المؤتمر نت -

الدكتور علي مطهر العثربي -
الأصبحي: عاش وحدوياً ومات وحدوياً
قال تعالى : ( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ، ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً ، فَادْخُلِي فِي عِبَادِي ، وَادْخُلِي جَنَّتِي ) صدق الله العظيم، لقد تلقيت نبأ رحيل الدكتور/ أحمد الأصبحي في الربع من يوليو 2023م ببالغ الأسى وشديد الحزن، وكان لهذا النبأ أثره البالغ على كل من عرف هذا العلم الإنسان الذي لم يبخل على الوطن والأنسان بكل ما يستطيع فعله، فقد أفنى جل حياته في العمل الدؤوب والجاد في خدمة الدين والوطن والإنسانية وتميز في إخلاصه وجده وترك سيرة حافلة بالمنجزات التي تخلد ذكره في السجلات الوطنية والإنسانية، إذ عرفه الناس طبيباً ماهراً وتربوياً مخلصاً وإدارياً مبدعاً، ثم سياسياً متمكناً ومتحدثاً مفوهاً وأديباً متمرساً ودبلوماسياً مجيداً لفن الدبلوماسية الحديثة ووحدوياً غيوراً على وحدة وطنه اليمني الكبير وباحثاً ومفكراً التزم الموضوعية والمنهجية العلمية فيما خلفه من التراث العلمي الذي يعد مدرسة تنهل من فنون علمها الأجيال المقبلة.

إن الحديث عن الأعلام الذين رحلوا عن دنيانا يشعل فيضاً من ذكر مناقبهم ودماثة أخلاقهم وعظيم سيرتهم ، فقد عرفت الدكتور/أحمد الأصبحي في العمل التنظيمي كعلامة شديدة الوهج أضأت دورب كل من عمل معه في ريادة العمل التنظيمي في التنظيم الشعبي الرائد المؤتمر الشعبي العام عندما كان أميناً عاماً مساعداً للشؤون السياسية والعلاقات الخارجية ، ولعل تلك المعرفة قد عرفتنا بتاريخ سجله التنظيمي عندما كان أمين سر اللجنة الدائمة وما قدمه في مجال اختصاصه من الاهتمام بالتوثيق الذي يعد ذاكرة الوطن اليمني كله ، إذ يندر الاهتمام بمثل هذه الأعمال التي تخدم ذاكرة الوطن وتحفظ تاريخه.

إن الدكتور الأصبحي علم من أعلام اليمن والجزيرة العربية والوطن العربي والأمة الإسلامية والعالم، فقد كانت اهتماماته شاملة وغير محصورة في رقعة جغرافية محددة اتضح ذلك من خلال استعراض انتاجه الفكري الواسع الذي تركه للأجيال كمدرسة فكرية لها منهجها العملي والعلمي الذي عرف به الدكتور الأصبحي وخلد اسمه من خلال ذلك العطاء المتميز الذي يستحق الاهتمام والرعاية ، وقد خصص الدكتور الأصبحي جل حياته من أجل أغلى أهداف الثورة اليمنية السادس والعشرين من سبتمبر والرابع عشر من أكتوبر عامي 62-1963م فكان مناضلاً وحدوياً جسوراً عرفت أدواره في مختلف مراحل العمل الوطني من أجل استعادة اللحمة اليمنية التي تحققت في الثاني والعشرين من مايو1990م ، وقد استمر يدافع عن وحدة الأرص والإنسان اليمني حتى آخر لحظة من حياته، ولم تؤثر عليه الزوابع التي تعرضت لها الوحدة اليمنية منذ نكبة 2011م وحتى اليوم ، وجدد إيمانه بالوحدة اليمنية بالصمود في وجه مشاريع التشطير والتمزيق وآخرها ممارسة العدوان على السيادة اليمنية ومحاولة فرض التشطير بقوة الحديد والنار ولم يدرك تحالف العدوان على اليمن أن الوحدة اليمنية هي قدر اليمنيين مصيرهم.

نعم هكذا هم اليمنيون ألو بأس شديد يحافظون على وحدة قدرهم ومصيرهم الأبدي فيحيون وحدويون ويموتون كذلك، لن تغرهم المنافع الخاصة لأن عزة الوحدة فوق كل منفعة وكرامة الوطن فوق كل مصلحة ، وقد كان الدكتور الأصبحي من هذا الصنف لأنه تحلى بحب الوطن وتشبع بالولاء لله ثم لقدسية التراب الوطني ، ولذلك كان رحيله خسارة على الوطن أولاً وأخيراً ، لأن اليمن مازالت بحاجه إلى أمثاله من أجل الذود عن سلامة الوحدة اليمنية رمز بقاء الدولة اليمنية الحديثة واللبنة الأولى في صرح الوحدة العربية الشاملة بإذن الله.

ولئن كان الدكتور الأصبحي قد رحل عنا جسداً فسيظل نبراساً فكرياً وسيظل تاريخه حياً في ذاكرة الوطن تتذكره الأجيال تلو الأجيال، لأن ما خلفه من سيرة عطرة محل فخر لكل يمني وعربي ومسلم وإنساني في العالم ، وكل ذلك محل عزاؤنا في هذه الخسارة أسأل الله العلي القدير أن يتغمده بواسع الرحمة ويسكنه فسيح جناته ويلهم شعبنا وأهله وذويه ورفاق دربه النضالي ومحبيه الصبر والسلوان.
إنا لله وإنا إليه راجعون

* أستاذ العلوم السياسية
عضو مركز الدراسات السياسية الاستراتيجية
بجامعة صنعاء
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 03:53 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/170120.htm