رئيس تحرير صحيفة العربي القاهرية ل"المؤتمرنت"

حاوره في صنعاء / عبد الملك الفهيدي -
المطلوب من الإعلام العربي لعب دوره القومي في التصدي للأخطار المحدقة بالأمة

* ما هو دور الإعلام العربي في هذه المرحلة الراهنة للتصدي للقضايا القومية الإسلامية ومواجهة الحملة الصهيونية المسعورة ضد العرب والمسلمين..؟!
و إلى أي مدى نجحت الفضائيات العربية في أداء رسالتها الإعلامية والتنبيه للمخاطر التي تواجه العرب.. وماذا عن الصحافة المعارضة في البلدان العربية.؟. وما هو واقع حرية الصحافة ومستقبل الصحافة الإلكترونية، وما هو دور الإعلام المقروء والمسموع والمرئى في استعادة التضامن العربي؟ هذه الأسئلة وغيرها كانت محور الحوار الذي أجريناه مع الأخ الأستاذ عبدالله السناوي رئيس تحرير صحيفة "العربي" القاهرية. التقيناه في صنعاء على هامش حضوره المؤتمر القومي العربي .. وهاكم تفاصيل الحوار كما جرى:



* بصفتك عضو في المؤتمر القومي كيف ينظر المؤتمرون والمشاركون في هذه الدورة إلى واقع الإعلام العربي والدور الذي يلعبه؟
- أنا أعتقد أن الإعلام العربي يلعب دوراً كبيراً في صناعة القرار السياسي.. كنا في الماضي نقول أن الإعلام يعكس سياسة ولا يصنع سياسة كان هذا قبل عصر الإنترنت والسماوات المفتوحة والفضائيات فأصبح الإعلام يؤثر في صناعة القرار ويحدث قدر من الضغط على صانع القرار ولم يعد بوسع أي حكومة قطرية في الوطن العربي أن تقرر تجهيل شعبها بما يحدث حوله في المنطقة وبالتالي فأنا اعتقد أن الفضائيات العربية لعبت دورا كبيرا في تعبئة الرأي العام العربي وراء الانتفاضة مرة ووراء العراق في موجهة الحرب الأمريكية مرة أخرى.
* لكن الفضائيات العربية لم تعتمد على الجانب العلمي في عملها ويبدو واضحا من خلال المقارنة مع الإعلام الأمريكية والصهيوني أنها اعتمدت على إثارة الجانب العاطفي بشكل أكبر وأغفلت الجانب العقلي الذي يمتد أثره إلى فترة أطول؟
- أنا غير موافق على اتهام الإعلام العربي بالإجمال بأنه إعلام عاطفي.. لا نستطيع أن نجنب العاطفة عندما يكون هناك اقتحام إسرائيلي لمدن الضفة الغربية دون أن يتحقق من الأمر.. طبعا نريد المعلومات الحقيقية لما يحدث ونريد أن تكون لدينا صورة حقيقية لكن أيضاً من مهام الإعلام في مثل هذه المواقف التعبئة وهذا ليس عيبا وتعتذر عنه ربما عندما تكون عاصمة الرشيدة عاصمة الخلافة بغداد تقتحم.. عندما تصف الصحف العربية هذا الاقتحام بأنه المغول الجدد هذا ليس خطاباً عقليا لكن في حقيقة الأمر هذا تقرير حالة.. لكن أنت تتحدث عن إعلام حرفي يتبع القواعد المتعارف عليها دولياً في الإعلام أن الخبر يظل في النهاية خبر وأن من حق المواطن الحصول على المعلومات. يعني معرفة حقيقية وكاملة بما يحدث ويكون لديه الفرصة أن يكون وجهة نظره الخاصة فيما يحدث وهذا الأمر ربما يكون بعض القنوات العربية قد تحررت من القيود الرسمية لكن تظل الصحف الرسمية في الوطن العربي وتظل هناك قيود على حرية الصحافة وحرية تداول المعلومات وحرية تداول الآراء وهذا أمر مخجل ومحزن أن نتحدث في بداية العراق الحادي والعشرين عن إعلام متخلف وسلطوي.
- من خلال تجربتك كرئيس لتحرير صحيفة العربي في مصر ما حدث مؤخراً ضد صحيفة الأسبوع المصرية ورئيس تحريرها كيف تفسر هذا الأمر.
