المؤتمر نت - لن تكون الديمقراطية بمعناها الأكاديمي ، وبمعانيها النسبية المترافقة مع التجربة العلمية والتحرك المتوازي مع الواقع الواسع وتجلياته النوعية والخاصة على مسرح العالم وخارطة شعوب ودول المناطق الجغرافية المترامية، حلا ناجعا وقابلا للتطبيق، مالم تراعي الديمقراطية شروط ...
بقلم: أمــين الوائــــلي -
الديمقراطية..حتى لا تستبد وتطغي !!
لن تكون الديمقراطية بمعناها الأكاديمي ، وبمعانيها النسبية المترافقة مع التجربة العلمية والتحرك المتوازي مع الواقع الواسع وتجلياته النوعية والخاصة على مسرح العالم وخارطة شعوب ودول المناطق الجغرافية المترامية، حلا ناجعا وقابلا للتطبيق، مالم تراعي الديمقراطية شروط المرونة وضرورات النسبية اللازمة عن تباين أحوال الشعوب والمتجمعات، وظروف وتحديات كل مجتمع لوحده، وكل منطقة بحسب أوليات مجتمعاتها وموروثاتها، وبحسب حاجيات هذا المجتمع أو ذاك، الملحة للنهوض بالواقع وتنمية القدرات وتأهيل الذات للاندماج في عولمة السياسة والاقتصاد و.. نوعا ما عولمة الديمقراطية.
يقينا لن تكون الديمقراطية بصيغتها وصفتها المتداولين في الخطابات السياسية والإعلامية الكونية هي البديل الموضوعي لثقافات الشعوب وميراثها الحضاري وخصوصيات الثقافات للأجناس البشرية التي تقتسم العيش على ظهر القارات الست، وتتقاسم نسيج التأريخ ومادة الحاضر واستشرافات المستقبل.
إذ من البديهي الإشارة إلى الديمقراطية باعتبارها دينا عالميا، أو بديلا لأديان العالم وعقائد الشعوب والمجتمعات، ولكنها صياغة فكرية واجتهادية بحتة لا تملك قوة فعل بذاتها، ولا شروط بقاء أو خلود في أصل شيئتها، وإنما بما يتعلق بها أو يظهر من آثارها ونتائجها الملموسة والمعاشة، وبما ينتج عن الأخذ بها والسير وفقها من نتائج مباشرة في واقع حياة الناس ونمو المجتمعات ونهضتها الشاملة، أي أن القوة الحقيقية والقيمة الموضوعية للمنهج السياسي والفكري إنما تظهر وقائعاً حية وشواهدا شاخصة لا مجال لدفعها وتجاوزها من جهة، كما أنه لا مجال لافتراضها أو تخمينها مجردة عن رداء الوقائع وكساء الشواهد والمشاهدات.
ثمة فارق كبير بين التفاؤل النظري المجرد والنقاشات الفكرية الشاردة عن الوجود بالفعل حول معاني ومفاهيم الديمقراطية ودلالات المصطلح المفترضة نظريا وبما يجعل معه ذلك ضربا من الوجود المكاني أو الوجود بالقوة- في لغة المناطقة وأهل الفلسفة- وبين تناول الديمقراطية شأنا للحياة وإطارا للسلوك والتحرك العملي على صعد الممارسة والتطبيق في السياسة وتفرعاتها والاقتصاد ومتعلقاته والحضارة عموما وما يحيط بها ويدخل ضمنها من مكونات وتكوينات مناهج وأدبيات.
الملاحظ أن جدلا- يكاد يكون عالميا- يدور الآن ومنذ ردح من الزمن
- وإن أخذ يحتد ويشتد مع نهايات عقود القرن العشرين وبدايات الواحد والعشرين – يدور على رحى الديمقراطية وكأنها فلسفة مفارقة أو نوعا من الشيزوفرينيا" الميتافيزيقية التي لا تقترن مع الواقع ألا بمقدار ما تفترق عنه وتتعالى عليه.
وها نحن في العالم الثالث ومنطقة الشرق الأوسط تحديدا نكاد نكرس هذه الداء العضال في حياتنا السياسية معتمدين على مغريات واهية دلّى بها الرجل القوى والسيد العنيف!
وفي محصلة كل ذلك لا نجد فكرة واحدة أنبتت وبرعمة أثمرت قطافا ذي بال. فيما يجري تجاهل وتجاوز ما يعتمل على أرض التجربة العملية من نماذج ومحاولات طموحة وجادة تسعى جهدها لتكييف ضرورات الأسلوب المعاصر في الحياة الديمقراطية مع خصوصيات شعوبها وواقع بلدانها وهي وإن كانت تجارب ونماذج ينقصها الشيء الكثير من الخبرة والمرونة والثراء المقترن بالحيوية، الا أن هذا لا يبرها حقها في الإشادة والتقييم الموضوعي المعتمد على أبجديات الأنصاف في المدح وفي القدح.
ولن يكون عسيرا ملاحظة أن أسلوبا واحدا ووحيدا في الوعي والممارسة العملية للنظرية الديمقراطية كما يسعى العالم لفرضه أو تقبل هكذا بغثه وسمينه على شعوب وحكومات العالم النامي، إن هو الا عبث يتساوق وانعدام الكفاءة الأخلاقية للديمقراطيات الرأسمالية المتسيدة في كثير أحيان ومناحي.
الأمر الذي يحتم علينا كشعوب ومجتمعات لها طموحها الحضاري وتطلعاتها التنموية أن لا ننسحق تحت عجلات قطار يندفع بقوة الطاقة ويتقدم باستمرار إنما إلى أين؟ ليس هذا مأمونا أو مضمونا تماما!

تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 27-نوفمبر-2024 الساعة: 09:44 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/25471.htm