المؤتمر نت - الصحفي بيومي ومفتى أوغنده
المؤتمرنت - القاهرة - حوارات / محمود بيومي -
الإسلام..نهضة ثقافية كبيرةفي أفريقيا
الحكم الإسلامي من أفضل النظم التي طبقت النظام الديمقراطي الصحيح .
المدن الإسلامية في أفريقيا جامعات مفتوحة أمام طلاب العلم
أكد علماء الإسلام الأفارقة أن إنتشار الإسلام في القارة الأفريقية أحدث بها نهضة ثقافية كبيرة ووحد صفوف المسلمين في مواجهة كل التحديات التي واجهت هذه القارة وأن الفترة الإستعمارية كانت فترة إستيلاب فكري وإعتصاب لثروة الأفارقة وتعطيلا للطفرة الإيجابية التي أحدثها الإسلام بين شعوب هذه القارة .. حيث طبق المسلمون في أفريقيا أفضل النظم الديمقراطية السليمة القائمة على الشورى .
وأوضحوا – خلال زيارتهم للقاهرة – أن مسيرة المد الإسلامي في القارة الإفريقية قد رافقتها مسيرة التعريب القرآني فتأثرت اللغات الأفريقية باللغة العربية وضمت معاجمها العديد من الكلمات العربية .. وأن اللغة السواحلية المنتشرة بين شعوب شرق أفريقيا ووسطها علامة بارزة على التلاقح اللغوي بين اللغات واللهجات الأفريقية واللغة العربية القرآنية .
وأشاروا إلى أن الدعم العربي الذي تقدمه الدول العربية وفي مقدمتها السعودية ومصر – إلى المؤسسات الإسلامية الأفريقية أدى وبشكل إيجابي إلى تأصيل الوجود الإسلامي العربي ونهضته في مجالات التعليم والثقافة والدعوة الإسلامية وحماية اللاجئين المسلمين من اخطار تغيير العقيدة أو تغريب اللسان المسلم الأفريقي .. كما تناولوا في حوارهم العديد من القضايا الإسلامية المهمة .

أشهر اللغات الإسلامية

وعن التلاقح اللغوي بين اللغة العربية واللغات الأفريقية يقول رئيس المجلس الإسلامي في كينيا – إحدى دول شرق أفريقيا الشيخ عبد الغفور البورسعيدي – أنه لا شك في أن اللغة السواحيلية من أهم وأشهر اللغات الإسلامية في القارة الإفريقية التي تأثرت تأثرا واضحا باللغة العربية القرآنية .. حيث بلغت الكلمات العربية في معجم اللغة السواحيلية الأفريقية أكثر من 50 في المائة من كلمات هذا المعجم .. وذلك قبل وقوع القارة الأفريقية في براثن المستعمر الأوروبي .. أما اليوم وبعد أن تم تعريب العديد من اللغات الأفريقية فإن معجم اللغة اللغة السواحيلية يضم نسبة 22.9 في المائة من الكلمات العربية .. واعتبر أن اللغة السواحيلية المتداولة في أفريقيا علامة بارزة للتلاقح اللغوى بين اللغة العربية واللغات واللهجات الأفريقية .. حيث ترجع نشأة هذه اللغة إلى القرن الثاني الميلادي نتيجة الهجرات العربية من شبه الجزيرة العربية إلى شرق أفريقيا .. وقد تطورت اللغة السواحيلية منذ بداية الدعوة الإسلامية والوجود الإسلامي في أفريقيا تطورا كبيرا .. فقد إحتضنت اللغة السواحيلية العديد من الكلمات القرآنية .. كما وصف علماء اللغات اللغة السواحيلية بأنها لغة عربية تأفرقت أو لغة إفريقية تعربت .
وقال الشيخ عبد الغفور البوسعيدي : أن اللغة السواحيلية تنتشر في دول شرق أفريقيا بصفة خاصة .. فتعتبر زنجبار أهم مركز أفريقي لنشر هذه اللغة .. كما أنها تنتشر في كينيا وتنزانيا وموزمبيق وتعتبر اللغة الرسمية في العديد من دول وسط القارة الأفريقية .. وقد تحدث عنها الإيدريسي والمسعودي وابن بطوطة مشيرا إلى أنه عثر على أول نص مدون ومطول باللغة السواحيلية بالأبجدية العربية عام 1728 ميلادية .. كما نظم العديد من الشعراء الأفارقة مجموعات من قصائدهم باللغة السواحيلية .. وقد إلتزم هؤلاء الشعراء الأفارقة بهدايات وتعاليم الدين الإسلامي الحنيف .. مثل قصيدة " الإنكشاف " للشاعر الأفريقي عبد الله بن علي بن نصار .. وقصيدة " الهمزية " للشاعر عيدروس بن عثمان بن على .. كما وصل الأمر إلى حد محاكاة الأدب العربي الإسلامي في مجالات النثر والسيرة والسنة النبوية الشريفة .. ومن أبرز شعراء السواحيلية الشاعر موباكا بن حاجي الذي نظم مجموعة من القصائد من أشهرها " ليس هناك ما هو مستحيل " وقصيدة " من بنا بيتا " والشاعر عبد اللطيف بن عبد الله صاحب قصيدة " يا أماه " .. كما أدى تدوين هذه اللغة بالأبجدية العربية في الإهتمام بفنون الخط العربي باعتباره من الفنون الإسلامية الأصيلة .