- صدر حكم قضائي يوم الاثنين بالإفراج عن الأستاذ مصطفى بكري رئيس تحرير الأسبوع وشقيقه محمود بكري مدير التحرير حيث كان هناك حكم من محكمة النقض يرفض الطعن الذي تقدم به ضد حكم قضائي سابق بحبسهما لمدة عام يعني ربما تكون هيئة الدفاع قد استندت في الالتماس الذي تقدمت به في إعادة المحاكمة لكون أن جريمة السب والقذف المتهم بها مصطفى ومحمود بكري بحق رئيس حزب العدالة الاجتماعية محمد عبد العال قد صدر بحقه حكم قضائي بحبسه لمدة عشر سنوات بتهم الفساد والرشوة.
* ماذا عن وضع نقابة الصحفيين المصريين ودورها في الدفاع عن حقوق الصحفيين؟
- نحن وجمهرة الصحفيين وربما بالإجماع يرفضون حبس الصحافي في قضايا نشر وقضايا رأي نحن ندعوا إلى تغليظ العقوبة من ناحية ومنع العقوبات السالبة للحرية والعقوبات الجسدية وبصورة نهائية.. وهناك الكثير من الدول العربية قد منعت عقوبة الحبس في قضايا الرأي أو النشر ونحن في مصر لا بد أن ندخل تعديلاً تشريعياً على قانون الصحافة يمنع عنها هذه الوصمة، اتحاد الصحفيين أقر رأيه وقد حبس مصطفى بكري وحبس قبله مجدي احمد حسين وجمال فهمي وعمرو ناصف وكثيرون ينتظرون نفس المصير وهناك عشرات القضايا وأنت تعرف من العمل في مهنة الصحافة هي ليست مهنة بعيدة عن الخطاءء يعني حق الخطأ لا بد أن يعترف به للصحفي طالما أن مهامه هي كشف الفساد وكشف الانحراف في المجتمع وأنه ضمير المجتمع وعينه الساهرة إذا صح التعبير لا بد أن تعطيه حق الخطأ والتحصين لا ينصرف هنا إلى الشخص أي ليس تحصيناً لشخص لكونه صحفيا لكن هو تحصين للمهنة لمهنة الصحافة ذاتها مهنة الرأي والتعبير بالأساس ألا يعاقب صحفي او أي مواطن ينشر رأيه في الصحيفة.
* مع التطور التكنولوجي الذي شهده العالم تطورت مفاهيم كثيرة في مجال الإعلام كيف تنظر لمستقبل الصحافة الورقية خصوصاً وقد ظهر ما يسمى الآن بالصحافة الاليكترونية؟
-أعتقد أن مثل هذا السؤال سبق وأن واجهته الأجيال السابقة بصيغ أخرى عندما ظهر الراديو في مصر في أوائل الستينيات قيل إن الراديو سوف يقضي على الصحافة المطبوعة وهذا لم يحدث وعندما ظهر التلفزيون قيل أن التلفزيون بما يملكه من إمكانيات سوف يقضي على الصحافة المطبوعة وعلى الراديو وهذا لم يحدث.. إذاً هناك تكامل بين الوسائط الإعلامية المختلفة وهناك مذاق وأدوار مختلفة لكل وسيط ربما تتزايد الأهمية النسبية لوسيط إعلامي دون آخر من مرحلة إلى أخرى لكن لا يعني بالضرورة أن الصحافة الإليكترونية وهي تطور طبيعي سوف تقضي على الصحافة المكتوبة بل ربما تؤدي إلى تعديل بعضه مهامها.. الصحافة المكتوبة ربما لن يكون همها في المرحلة المقبلة أن تتنافس على الخبر.. هي لا تستطيع أن تنافس الفضائيات الأخبارية ولن تستطيع أن تنافس أيضاً الصحافة الإليكترونية التي ربما تعدل في موادها الأخبارية لحظة بلحظة كأنها وكالة أنباء أو مرتبطة بشبكة وكالات الأنباء لكن الصحافة المطبوعة تستطيع أن تطور وسائل جديدة منها القصة الخبرية أو ما نسميها الفتيشر.. أي ما وراء الحدث خلفياته وتحليله ثم تظل للصحافة المكتوبة قيمة معينة بقوة العادة أن الناس قد تعودت أن تمسك الصحيفة وأن تقلبها وأن تعود للموضوع مرة واثنين ثمة تقاليد خاصة للتعامل مع الصحيفة المكتوبة ربما أنت تستطيع أن تلتقط خبراً بسرعة من صحيفة اليكترونية لكنك لن تتصفحها بنفس الاهتمام والطقوس الخاصة التي تتصفح بها صحيفتك المفضلة.
