المؤتمر نت -

أ.د عبدالعزيز صالح بن حبتور -
الشَّيخ/ زيد بن مُحمَّد أبو علي الذي خسرَهُ اليمنُ العظيمُ
ودعتِ الجماهيرُ اليمنيَّةُ - بحُزنٍ عميقٍ - الشَّيخَ الفاضِلَ / زيد أبو علي عميدَ البرلمانيينَ اليمنيينَ، وعُضوَ اللجنَّةِ العامَّةِ للمُؤتمرِ الشَّعبيّ العام ، بتاريخ 17 / يوليو / 2025م ، رحمَهُ اللهُ، وأسكنَهُ الجنَّةَ الواسِعةَ، وكان يوماً مُفجِعاً مأساويَّاً بحقِّ اليمنِ واليمنيينَ؛ كونُ فقيدِنا كان من بينِ أحبِّ النُّوَّابِ الشّيوخ البرلمانيينَ اليمنيينَ قُرباً والتصاقاً، وتعايُشاً مَعَ مُحبِّيهِ النَّاخبينَ في منطقتِه المحويت، الدَّائرةِ رقم 241، وفي العاصمةِ صَنعَاءَ.
لقد اكتظَّتِ السَّاحاتُ والشَّوارعُ والحارتُ الضَّيقةُ في منطقةِ مُديريَّةِ الطَّويلةِ في مُحافظةِ المحويت بجُمُوع مُحبِّيهِ، وأصدقائه، ورِفاقِهِ، ومن جماهيرِ النَّاسِ البُسطاءِ التي كانَ قريباً منها، ولصيقاً بهُمومِها الحياتيَّةِ، وقضاياها اليوميَّة .
تعرفتُ إلى فقيدِنا الشَّيخ / زيد أبو علي في إحدى زياراتي الرُّوتينيَّةِ إلى مدينةِ المحويت؛ لزيارةِ مدارسِها، ومعاهدِها يومَ كنتُ مسؤولاً قياديَّاً في وزارةِ التربيَّةِ والتَّعليم في العام 2003م، وحينَها كنتُ في زيارةٍ تفقديَّةٍ لامتحاناتِ طُلَّابِ المدارسِ الثانويَّة ، وقد رحَّبَ بي ترحيباً كثيراً، واهتمَّ بتلك الزِّيارةِ ونتائجها، ومُنذُ ذلك التاريخ نشأتْ بينَنا علاقةُ صداقةٍ، وأخوَّةٍ كريمةٍ كانتْ من أجملِ ذكرياتِ الحَياةِ مَعَ الشَّيخ الوقُورِ الشَّهمِ أبو زيد ، وتكرَّرتْ زياراتُنا، والتقاؤنا به هُنا في العاصمةِ صَنعَاءَ من خلالِ تبادُلِ الزِّياراتِ بينَنا الرَّسميَّةِ، والشَّخصيَّةِ ، وكانتْ أهمُّها أثناءَ جلساتِ اجتماعاتِ مجلسِ النُّوَّابِ، حينَما كنتُ أحضرُ؛ لتمثيلِ حُكومةِ الإنقاذِ الوطنيِّ/ صَنعَاءَ، وقضاياها ، وفي الاجتماعاتِ الدَّوريَّةِ التنظيميَّةِ الحزبيَّةِ للجنتينِ الدَّائمةِ، و العامَّةِ للمُؤتمرِ الشَّعبيِّ العام، وفي أمكنةٍ عدَّةٍ في عمُومِ اليمنِ العظيم.
للشَّيخِ الكبير / زيد أبو علي مواقفُ وطنيَّةٌ، وإنسانيَّةٌ لافتةٌ يُمكنُنا الوقوفُ أمامَها في الآتي :

أوَّلاً :
ــــــــــــــ
مرَّتِ الجُمهُوريَّةُ اليمنيَّةُ بأحداثٍ سياسيَّةٍ مُزلزِلةٍ كادتْ أن تعصفَ بالدَّولةِ اليمنيَّةِ، والثورةِ المُباركةِ، والوحدةِ الأبديَّةِ للشَّعبِ، وقد وصلتْ في لحظاتٍ تاريخيَّةٍ مفصليَّةٍ حدَّ الانهيارِ التامِّ ، لكنَّ شيخَنا الجليلَ زيد أبو علي قد أثبتَ للمرَّةِ الألف ولاءَهُ، وثباتَه، وصمُودَه، و وقوفَه الثابتَ والمبدئيَّ إلى جانبِ دُستُورِ الجُمهوريَّةِ اليمنيَّةِ، ومع ثباتِ دولةِ الوحدةِ اليمنيَّةِ المُباركةِ، وقيمِ ومبادئِ، وأرواحِ شُهداءِ الثَّورةِ اليمنيَّةِ .

ثانياً :
ــــــــــــــ
وقفَ إلى جانبِ اليمنيينَ الوحدويينَ الأحرار في العاصمةِ صَنعَاءَ ، ورفضَ جميعَ الإغراءاتِ المادِّيَّة، والماليَّةِ، والوجاهيَّةِ الَّتي حاول المُحتلُّون الجُدُدُ لليمن العظيمِ تقديمَها له ، وهُم دولُ العُدوانِ السُّعُوديّ/ الإماراتيّ، وصمدَ مع الأحرار الأبطالِ في العاصمةِ صَنعَاءَ.

