المؤتمر نت -
الهجرة أعظم حادث في تاريخ المسلمين
في هذه الآونة الحاضرة من تاريخ الدنيا ومر الزمن،يقف أبناء الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها وقفة الاعتبار والذكري لأنهم يودعون من حياتهم عاما مضي بما له وما عليه، ولايدرون ما الله قاض فيه،وهم يستقبلون ببزوغ هلال السنة الهجرية بعد قليل عاما جديدا لا يدرون ما الله فاعل فيه: وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير لقمان: من الآية34 .

وهم في هذه الوقفة يتذكرون اعظم حادث في تاريخهم كان نقطة التحول في تاريخ البشرية وكان بداية الانتقال من الضعف الي القوة ومن الحيرة والبلبلة الي الاستقرار والاستعلاء الا وهو حادث هجرة النبي محمد عليه صلوات الله وسلامه عليه من مكة الي المدينة بعد ان فعل الكافرون به وبقومه الافاعيل وبعد ان تربصوا بدين الله الدوائر ووقفوا لدعوة النور في كل مرصد يقطعون عليها الطريق،ويعذبون اهلها العذاب الشديد لا لشيء إلا لأنهم قالوا:ربنا الله وفوق ان هذه الهجرة كانت رحمة من الله لعباده ونجدة نراها قد انطوت علي دروس كثيرة عميقة الدلالة دقيقة المغزي بعيدة الاثر في نفوس الكرام ومن واجب المسلمين ان يحسنوا الانتفاع بهذه الدروس عن طريق تذكرها والتأثر بها ان في ذلك لذكري لمن كان له قلب أو ألقي السمع وهو شهيد ق:37 .

من الدروس التي نفقهها في حادث الهجرة ان صاحب المبدأ القويم الكريم لا يساوم فيه ولا يحيد عنه بل هو يجاهد من اجله ما استطاع إلي ذلك سبيلا وهو يستهين بالشدائد والمصاعب تعترض طريقه عن يمين وشمال ولكنه في الوقت نفسه لا يصبر علي الذي يناله ولايرضي بالهوان يلحق دعوته فإذا أحس بشيء من ذلك نأي بدعوته عن مواطن إذلالها واغترب بها ليحفظ كرامتها ويصون حياتها ولو أدي ذلك الي ترك البلد والوطن والاهل والسكن وهاهو ذا محمد صلوات الله عليه يترك مع صحبه ديارهم وعقارهم ومساكنهم واموالهم ويخرجون مغتربين في سبيل الله مجاهدين لوجه الله فأعز الله شأنهم وكتب النصر لهم وزكي رسول الله شأن هذه الغربة حين قال: بدأ الإسلام غريبا،وسيعود غريبا كما بدأ،فطوبي للغرباء .

لاتنكر للوطن

وإذا كان امام الأنبياء محمد عليه الصلاة والسلام قد ترك داره ووطنه في سبيل دينه ودعوته فليس معني هذا أنه تنكر لهذا الوطن أو نسي حقه،أو استهان بمكانته-معاذ الله-فإن الرجل الأصيل وان اغترب يظل حافظا عهد بلاده ذاكرا حقوق وطنه فهذا رسول الله يخرج من مكة مهاجرا مرغما ومايكاد يبلغ ظاهر مكة حتي يلتفت إليها في حنين عارم وشوق قاهر وحب عميق ويناجيها قائلا: والله انك لأحب أرض الله إلي،وإنك لأحب أرض الله إلي الله،ولولا أن أهلك اخرجوني منك قهراَ ماخرجت ،وكان كلما الح به الشوق وبصحبه إلي مكة يدعو ربه قائلا: اللهم حبب إلينا المدينة،كما حببت إلينا مكة وذلك لتخف حدة الشوق وترجم القرآن الكريم عن شوق محمد الي مكة وتعلقه بها وعن تلطف الله برسوله في هذا المجال فقال سبحانه: ان الذي فرض عليك القرآن لرادك إلي معاد القصص:85

ولقد امر الله نبيه قبل الهجرة بأن يتجه في صلاته الي بيت المقدس فاطاع الرسول امر ربه وان كان يحب في نفسه التوجه إلي الكعبة في مكة وجعل محمد يقلب وجهه إلي الكعبة ولما نزل القرآن بالتحول إلي الكعبة استدار محمد وهو في صلاته فكان في نصفها الأول متجها إلي بيت المقدس،واتجه في نصفها الآخر إلي الكعبة،وليس وراء ذلك تقدير للوطن وحب له من الغريب الأكرم محمد صلي الله عليه وسلم.

ومن دروس الكفاح التي نأخذها عن الهجرة ان الشباب إذا نبتوا في بيئة الصلاح والتقوي والتهذيب ،نشأوا علي العمل الصالح والسعي الحميد والتصرف المجيد وهؤلاء هم شباب الاسلام،قد رضعوا رحيق التربية الدينية الكريمة فكان لهم في مواطن البطولة والمجد اخبار وذكريات وهذه طائفة منهم تشارك في حادث الهجرة افضل مشاركة هذه عائشة الصبية تعد الطعام للمهاجرين العظيمين وهذه اسماء الفتية تحمل الزاد لهما وتربطه بنطاقها وهذا عبدالله بن ابي بكر الفتي يتجسس لهما ويحمل اليهما الاخبار وهما مختفيان في الغار وهذا علي بن أبي طالب الشاب يتعرض للتضحية الكبري ويقدم علي الفدائية المثلي فينام في فراش الرسول ليلة الهجرة وهو يعلم ان سيوف المشركين تستعد للانقضاض علي النائم فوق هذا الفراش ويظل علي في مكة بعد ذلك يؤدي الامانات إلي اهلها ثم يهاجر علي الشاب منفردا في ثقة وايمان.

الله ينصر من ينصره

ومن الدروس التي نأخذها عن الهجرة:ان الله ينصر من ينصره ويعين من يلجأ اليه ويعتصم به ويكون للعبد المخلص الموقن حين تنقطع به الاسباب وحين يخذله الناس فهذه هي الهجرة يراها الاغرار الجهلاء فرارا وانكسارا ولكنها في الواقع كانت عزا من الله وانتصارا وهذا محمد وصاحبه تجتمع عليهما قوي البغي والطغيان فتقبل عليهما عناية الرحمن: إلا تنصروه فقد نصره الله إذا اخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فانزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلي وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم التوبة:40 .

بم نصر الله رسوله يوم الهجرة؟

نصره الله بأضعف جنده وما يعلم جنود ربك الا هو نصره بنسج العنكبوت: إن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون العنكبوت:من الآية41 ونصره ببيض الحمام وما أرق بيض الحمام إن في ذلك لعبرة لمن يخشي النازعات:26 .

يا أتباع محمد صلي الله عليه وسلم:إن المسلمين وهم بين العام الراحل والعام المقبل لابد لهم من نظرة يلقونها علي سجلاتهم وصفحات حياتهم لينظروا ماذا كسبوا؟ وماذا خسروا؟ فيحمدوا الله- جل جلاله-علي ما ربحوه ويستغفروه مما اقترفوه أو صنعوه،فلنقف بين العامين وقفة المهاجر بنفسه وان لم يهاجر بحسه فلنهاجر إلي الله بقلوبنا وعقولنا وأعمالنا ولنلجأ إليه حتي يكون لنا ومعنا.. إن ينصركم الله فلا غالب لكم وأن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلي الله فليتوكل المؤمنون آل عمران:160 واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون

تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 05:19 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/19165.htm