المؤتمر نت - نزار العبادي - كاتب وباحث وصحافي
المؤتمرنت-بقلم: نزار العبادي -
أزمنـة الثـورة تتجـدد..

صفحات كثيرة إنطوت من ذاكرة اليمن التاريخية من غير أن نكترث لا ستذكارها ،فيما ظلت صفحات الثورة التي فجرها اليمنيون نابضة بالحياة تتوارث الأجيال تقاليد الاحتفاء بها سنوياً ،وتخصها بشيء من القداسة خلافاً لأيامها الوطنية الأخرى – لأنها كانت زمن إنبعاثهم الجديد.

لاشك أن ثورتي 26سبتمبر و 14اكتوبر لا يستمدان قيمهما الوطنية ، ومدلولاتهما التاريخية من مجرد تمثيلها لحالة إنعتاق من نظام كهنوتي ظالم ، واستعمار جائر جثم على أنفاس اليمن ردحاً طويلاً من الزمن، بل أيضاً من تمثيلهما انبلاج صباحات عصر يمني جديد تتجسد فيه الفضيلة الإنسانية ،والإرادة الوطنية الحرة ،والانبعاث الحضاري للحقيقة اليمنية التي لطالما أكدت أدوارها عبر العصور في ما أنجزته البشرية .

فالثورة بمفهومها السياسي تعبير رفض لواقع يناهض الإرادة الشعبية ، ووسيلة للتحول نحو غايات الجماهير الثائرة،وتطلعاتها في الحياة التي ترجوها لنفسها ولأجيالها ..وهي بهذا المعنى تكسب بُعداً مستقبلياً تنطلق أولى خطاه بقرار جماهيري يعَنْون بدايات مرحلة تغيير الواقع ،وردم مخلفات الماضي، ورفع قواعد بُنى الحياة الكريمة التي استحقت عناء النضال ،وبذل التضحيات الجسام ممن حملوا ألوية الثورة .

اليمنيون لم يثوروا لمجرد رغبة إبدال النظام الملكي بأخر جمهوري ،أو الحكم الاستعماري بأخر وطني بل لاجتثاث واقع الظلم ،والفقر ،والتخلف، والتشطير ،وكل ألوان الاستبداد ، والقهر ، وسلب الإرادة التي لا زمت تلك العهود المظلمة ..ومن هنا كان المقياس الوحيد لانتصار الثورة اليمنية هو رفع كل تلك الظروف الأليمة عن كاهل أبناء الشعب اليمني ،والانتقال إلى ظر وف مغايرة ينال الفرد فيها إستحقاقاتة الإنسانية المشروعة .

وإذا ما فهمنا الثورة بذلك المعنى فإنها لا تنتهي بموعد انطلاقها يوم السادس والعشرين من سبتمبر 1962م ،أو الرابع عشر من أكتوبر 1963م ، بقدر ما تتواصل بجهود مناضليها في تغيير الواقع من خلال أزمنة متصلة ببعضها البعض ،ورجال يتعاقبون على حمل ألوية النضال والتضحية ،والعمل المخلص في سبيل انتزاع المواريث البالية ،وتصحيح الأوضاع ،والنهوض بمقدرات الوطن وأبنائه .

يقيناً أن الثورة التي نحتفي بذكراها اليوم هي منجز كل اليمنيين الذين أخلصوا لجهود في مسيرة البناء والتنمية – كلاً من موقع عملة – لينتقلوا باليمن إلى واقعها الحاضر الذي يرفل فيه أبناء شعبنا بالأمن ،والاستقرار ،والوحدة ،والديمقراطية ،والوعي والنهوض على مختلف الأصعدة التنموية .. فذلك كله يمثل وجدان الثورة ،وروحها النابضة بالعطاء في مختلف الأزمنة .

ولا بد من الاعتراف أن أعظم أزمنة انبعاث جذوة الثورة هو العهد الذي وفق الله به اليمن بقيادة ابنها الحكيم الرئيس علي عبد الله صالح ، الذي بفضل سياسته الحكيمة،ووفائه لأرواح شهداء الثورة ،وتضحيات مناضليها اكتسبت الثورة معانيها البنيوية التحولية ،ابتداء من إعادة تحقيق الوحدة اليمنية التي أكدتها واحدية نضال ثورتي سبتمبر وأكتوبر،ثم تحقيق الديمقراطية بخصوصياتها اليمنية المستمدة من عقيدتها الإسلامية وتراثها الحضاري العربي ،وتمكين الجماهير من التمتع بحرياتها وحقوقها الإنسانية ،وتحرير المرأة وإدماجها اجتماعيا ومهنياً ، وتفجير الطاقات التنموية في مختلف قطاعات الحياة ، ونقل اليمن إلى مركز دولي مرموق بعد حقب العزلة التي عاشتها في العهود الغابرة ،وعطلت عجلة عطائها الإنساني.

أن إنشداد أبناء الشعب اليمني لإضفاء مزيداً من التعظيم والاعتزاز على ذكرى ثورتي سبتمبر وأكتوبر كل عام إنما هو لأنهم يلمسون كل يوم نماء إنجازهم الثوري ،وتعاظم طود بنائهم الوطني .. ولأن ثورة العطاء ما زالت مستمرة تجدد أزمنة اليمن وآمال أجيالها .. فكيف لا يبتهج شعب صار ينتخب رئيسة بنفسه بعد أن كانت تتوارثه الملوك والسلاطين !!
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 27-نوفمبر-2024 الساعة: 10:42 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/25105.htm