* هل معنى ذلك أن الصحافة الاليكترونية ستقتصر على الخبر ولن تأخذ بالفنون التحريرية الأخرى؟
- لا.. هي ستأخذ كل الأمور لكن أنا تحدثت.. أنت لا تستطيع أن تصدر أحكام مسبقة وجاهزة حتى الآن لا توجد صحيفة اليكترونية في الوطن العربي ظهرت في الأردن صحيفة ولم تكن ناجحة بما فيه الكفاية وربما كانت لسبب ظروف التمويل أو ظروف المشروع الاقتصادي فأوقفت.. يعني توجد مواقع اليكترونية مؤثرة على شبكة الانترنت لكن صحف اليكترونية لها جمهور ولها تأثير هناك محاولات كمواقع وليست كصحف بالمعنى العلمي فنحن أمام ظاهرة ناشئة لم تستقر في الوطن العربي ولم يتم ارتباط خاص بين الصحيفة الاليكترونية وبين روادها.. فنحن لازلنا في مرحلة استكشاف حجم التأثير للصحافة الاليكترونية من الجمهور العربي وحتى الآن ورغم أن هذه الظاهرة نشأت قبل سنوات لا زالت السيادة المطلقة والنهائية والكاملة للصحف المطبوعة ثم لا تنسى أن كل الصحف المطبوعة لها مواقع على الإنترنت ولها جمهورها الذي يفضل أن يحصل بالإضافة على إمكانية الإطلاع على الصحيفة يريد أن يحصل على جريدته.
وإذا كان في الغرب كل الصحافة الغربية أو بعض الصحف الكبرى لها مواقع بأغلب المواد التي تنشرها إذا كان يخامر المسئوولين على هذه الصحف أن نشر موادهم على شبكة الإنترنت بصيغة أقرب إلى الصحافة الإليكترونية- التي تعني أنها ليس لها أصل مطبوع- لكن إذا كان يخامر مسئولي الصحف الغربية والعربية الكبرى أن نشر موادهم على شبكة الإنترنت سوف يؤدي إلى ضرب المطبوع في السوق فلم يكن أبدا ليذهبوا إلى الانترنت هم يذهبون بحثا عن قارئ جديد وتأثير أوسع وربما توزيع أكثر للصحافة المطبوعة وبالتالي بالتجربة العملية الميدانية لا أحد من أصحاب الصحف المطبوعة يخشى من المنافسة الاليكترونية وهم يستخدمون المواقع على شبكة الانترنت للترويج لصحفهم ولا أتصور أن أي قارئ يشاهد صحيفته المفضلة على شبكة الإنترنت سوف يكف عن شرائها هناك مذاق خاص لأن تمسك جريدة في يدك وأن تقراها وأن تتصفحها وأن تتمتع بالتوظيب الصحفي وبالصورة الصحفية وبطريقة تنظيم العناوين هناك شخصية خاصة للصحافة المطبوعة لا تقدر على منافستها فيها الصحافة الإليكترونية.
فأنا أعتقد أن الإنترنت سوف يساعد على نشر وانتشار الصحافة المطبوعة وليس العكس.
* وبالنسبة للإعلام الخاص هل يمكن القول أن هذا الإعلام استطاع أن يؤدي دوره في ظل اعتماده على الترفيه وعلى وسائل لا تتناسب مع طبيعة الظروف التي تمر بها الأمة العربية؟
- أنت تتحدث عن الفضائيات الخاصة أو الصحافة الخاصة.
* نعم الفضائيات الخاصة.