ديمقراطية الإسلام

ويقول الشيخ شعبان رمضان مفتي أوغندا ورئيس المجلس الإسلامي أن الحضارة الإسلامية التي شهدتها القارة الإفريقية عبر العصور التاريخية المختلفة .. هي نتاج الإنسان الأفريقي الذي تأثر بدعوة الدين الإسلامي الحنيف الذي أرسى قاعدة الحقوق الإنسانية والدعوة الربانية للإنسان المسلم لإعمار الكون والنظر والتدبر في تجليات الله تعالى .. فالحضارة الإسلامية التي أسسها الأفارقة في قارتهم هي حضارة عربية لأن العرب ساهموا في إنشاء هذه الحضارة الأفريقية .. فالتعليم الإسلامي أرسى بذرته الأولى في الأرض الأفريقية .. صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم خلال هجراتهم الأولى في العهد النبوي الشريف .. كما أن الممالك الإسلامية التي تأسست في أفريقيا في القرون الأولى للهجرة .. ساهمت بشكل إيجابي في نقل الفكر والتراث الإسلامي إلى أفريقيا .. كما أن الإسلام هو الذي أحدث توحد المجتمعات المسلمة في القارة الإفريقية وفي كل المجتمعات الدولية لأن الإسلام صهر في بوتقة حضارته كل القوميات رغم تعددها .. وجعل القومية الإسلامية هي قومية جميع المسلمين في كل أنحاء العالم .

وأضاف مفتي أوغندا : لقد طبق الحكام المسلمون في أفريقيا أحكام الشريعة الإسلامية في كل المجالات وأرسوا قواعد الحكم وفقا للديمقراطية الصحيحة القائمة والمرتكزة على مبدأ الشورى الذي جاء به الإسلام .. ولم يتخذ الحكام المسلمون لأنفسهم ألقابا كبيرة .. إنما أطلقوا على أنفسهم لقب " شيخ " أما الحكام من اصل فارسي فأطلوا على أنفسهم لقب " سلطان " كما أرسى المسلمون في أفريقيا المجالس المتخصصة في الشورى ويضم كل مجلس 12 شيخا .. مما جعل نظام الحكم الإسلامي في أفريقيا من أفضل النظم التي طبقت النظام الديمقراطي الصحيح .. كما أن المسلمين هم أول من أسسوا نظام " مجلس المدينة " ويتمتع هذا المجلس بسلطات سياسية وإدارية وقضائية وله حق نظر القضايا المدنية والجنائية وفض المنازعات .. وكان القاضي المسلم في المرتبة الثانية بعد " الشيخ " أو الحاكم المسلم .. كما تجلت مظاهر الشورى في الحكم الإسلامي .. ولكل فرد الحق في حضور جلسات مجلس الشورى لإبداء رايه في حرية تامة .. لأن إبداء الرأي في ظل الحكم الإسلامي له حصانة قوية .