ثالثاً :
ـــــــــــــ
رفضَ بشدَّةٍ تشطيرَ حزبِ المُؤتمرِ الشَّعبيّ العام إلى قسمينِ ، يكونُ جُزءٌ منه في الدَّاخلِ ، وتحديداً في العاصمةِ صَنعَاءَ، والجُزءُ الآخرُ مُهاجرٌ في الشَّتاتِ بالخارج ، وأعتبرَ الشَّيخُ/ زيد أبو علي قوَّةَ المُوتمرِ الشَّعبيّ العامّ بجماهيرِه الواسعةِ، هو في ثباتِه، وصمُودِه على أرضِ المُقاومةِ الحُرَّةِ في رُبُوعِ اليمن المُقاومِ للعُدوانِ الخارجيّ .

رابعاً :
ــــــــــــــ
للشَّيخِ زيد أبو علي بصَمَاتُه الإنسانيَّةُ،ومُساهماتُه المُباشرةُ، وغيرُ المُباشرةِ في تشييدِ، وبناءِ مراكزِ الخير، والإحسانِ للفقراءِ، والمساكينَ، والأشخاصِ ذوي الإعاقةِ في منطقتِه، مُحافظةِ المحويت، وفي العاصمةِ صَنعَاءَ، وهذهِ الأعمالُ الخيريَّةُ تُحسبُ له في الدُّنيا، والآخرةِ بإذنِ الله.

خامِساً :
ــــــــــــــــ
كُنَّا في آخرِ زيارةٍ له في منزلِه العامرِ في العاصمةِ صَنعَاءَ؛ بمُناسبةِ شفائهِ من جلطةٍ عابرةٍ كادتْ أن تُوديَ بحياتِه ، كانَ في قمَّةِ نشاطِه، وحيويَّتِه وسُرُورِه بزيارتِنا لَهُ ، أتذكَّرُ أنَّ من بين الأصدقاءِ الذينَ زاروه ، الشَّيخُ/ حُسين حازب، وزيرُ التعليمِ العالي الأسبق ، واللواءُ رُكن / عوض بن فريد الطوسلي العولقيّ، مُحافظُ مُحافظةِ/ شبوةَ، واللواءُ رُكن / لُقمان باراس، مُحافظُ مُحافظةِ/ حضرموتَ ، واللواءُ رُكن / قعطبي الفرجي المصعبي، مُحافظُ م / المَهَرَة ، واللواءُ رُكن / صالح أحمد الجُنيدي، مُحافظُ م / أبين، وعددٌ آخرُ مِنَ الزُّملاءِ والأصدقاء .

سادِساً :
ـــــــــــــــــ
حينَما كنتُ مريضاً بمرضِ كوفيد 19 ( فيرُوس كورونا ) في المُستشفى ، ومنعَ الأطبَّاءُ عني أيَّةَ زيارةٍ ، حضرَ كعادةِ الأصدقاءِ، وطلبَ الدُّخُولَ لزيارتي، وتمَّ منعُه منعاً باتَّاً من قِبلِ الفريقِ الطبيّ ، لكنَّهُ أصرَّ على الزيارة، وقيلَ لَهُ يومَذاكَ بأنَّ الأطبَّاءَ الاختصاصيينَ يخشونَ على أيِّ زائرٍ أن يُصابَ بالمرضِ ذاتِه، وقال لهُم أريدُ أن أزورَه، ولو جاءتْ ساعتي عندَهُ، فهذا ما يُريحُني، وما أطلبُه مِنَ الله ، تخيَّلُوا كم هو هذا الشَّيخُ الجليلُ البطلُ شُجاعٌ، ووفيٌّ يريدُ أن يزورَني حَتَّى لو يموتُ بعدَها بلحظاتٍ ، إنَّه الشَّيخُ الوفيُّ الكريمُ / زيد أبو علي رحمةُ اللهِ عليه.

سابعاً :
ـــــــــــــــ
يمتلكُ الشَّيخُ زيد أبو علي رُوحاً إنسانيَّةً قبليَّةً صادِقةً صافيةً تُجاهَ الآخرينَ ، وسعى طيلةَ حياتِه للقيامِ بالإصلاحِ القبليّ، والاجتماعيّ، والإنسانيّ بينَ القبائل ، وحقنِ دماءِ العديدِ مِنَ المُتخاصِمينَ مِنَ القبائلِ، وكانَ لَهُ دورٌ حاسِمٌ في نزع فتيلِ الفتنِ القبليَّةِ والاجتماعيَّةِ ، ودورُه أصبح مشهُوداً ، يُشارُ له بالبَنَان .

الخُلاصة :
ـــــــــــــــــــ
إنَّ الشَّخصيَّاتِ القبليَّةَ والوطنيَّةَ، والبرلمانيَّةَ اليمنيَّةَ من أمثالِ شيخِنا الجليلِ / زيد أبو علي لا تموتُ بمُجرَّدِ عودةِ الرُّوحِ إلى بارئها، بل تبقى خالدةً مُخلَّدةً في وجدانِ، وضميرِ الآلافِ مِنَ المُواطنينَ اليمنيينَ الذين انحازوا إلى قضاياهم، وموضُوعاتهم، ومصالحهم.
بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم [يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي] صدقَ اللهُ العظيم.

"وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيْمٌ"

عُضو المجلسِ السِّياسيّ الأعلى بالجُمهُوريَّةِ اليمنيَّةِ/ صَنعَاءَ.
نائبُ رَئيْسِ المُؤتمرِ الشَّعبيّ العام
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 24-ديسمبر-2025 الساعة: 08:50 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/184032.htm