من يكتب عن الثورة.. سؤال للمعنيين قبل حلول يوم الرابع عشر من أكتوبر الجاري كلف رئيس تحرير الموقع المحررين بإعداد موضوعات بمناسبة الذكرى الثانية والأربعين لثورة أكتوبر، وكان من نصيبي أن أوكلت لي مهمة إجراء حوار مع الدكتور جعفر باصالح النائب الحالي لرئيس مجلس النواب، والذي أصيب في مظاهرة طلابية مناهضة للاستعمار الإنجليزي في ستينات القرن الماضي. فما كان منه إلى أن أجاب على اتصالي بتواضع ملفت "لقد كنت آنذاك طالباً ولا أريد أن أعطي لنفسي ما ليس لي، فهناك من هم أحق مني بتسليط الأضواء على أدوارهم الثورية" وأعطاني تلفون الأستاذ خالد محمد عبدالعزيز أحد قادة تنظيم الجبهة القومية في حضرموت وأحد مقاومي الإنجليز للجلاء عن الشطر الجنوبي حينئذ. اتصلت بالرجل فاقترح عليّ أن أمليه الاستفسارات وأعطيه فاكس الموقع لإرسال إجاباته في اليوم التالي، لكن للأسف لا مشاركة الأستاذ خالد أرسلت ولا هاتفه أجاب خلال ثلاثة أيام من المتابعة، عدت على إثرها أدراج خيبتي وأنا أتساءل كيف لو أن كل واحد من ثوار سبتمبر وأكتوبر خصوصا القيادات أحجموا مثل الأستاذ خالد عن الإدلاء بمعلومات عايشوها مع أحداث الثورة تعرف الأجيال الجديدة باحد أهم منعطفات تاريخ اليمن الحديث والمعاصر؟ أزعم لو أن ذلك حصل لكانت الثورة وأحداثها أقرب إلى القصص الشعبية التي فيها من الخيال أكثر بكثير من الحقيقة، ناهيك عن بطولات وهمية سينسجها الأدعياء والدخلاء تصير مع مرور الزمن جزءاً من تاريخ حقيقي في وعي اليمنيين. نشر الثوار لشهاداتهم في وسائل إعلام عديدة يرفد جهود الندوات والفعاليات من قبل جهات مهتمة كالتي نظمتها وما تزال دائرة التوجيه المعنوي تنفيذاً لدعوة رئيس الجمهورية لرجالات الثورة بالإسهام في كتابة تاريخها، كما أن تعقيدات وتفاصيل العمل الثوري أوسع من أن تجمع خلال حلقات محدودة من الفعاليات. إن وفرة المذكرات الذاتية عن الثورة - التي تقوم مقام النقوش الأثرية قبل التأليف – يتيح مادة خام ثرية تمكن المؤرخين من تشذيبها ومقارنتها الاستخلاص مادة تاريخية موضوعية للثورة، وهذا لن يتسنى بدون أن يشارك حاضرو الأحداث في شهادات تخدم أجيال ما بعد الثورة وتمنع المتطفلين من التزييف، وتنصف الثوار، وتجنب أبناءهم التنظير لظلم التاريخ في المستقبل. |