القضاء اليمني ودوره في حماية حقوق الإنسان:رؤية عامة حقوق الإنسان في الاتفاقيات الدولية -التي صارت اليمن طرفا دوليا فيها- قد عُكست في التشريعات اليمنية بصورة واضحة عدا استثناءات قليلة مثل تجريم تبديل الدين أو زواج مسلمة من رجل غير مسلم, ومهما تكن تلك الاستثناءات فإنها لاتخل بالتزامات اليمن الدولية من الناحية النظرية على الأقل, ولعل اليمن تحتل موقعا متقدما في هذا الطريق مقارنة بالدول العربية ومعظم دول العالم النامي والضمانات القانونية لكفالة حقوق الإنسان واحترامها في اليمن تتجلى في الواقع كلما وضعت تلك الضمانات موضع التطبيق العملي من قبل المؤسسة العدلية ( القضاء) .. فالقضاء هو الذي يطبق تلك القوانين التي سبق القول إنها وضعت ضمانات نظرية لحماية حقوق الإنسان وذلك التطبيق فيه الكفاية متى تحقق في الواقع. ونتيجة قصور دور مؤسسات المجتمع المدني فإن القضاء في اليمن اصبح يقوم بدور رئيس لضمان حقوق الإنسان اليوم وإلى مدى زمني بعيد في المستقبل. فالقضاء القوي المستقل هو الضمانة الأولى لحقوق الإنسان.. ذلك لأنه المعني بتطبيق النصوص القانونية التي تكفل حقوق الإنسان.. وهو الذي يبطل الإجراءات المخالفة للقانون وهو مصدر الأحكام التي تعيد الحقوق لأصحابها, وهو وحدة الذي يصدر الحدود وليس السلطة التنفيذية أو التشريعية. وهو الذي يحكم بالتعويض لضحايا الانتهاكات.. وتقوم فيه المحكمة العليا بضمانة نهائية كونها تلغي القوانين غير الدستورية والأحكام التي تنتهك حقوق الإنسان المكفولة في الدستور والقوانين. والمنظومة القانونية اليمنية تضع بيد القضاء والقضاء نصوصا قانونية يؤدي إعمالها في الواقع إلى الاطمئنان على حقوق الإنسان وسجّل القضاء اليمني سوابق قضائية متصلة بحقوق الإنسان, مثل قضايا حرية الرأي والتعبير, وأصدرت بعض المحاكم أحكاما بتعويض ضحايا سوء استخدام السلطة, ومن هذه الأحكام حكمان قضائيان صدرا الأسبوع قبل الماضي قضيا ببراءة صحف وصحفيين من التهم المنسوبة إليهم في دعاوى رفعتها جهة رسمية هي لجنة الانتخابات, وفي حالات أخرى أبطلت محاكم إجراءات مخالفة للقانون نتجت عن ممارسات من قبل أجهزة السلطة التنفيذية, وكان عدد من تلك الأحكام القضائية قد صدرت في حق الحكومة, مثل وزارة التربية ووزارة الخارجية وجامعة صنعاء وغيرها. والحق أن القضاء المستقل والقوي هو ا لضمانة الأولى لحقوق الإنسان ويزداد كلما تعززت مكانة القضاء، فالمنظومة الدستورية والقانونية تحيطه بالاحترام إلى حد كبير، وتضع بين يديه أدوات تحقيق العدالة وضمان حقوق الإنسان. فالدستور ينص على أن القضاء سلطة مستقلة قضائيا وماليا وإداريا, والنيابة العامة هيئة من هيئات, والقضاة مستقلون لاسلطان عليهم في قضائهم لغير القانون, ولا يجوز لأي جهة, وبأية صورة, التدخل في القضايا أو في شان من شئون العدالة, ويعتبر مثل هذه التدخل جريمة يعاقب عليها القانون, ولا تسقط الدعوى فيها بالتقادم.. كما ينص على أن المتقاضين متساوون أمام القضاء مهما كانت صفاتهم وأوضاعهم، كما تمارس المحكمة العليا، الرقابة على دستورية القوانين واللوائح والأنظمة والقرارات.