-الفضائيات الخاصة هي ظاهرة حديثة لن تستطيع أن تصدر أحكام نهائية ومسبقة عليها، ربما كانت هناك مخاوف من أن هذه الفضائيات لرجال أعمال وربما يقوي هذا من دورهم في صناعة القرار السياسي وهذه المخاوف كانت ولا زالت قائمة والمشكلة الحقيقية أن الفضائيات الخاصة - وليس عيباً في الإعلام فأي مشروع إعلامي طالما أنه مشروع اقتصادي فإن من حقه أن يفكر بالربح لكن الربح يجب ألا يتناقض مع القيمة-
المشكلة الحقيقية أن الفضائيات الخاصة لا زالت عليها قيود ومنظورة وغير منظورة فليست مباحة لكل من يستطيع أن يصنع فضائية أن يصنعها في بلده وربما يهاجر إلى بلد آخرى لكي يصنعها بمعنى أن فكرة حرية الإعلام لم تستقر بعد وبطريقة تسمح لتنافس حر وشريف وواضح وفيه شفافية.
*وماذا عن الصحافة الخاصة أيضاً في مصر على سبيل المثال؟
- هناك ثلاثة أنواع من الإصدارات الصحفية ما يسمى بالصحف القومية التي تملكها الدولة ومن الناحية الاسمية هي مملوكة لمجلس الشورى لكن من الناحية العملية رؤساء تحريرها لم يتغيروا منذ أكثر من ربع قرن فكادت أن تكون ملكية خاصة.
ثم هناك صحف حزبية من حق الأحزاب أن تصدر صحفها طبقا للقانون ثم ظهرت هناك صحف مستحدثة وهي الصحف المستقلة التي تصدر عن الشركات ولكن الجهات الرسمية هي التي تحدد من تسمح له بإصدار صحيفة خاصة ومن لا تسمح له.. هذه التدخلات الإدارية منعت صحفا كثيرة وتجاريا كثيرة من أن تغوص.. وشركات كثيرة منعت في أن تكون لها صحافة طبقا للقانون وصدرت صحف أخرى بمواصفات أخرى وبخطوط محددة لا يجب أن تتعداها وهذا يجعل الأمور ملتبسة وغير ناضجة للحكم على الصحف المستقلة لكن من حيث المبدأ مع إعادة النظر في ملكية الدولة لوسائل الإعلام ولملكية الصحفيين لها أو البحث في صيغ مناسبة لا يعقل أن تخصص الدولة كل شيء وتؤمم الإعلام غير منطقي وغير مقبول لكن نحن بحاجة إلى إقرار مبدأ نه من حق كل المواطنين بمجرد الأخطار إصدار صحف، وأن يظل الرأي العام هو صاحب الولاية الوحيدة على الصحف بمعنى أن الصحف التي يقبل عليها تنتعش والصحف التي يدبر عنها تموت يعني أن نترك الحكم للقارئ وليس للجهات الامنيه.
* من خلال تجربتك كرئيس لتحرير صحيفة معارضة ترى ماهي الإشكالات التي قد تواجه رئيس التحرير سواء على مستوى عمله كمهني أو على مستوى المحيط الذي يعمل في إطاره سياسياً واقتصادياً..؟
-أن تكون رئيس تحرير لصحيفة معارضة قررت أن تكون بحق في صف المعارضة وأن تكشف أوجه الفساد في المجتمع وأن تواجه وأن تناقش القضايا الكبرى بما فيها مستقبل النظام السياسي.
وعندما تكون رئيس تحرير لصحيفة بهذه المواصفات فلا بد أن نقول أنك في مهمة انتحارية، نحن صحفيون ولنا مناصرين وبالتالي نحن نعتبر أن التطور الطبيعي للحريات العامة أن يتمتع الصحفيون ويتمتع المواطنون بكامل حقوقهم الدستورية والقانونية وإذا كانت هناك عوائق قانونية أو دستورية لا بد من إزالتها وينظر إلى الأمر أن مناقشة مستقبل النظام السياسي حق لأي مواطن وحق طبيعي لأي صحفي ويصدر بشكل حقيقي أن تداول السلطة شيء طبيعي وأن نقدر رئيس الجمهورية ليس خرقا للنواميس، واننا لا نمارس شجاعتنا على الماضي بل نمارس هذه الشجاعة على الحاضر وأن يكون لنا دور في رسم سياسات البلاد في المستقبل وتوسيع مساحة المشاركة السياسية العامة في القضايا التي تهم المواطنين أنا أعتقد أن هذا هو التطور الطبيعي الحقيقي لما نطلق عليه التحول الديمقراطي الشامل أن تكون حقوقاً طبيعية ولا ينظر إليها باعتبارها شجاعة ينظر إليها باعتبارها ممارسة حق.
