعدما خضعت شخصياً للتمييز في سوق العمل, رغم حيازتها على شهادات عدة منها شهادة دراسات عليا في الفلسفة, أدركت ان "دفع الأمور نحو التغيير والعمل على وقف التمييز بكل أشكاله الاجتماعية والسياسية والقضائية يتطلب عملاً سياسياً". ولذا فإن عمل حزبها يزعج على حد قولها الأحزاب التقليدية التي اقتصرت حلولها لأبناء الضواحي الفرنسية على انشاء الجمعيات الاجتماعية والنوادي الرياضية "فيما المطلوب هو التحرر السياسي واكتساب الثقة بالذات واتقان استخدام وسائل الاعلام", للخروج من التهميش والانعزال. << الحياة >> |