البحوث والبعوث الإسلامية

ويقول الشيخ حسين أبكر رئيس المجلس الإسلامي الأعلى في تشاد : لقد ساعد الإزدهار والرخاء الإقتصادي الذي تحقق للقارة الأفريقية في ظل الحكم الإسلامي .. على إزدهار النهضة العلمية والثقافية حيث كثرت الخلاوي أو المدارس القرآنية في المناطق الإسلامية .. وتولى التدريس في هذه المدارس علماء تخصصوا في علوم الفقه والتفسير واللغة العربية بالإضافة إلى علوم القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف .. وقد لاقت هذه المدارس رواجا شديدا حيث ضمنت هذه المدارس طلاب العلم الإسلامي من مناطق متعددة بالقارة الإفريقية .. ولم يقتصر حق التعليم على الرجال والصبية فحسب .. بل نالت الفتاة المسلمة حظها الموفور في مجال الثقافة الإسلامية وبرزت نساء داعيات ومعلمات لتعليم بنات جنسها مبادئ الدين الإسلامي الحنيف .
وأضاف : كما كانت الحلقات الدراسية تقعد في المدارس وفي بيوت العلماء التي قصدها طلاب العلم .. وكانت الصلاة تمتد حتى صلاة المغرب .. كما كانت الحكومات الإسلامية ترسل البعثات العلمية إلى الحجاز والشام والعراق ومصر لتلقي المزيد من مناهل العلم الإسلامي .. كما أتاحت لهم الدول الإسلامية حق البحث والإجتهاد لإستنباط الأحكام الشرعية من كتاب الله تعالى والسنة النبوية الشريفة .. كما إزدهرت المسيرة العلمية فكانت مدن " زيلع " و " هرر" و " بربرة" و "مقدشيو" و " كلوة" و " ممبسة" وغيرها مدنا جامعية مشهورة في قارة أفريقيا.. كما إنتشر الطب الديني المأثور من الكتاب والسنة .. يقول تعالى " وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين " كما إنتشر الطب التقليدي ويمثله كتاب "الرحمة في الطب والحكمة " للسيوطي بالإضافة إلى الطب التجريبي الذي إعتمد على عقاقير النباتات والكي وجبر الكسور وغيرها .. كما إزدهرت فنون العمارة الإسلامية والزخارف .. وتميزت العمارة الإسلامية بروعة الفن الغربي – الإسلامي من زخرفة البناء والنقوش والكتابة العربية .

ملامح إسترداد الهوية
وأضاف الشيخ حسين أبكر : الأفارقة المسلمون يعملون بكل جدية لإسترداد هويتهم في كل المجالات .. ويتأتى ذلك بإذن الله تعالى بتضافر جهود المسلمين وحفاظهم على مكاسبهم التي تحققت لهم عبر قرون التاريخ الإسلامي .. ولا يمكن أن يظل الأفارقة في حالة رثاء دائم للفترة الإستعمارية التي شوهت معالم هوية المجتمعات المسلمة .. فالمهم أن يستجمع المسلمون تضامنهم وتعاونهم ويعملوا وفقا لأحكام الدين الإسلامي الحنيف .. وأن يكون الزهو بالماضي الإسلامي المجيد دافعا لهم لإرساء معالم نهضتهم المعاصرة واللحاق بالركب العالمي الحضاري .. لأن المسلمين هم أول من شيدج حضارة إسلامية زاهرة مازالت باقية حتى اليوم والتطلع إلى الغد المشرق الذي يحل معه تباشير النهضة الإسلامية المعاصرة بإذن الله تعالى .


تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 05:30 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/22156.htm