* إذا كنت تصف رئيس تحرير الصحيفة المعارضة بأنه يقوم بعملية انتحارية ألا يعني ذلك أن هناك نوع من المسئولية الاجتماعية التي يجب أن تكون مرافقة له لكي لا ينتحر؟!
- قلت قبل قليل نحن صحفيون ولسنا مناصرين عندما قررنا أن ندخل في المساحات الممنوعة لتوسيع مساحة الحريات العامة في البلاد وهذا قد ربما يستدعي قدر من الشجاعة لكن نحن نريد أن يتمتع بهذه الحريات الجميع وعلى قدم المساواة مع الذين يتمتعون بقدر من هذه الشجاعة والذين لا يتمتعون، الذين يجرءون على خرق الخطوط الحمراء والذين لا يجرءون عندما تستقر هذه القاعدة وأنه يمكن أن تناقش كل هذه الملفات وأنه طالما التزمنا بالقانون والتزمنا بالدستور فمن حقنا أن نناقش كل قضايا المجتمع.. الصحيفة بطبيعة الحال تصدر في بيئة قانونية ودستورية والالتزام الرئيسي لدينا ليس هو الحاكم ولكن القارئ سيدنا الوحيد هو المواطن العادي الذي منحنا ثقته والذي يؤمن بأننا نعبر عنه ونحن نتطلع باستمرار إلى كسب ثقته والتأثير فيه ودعوته للمشاركة السياسة بشكل عام فنحن ولائنا الحقيقي هو للقارئ وبالتالي فمسؤوليتنا الاجتماعية تجاه المجتمع وتطوره تجاه الديمقراطية، تجاه العدالة الاجتماعية، تجاه مقاومة الفساد فنحن ملتزمون بالقانون والدستور وملتزمون بالتزاماتنا الاجتماعية، لكن نحن جريدة معارضة وبالتالي نحن نرى أن من الضروري نقد كل السياسات الحكومية ولا نرى ان هناك محظور في هذا النقاش.
* حتى ولو كان ذلك إيجابياً؟
- يعيني إيه إيجابياً
* يعني هناك أشياء إيجابية في سياسة الحكومة هل يجب معارضتها؟
- القياس العام للمعارضة أننا لسنا حكما في مباراة كرة قدم تقول هذه الحكومة إجادت في هذه اللعبة وأخطأت في الأخرى نحن حزب سياسي معارض وقوة لها برنامج سياسي وترى أن الحكومة غير صالحة لتولي مقادير الأمور ولكنا قد انضممنا إلى حزب الحكومة طالما أنك قبلت اللعبة الديمقراطية وتعدد المنابر السياسية وتعدد المنابر الإعلامية فشيء طبيعي أن تكون ضد مجمل السياسات لكن عندما يكون موقف يتفق مع برنامجك ورؤيتك فهذا شيء من طبيعة الأمور أن تدعمه ليس باعتبارك حكم في كرة قدم ولكن باعتبارك صاحب مشروع سياسي ومشروع فكري لكن المجمل العام أنت لا تمثل دور المعارضة وهذا أكبر هزيمة أن يكون من ينتدب نفسه لتمثيل دور المعارضة- الناس لا تقتنع بذلك الناس تريد قواعد لعبة سياسية جديدة في كل الوطن العربي أن تكون المعارضة حقيقية وأن تكون الحكومة تحت رقابة الرأي العام بشكل كامل وأن يكون من حقه تغييرها طبقا للدستور والقانون.
*هل معنى ذلك أن السياسة قد تطغى على الجانب المهني؟
- لا.. هناك قاعدة مهنية الحقيقية كان صاغها الكاتب الكبير الأستاذ احمد بهاء الدين أن الخبر ملك القارئ، والرأي ملك كاتبه، والإعلان ملك المعلن فالقاعدة أن الخبر يظل له مواصفات موضوعية وإذا لون أو تم التلاعب ببعض الحقائق فيه فإن يمثل إهانة مهنية للصحيفة قد يؤدي إلى انصراف القارئ عنها.. يعني لا بد أن تعطي الخبر دقيقا صحيحاً، ولا يوجد خبر محايد بالمطلق ولكن على الأقل المواصفات المهنية المتعارف عليها والموضوعية لا بد من توفرها وإلا فهذا يفقد الصحيفة أي احترام وبالتالي فالحط من الرأي والخبر هذا معيب مهنيا فالرأي رأي والخبر خبر، ومن حق القارئ أن يعرف الخبر دقيقا ثم أن يكون وجهة نظره قد يتفق مع وجهة نظرك وقد لا يتفق لكن احترام القارئ جزء من رواج الصحيفة.