، والفصل في تنازع الاختصاصات بين الهيئات القضائية والفصل في الطعون الانتخابية والفصل في الطعون والأحكام النهائية و الرقابة على المحاكم- محاكمة شاغلي وظائف السلطات العليا- ويكون مأمورو الضبط القضائي فيما يختص بأعمالهم ووظائفهم تابعين للنيابة العامة، و تتولى النيابة العامة مراعاة تطبيق القانون وتحريك الدعوى الجنائية ومتابعة تنفيذ الأحكام والقرارات الجزائية وإجراء التحقيق وجمع الأدلة وإبداء الرأي في الطعون على الأحكام والقرارات الجزائية والإشرافية والتفتيش على مراكز التوقيف والسجون والمؤسسات الإصلاحية للأحداث للتأكد من مشروعية الحبس والتوقيف. وتضع التشريعات بيد القضاء وسائل مختلفة لحماية وضمان حقوق الإنسان فينص قانون الجرائم والعقوبات على أن يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن عشر سنوات كل موظف عام عذب أثناء تأدية وظيفته أو استعمل القوة أو التهديد بنفسه أو بواسطة غيره مع متهم أو شاهد أو خبير لحمله على الاعتراف بجريمة أو على الإدلاء بأقوال أو معلومات في شأنها. ويعاقب بالحبس مدى لا تزيد عن ثلاث سنوات أو الغرامة كل موظف عام أمر بعقاب شخص أو عاقب بنفسه بغير العقوبة المحكوم عليه بها أو بأشد منها أو أوقف تنفيذ الأمر بإطلاق سراحه أو استبقاه عمداً في المنشأة العقابية بعد المدة المحددة في الأمر الصادر بحبسه ويحكم في جميع الأحوال بعزل الموظف من منصبه.. ويعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنة أو بالغرامة كل موظف عام استعمل القسوة مع الناس اعتماداً على سلطة وظيفة بغير حق بحيث أخل بشرفهم أو أحدث آلاماً ما بأبدانهم دون إخلال بحق المجني عليه في القصاص والدية والأرش ويحكم في جميع الأحوال بعزل الموظف من منصبه. كما يضع قانون الجرائم والعقوبات بيد القضاة نصوصاً لحماية أداء القضاء ومعاقبة انتهاكات حقوق الإنسان حيث يعاقب بالحبس مدى لا تزيد على ثلاث سنوات أو بالغرامة من أبلغ كذباً بنية الإساة للنيابة العامة أو إحدى المحاكم القضائية أو أي جهة إدارية ضد شخص بأمر يعد جريمة وتطبق نفس العقوبة على الشاهد الذي يدلي بعد حلف اليمين أمام المحكمة بأقوال غير صحيحة أو يكتم كل أو بعض ما يعلم من وقائع الدعوى الجزائية التي يؤدي عنها الشهادة، ويعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين أو بالغرامة كل شخص كلف من القضاء بأداء اليمين أو ردت عليه فحلفها كذباً، ويعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بالغرامة كل من استعمل القوى أو التهديد أو عرض عطية أو مزية من أي نوع أو وعد بشيء من ذلك لحمل آخر على عدم أداء الشهادة أو على الشهادة زوراً ويسري ذلك بالنسبة للخبير أو المترجم ويعاقب بالغرامة التي لا تزيد عن خمسة آلاف، الشاهد الذي لا يحضر أمام المحكمة أو سلطة التحقيق الجزائي بعد تكليفه بالحضور أو يمتنع عن الإدلاء بمعلوماته، ويعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنتين من غير بنيّة تضليل القضاء حالة الأشخاص أو الأماكن أو الأشياء المتصلة بالجريمة ومن أخفى أشياء متحصلة من جريمة ومن أخفى جثة شخص ما. ويحبس مدة لا تزيد عن سنة أو بالغرامة من أتلف عمداً محرراً أو صكاً يعتد به أمام القضاء. ويعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنة أو الغرامة من أخل بحق قاضي أو هيبته أو سلطته أو حاول التأثير فيه، ويسري ذلك لو حدث التأثير في سلطات التحقيق. والقاضي الممتنع عن الحكم يعاقب بالعزل