ثورة التلاحم الوطني تحل علينا اليوم مناسبة عزيزة وغالية على كل أبناء شعبنا تعيد إلى الأذهان صفحة من صفحات النضال الوطني التي خاضها شعبنا انتصاراً لإرادته الحرة والتي توجت باشراقة ثورة الـ14 من اكتوبر عام 1963م كوليد شرعي لثورة الـ26 من سبتمبر الخالدة التي تعهدت في أهدافها الستة بإنهاء تلك الوضعية الاستثنائية التي أحكمت سيطرتها على هذا الوطن ردحاً من الزمن ذاق فيه اليمنيون شتى أصناف القهر والكبت والحرمان ، وإعادة الاعتبار لتاريخ شعبنا بعد أن حاولت الإمامة والاستعمار في مشروعهما العبثي طمسه وتشويه صوره النقية والزاهية وذلك عن طريق فرض عوامل العزلة والإنغلاق وتحويل وطننا إلى كنتونات متقاطعة تحول بين تواصلها حجب الفاقة والتخلف والحواجز المصطنعة اعتقاداً من الكهنوت الامامي والاستعمار البغيض بأن تلك السياسات هي من ستبقي هذا الشعب رهينة لهما ومستسلماً وخانعاً وخاضعاً لكل ما يُفرض عليه من قيود ووصاية واستعباد واستلاب. ومن هذه الحقيقة فإن احتفالنا اليوم بمناسبة العيد الـ"42" لثورة الـ14من اكتوبر لايكتسب أهميته البالغة فقط من مضمون الاعتزاز بهذه الثورة المجيدة، بل إن المفهوم الأشمل لهذا الاحتفاء يبرز في كونه الذي يجسد معاني الوفاء والإجلال لأولئك الرجال الذين سطروا بدمائهم الزكية صفحات مشرقة من تاريخنا ، ستظل الأجيال تستلهم من مفرداتها زاداً جديداً يحفزها على المزيد من الإنجاز والمضي في تحقيق تطلعاتها وبناء حاضرها ومستقبلها واستشراف آمالها وطموحاتها في التقدم والتطور ، متسلحة بمبادئ الثورة وقيمها ومقاصدها النبيلة. وعليه فإذا كان انتصار الثورة اليمنية "سبتمبر واكتوبر" قد شكل علامة فارقة في حياة كل اليمنيين ، فإن ما لم تعرفه الأجيال الجديدة التي ترعرعت في كنف الثورة وعطاءاتها الوفيرة هي تلك الخصائص التي تميزت بها تلك الثورة في كل محطاتها ومراحلها ومنعطفاتها ومنطلقاتها، إذ انه وعلى الرغم من كل المصاعب التي مرت بها فإنها من حملت مشاعل النور وآفاق التحرر من النظام الإمامي الكهنوتي المستبد والاحتلال الأجنبي البغيض اللذين فرضا على الواقع اليمني وشعبه الواحد ويلات التجزئة والتشطير تطبيقاً لمبدأ "فرق تسد". وهو مما يعني معه بأن الثورة اليمنية لم تكن مجرد هدف لاستبدال وضع بوضع آخر ، بل أن قيامها وانتصار نظامها قد مثل ضرورة وطنية ودينية وأخلاقية وإنسانية فبدون تلك الثورة كان من الصعب اخراج الشعب اليمني من عصور القرون الوسطى إلى رحاب الحياة العصرية. وبكل تأكيد فما كان لهذا الاستحقاق أن يصبح واقعاً معاشاً لولم تنطلق هذه الثورة من أرضية راسخة استمدت حيويتها وديمومتها من علاقة الارتباط التي مثلتها واحدية النضال والأهداف لمختلف فئات الشعب اليمني ، وهو مايمكن ملامسة ملامحه الأصيلة في التلازم القائم بين ثورتي سبتمبر واكتوبر اللتين أثبتت كل الوقائع بأنهما ينتميان إلى أصل واحد ، ولايمكن النظر إلى احداهما بمعزل عن الأخرى، ولذلك فإن من صنعوا ثورة سبتمبر كانوا من مختلف مناطق اليمن ، شماله وجنوبه .. شرقه وغربه .. كما هو حال من فجروا ثورة 14 اكتوبر فانما هم رموز ينتمون لمختلف المناطق اليمنية، وفي دلالات هذا التلاحم ما يبدد اعتقاد بعض السطحيين وقصارى النظر الذين يحاولون تصوير هذه الثورة من زاوية ثنائية مضللة لاوجود لها إلاَّ في مخيلاتهم المريضة، ومثل هؤلاء - بالطبع- إنما هم الذين استبدت بهم أحقادهم إلى درجة أصبحوا فيها لايميزون بين حقائق التاريخ وما تفرزه أهواؤهم السقيمة. - إننا ونحن نحتفل اليوم بالعيد الــ "42" لثورة الــ "14" من أكتوبر والذي يأتي مواكباً لجملة من الانتصارات والإنجازات الكبرى التي حققها الوطن في ظل قيادته الحكيمة بزعامة الرئيس علي عبدالله صالح ، فإن مايهمنا هو أن نجعل من هذه المناسبة محطة جديدة تستحثنا على المزيد من العمل الجاد واستكمال الخطوات التي بدأناها على طريق بناء اليمن الجديد والمزدهر القادر على مواكبة تحولات العصر واحتلال مكانته الريادية في عالم اليوم.. وتلك هي مسؤوليتنا جميعاً وفي أداء هذه المسؤولية والامتثال لموجباتها مايعدُّ جزءاً من الوفاء للثورة وأهدافها وتجديداً لروحها وقيمها السامية. عن :صحيفة الثورة |