* وعندما تتعارض المهنة مع الجانب السياسي فاين يكون موقف الصحفي خصوصا في الجانب الخبري؟
- الافتراض أن يكون لك ثقة في نفسك وثقة في القارئ والخبر يظل له هوية لدى القارئ ومن حقه أن يطلع عليه وإذا كان لديك خلافات معه فتطرح وجهة نظرك والحكم الأخير له أنا لا أفهم السؤال بدقة ربما أنت قصدت أننا في حزب معارض وهناك خير حكومي رسمي.
* لا أنا ما أقصده أنه إذا كنت تعمل في صحيفة رسمية وهناك خبر مهم لكنه يمس جانب من وجهة النظر الرسمية فماذا تفعل؟
- لا تقدمه.. لازم تنشره وهذه ثقة، وإذا كان الخبر يهم الرأي العام نحن ننشره فمثلا عندنا في مصر عندما تقول الحكومة أن عجز الموازنة أكثر من 30 مليار جنيه مصري أنا أنشره ومن الواضح أنني أريد أن أقول أن هذه الحكومة فاشلة إذا جاء رئيس الحكومة وقال أن إنجازات حكومته قد أحدثت تطورا نوعيا في التعليم وفي الصحة.. الخ.
يمكن أن أنشر هذا الكلام لكنني أعد تقارير واعد تحقيقات وأدعوا خبراء متخصصين للرد على ما تقوله الحكومة وبالتالي هنا المعارضة تكتسب ثقتها بأنها ترتقي بفكرة الجدل العام.
أنشر الخبر ولكن أناقشه وأفنده أمام الرأي العام.
* في الأخير ماذا تعرف عن اليمن وعن الإعلام اليمني؟
- هذه أول زيارة لي إلى اليمن وأنا ربما أكون متأثرا إلى حد كبير عاطفياً بهذه الزيارة.
اليمن بالنسبة لنا هي إحدى المعارك الكبرى لثورة 23 يوليو وللرئيس جمال عبدالناصر واكتشفت من الناس العاديين الذين أقابلهم في أسواق صنعاء القديمة مدى اعتزاز المواطنين اليمنيين العاديين للغاية بالثورة اليمنية وبدور مصر وبدور جمال عبدالناصر في هذه الثورة التي نقلت اليمن من العصور الوسطى إلى العصور الحديثة.
ربما شاهدنا تطورات ملحوظة وأنا كنت مهتم بالمقارنة بين صنعاء القديمة وصنعاء الحديثة وهذا كله حدث في أربعين عام وهي فترة قصيرة في حياة الشعوب ربما بعد عشرين عام إذا طال بنا العمر ورأينا اليمن مرة أخرى أتصور أن صنعاء سوف تكون مدينة حديثة ومتقدمة.
* ماذا تقول عن الديمقراطية في اليمن؟
- الديمقراطية رائعة لكن بصدق ما زالت التجربة في بدايتها وتحتاج إلى ضخ دماء جديدة وإلى تحديث اليمن بطريقة أكبر أن تكون هناك منظمات حديثة أحزاب حديثة لا تستند إلى الانتماءات القبلية بقدر انتماءاتها إلى برامجها السياسية أنا أدرك أن هذا أمر طويل ويحتاج إلى وقت طويل وربما يحتاج إلى إطلاق الحريات الصحفية بطريقة أكبر واحتكاك الصحفيين اليمنيين بالصحفيين العرب وتحديث التلفزيون اليمني ليقبل عليه المشاهدون العرب عبر الفضائيات وليس المشاهد اليمني في الداخل وأنا أعتقد أن كل هذا ضروري لإثراء مشروع تحديث اليمن.



تمت طباعة الخبر في: الإثنين, 25-نوفمبر-2024 الساعة: 02:41 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/2097.htm