أو الغرامة، ويعد كذلك إذا توقف عن إصدار حكم، ويعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن ثلاث سنوات كل موظف أو ذا وجاهة تدخل لدى قاض أو محكمة لصالح خصم أو أضر به بطريق الأمر أو الطلب أو الرجاء أو التوصية، ويعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات أو بالغرامة كل من أعد مكاناً للحبس أو الحجز بدون وجه حق. وينص قانون الإجراءات الجزائية على أن يحجز المقبوض عليه في مكان منفصل عن المكان المخصص للمحكوم عليه ويعامل بوصفه بريئاً ويجب أن يكون أمر القبض كتابياً موقعاً عليه ممن يصدره، وأن يبلغ فوراً كل من قبض عليه بأسباب هذا القبض وله حق الإطلاع على أمر القبض أو الاتصال بمن يرى إبلاغه بما وقع له، والاستعانة بمحام. ويجب إعلانه على وجه السرعة بالتهمة الموجهة إليه، ومن قبض عليه بسبب الاشتباه يجب أن يقدم إلى القضاء خلال 24 ساعة من القبض -على الأكثر- وعلى القاضي أو عضو النيابة العامة أن يبلغه سبب القبض ويستجوبه، ويمكنه من إبداء دفاعه واعتراضاته، وعليه أن يصدر على الفور أمراً مسبباً بحبسه احتياطياً أو الإفراج عنه, وفي كل الأحوال لا يجوز الاستمرار في الحبس الاحتياطي أكثر من 7 أيام إلا بأمر قضائي. وعند القبض على شخص لأي سبب يجب أن يخطر فوراً من يختاره المقبوض عليه بواقعة القبض، ويكون ذلك عند صدور كل أمر قضائي باستمرار الحجز، والتفتيش يكون بحضور المتهم أو من ينوبه أو شاهدين أو أقاربه أو جيرانه، ولا يجوز التفتيش إلا للبحث عن الأشياء والآثار الخاصة بالجريمة التي يجري التحقيق بشأنها ولا يتجاوزه إلى سواه إلا إذا ظهرت عرضاً أثناء التفتيش أشياء يعد حيازتها جريمة أو بقصد كشف الحقيقة ولا يجوز للنيابة حبس شخص أكثر من سبعة أيام ولا تحليف المتهم اليمين الشرعية أو إجباره على الإجابة ولا يعتبر امتناعه عنها قرينة على ثبوت التهمة ضده، كما لا يجوز التحايل واستخدام العنف أو الضغط بأي وسيلة من وسائل الإضرار والإكراه لحمله على الاعتراف، ومن حق المتهم أن يعلن أسم محاميه بتقرير دائرة الكتاب أو لدى المنشأة العقابية، ويسمح للمحامي بالاطلاع على التحقيق في اليوم السابق على الاستجواب أو المواجهة ولا يجوز الفصل بين المتهم ومحاميه الحاضر معه أثناء التحقيق. ويجب على كل عضو من أعضاء النيابة العامة زيارة المنشآت العقابية الموجودة في دائرة اختصاصه والتأكد من عدم وجود محبوس ويسمع منه أي شكوى يريد أن يبديها، وعلى مديري هذه المنشآت أن يقدموا له كل مساعدة للحصول على المعلومات التي يطلبها، ولكل من قيدت حريته أن يقدم في أي وقت لمدير المنشأة العقابية شكوى كتابية أو شفوية ويطلب منه تبليغها للنيابة العامة وعلى من قدمت إليه الشكوى قبولها وتبليغها للنيابة فوراً بعد إثباتها في سجل،وللمتهم أن يطعن في الأوامر الصادرة بحبسه احتياطياً وجميع الخصوم أن يطعنوا في الأوامر المتعلقة بمسائل الاختصاص،، ولا إدانة إلا بناء على أدلة، وإن تقدير الأدلة يكون وفقاً لاقتناع المحكمة في ضوء كامل الأدلة فلا يتمتع دليل بقوة مسبقة في الإثبات ويقع عبء إثبات أي واعقة. بقيامها، ويجب أن تكون جلسات المحاكم علنية ما لم تقرر المحكمة غير ذلك ويباح دخول المواطنين إلى قاعة المحكمة بقدر ما تستوعب إذ أن العلانية ضمان هادف لحسن سير العدالة. |