المؤتمرنت- الجزيرةنت -
أميركا والعالم الإسلامي.. حوار حضاري أم استباق أمني؟
اختارت الولايات المتحدة أن تلتقي مجموعة من الليبراليين لا نبض الشارع الإسلامي الحقيقي وأن تحاور من يوافقها الرأي أصلا، في حين أن الحوار يفترض وجود خلاف في وجهات النظر بل وحتى تصادما، هكذا لخص أحد المشاركين بمنتدى حوار أميركا والعالم الإسلامي لهذا العام, وطلب مني أن أوقف التسجيل قبل أن يبدأ الكلام.

المسؤول السابق هذا أصر ألا يذكر اسمه وكأنه لم يرد الشذوذ عن مواقف المشاركين المرحبين دوما عندما يلتقون الصحافة بابتسامة عريضة وبـ "نعم أعتقد أن هناك تقدما وتفهما أميركيا أكبر لانشغالاتنا".

موضع الألم
الوجوه التي حضرت العام الماضي هي تقريبا ذاتها التي حضرت هذا العام، والجميع يصر في تصريحاته على تقدم الحوار. لكن يأتي ذلك في وقت تقر فيه واشنطن بأن حيزا مهما من الشارع الإسلامي تشغله الحركات الإسلامية ويدرج في جدول أعمال المؤتمر تحت خانة "كيف تشارك الحركات الإسلامية في جهود الإصلاح" ويغيب في الوقت نفسه ممثلو هذا التيار لعام آخر، للسبب ذاته الذي ذكره المنظمون العام الماضي: "إننا ندعوهم ولا يستجيبون لدعواتنا".
"إخوان مصر: لم نتلق أي دعوة لحضور منتدى حوار أميركا والعالم الإسلامي ولو تلقينا الدعوة فمن حقنا معرفة برنامج اللقاء أولا, ومن يحضره وما غايته، ومن حقنا الرفض إذا بدت لنا الأمور غير واضحة"

إذا كانت الولايات المتحدة تريد فعلا أن تفهم سبب كراهية العالم الإسلامي لها فلماذا لا تصر على حضور ممثلي هذا التيار، فليس كلهم مصنفا في خانة "المنظمات الإرهابية"، بل إن وجهات نظر جزء عريض منهم براغماتية يريد أن يسمع صوته في أرجاء البيت الأبيض الذي لا ينظم المنتدى, لكنه يستطيع أن يطلب من الجهات القائمة عليه أن تستدعي هذه الأطراف.

ما الذي يجعل إذن الإخوان المسلمين في مصر يقاطعون مؤتمرا غير رسمي في كل الحالات، خاصة أنه يمثل فرصة ليس فقط لإسماع صوتهم لدى "المجتمع المدني" الأميركي ما دام المرشد العام محمد مهدي عاكف يصر على رفض حوار رسمي مع أميركا "إلا إذا جاءت الدعوة عن طريق الخارجية المصرية"، وعلى أنه "لا ثقة له في الإدارة الأميركية الحالية ولا في خطط إصلاحها بالشرق الأوسط".

لم يدعونا أحد
ونفى مهدي عاكف في اتصال مع الجزيرة نت نفيا تاما أن يكون تلقى أي دعوة لحضور المنتدى عكس ما أكده منظموه, قائلا إنه حتى لو تلقى الدعوة فمن حقه معرفة برنامج اللقاء أولا, ومن يحضره وما غايته قبل أن يرد عليها, ومن حقه الرفض إذا بدت له الأمور غير واضحة.

وأضاف المرشد العام للإخوان المسلمين أنه سبق له الحوار مع جامعات ومراكز دراسات, وشارك في ندوات عندما رأى أن هدفها نبيل, وقاطع أخرى عندما رأى أن من يشارك فيها أناس مشكوك فيهم، على حد تعبيره.

ما يمكن ملاحظته في هذا المنتدى منذ انطلاقه منذ أربعة أعوام اهتمام أميركي شديد بكل واردة وشاردة، من تسجيل لأبسط الملاحظات "التي لا تمر مرور الكرام"، على غرار وكيلة وزارة الخارجية الأميركية للدبلوماسية والشؤون العامة كارين هيوز التي كانت منهمكة في إحدى الجلسات في تسجيل نتائج استطلاع للرأي أجرته شركة الأجندة العامة ودراسة وجهات النظر" حول كراهية الولايات المتحدة في العالم العربي, رغم أن لديها مساعدين مكلفين بذلك، ورغم أن الاستطلاع من تنظيم شركة أميركية.


ماذا يمكن أن تقدم الولايات المتحدة في حوارها باستثناء المساعدة التي تهدف إلى تلافي الضربات الإرهابية على أراضيها أو ضد مصالحها في العالم, وماذا يمكن للعالم الإسلامي أن يعطي باستثناء المشورة الأمنية؟ وهل يملك فعلا أوراق الضغط التي تخوله قبول هذا الخيار ورفض ذاك؟

حوار بلا أوراق قوة
نائب رئيس وزراء ماليزيا سابقا موسى حيتام علق على ذلك قائلا "أستطيع أن أسمعك كلاما طيبا من قبيل نستطيع أن نؤثر فيهم إذا توحدت الأمة, لكن واقع الحال أن التشرذم فعل فعله في العالم الإسلامي", مضيفا "لا أريد أن أبدو متشائما لكن الورقة الوحيدة التي نملكها للضغط عليهم هي النفط كما قال رئيس وزراء ماليزيا السابق محاضر محمد, فمن ذا يجرؤ على التفوه بهذا الكلام؟".

الروح الاستباقية حسب بعض المراقبين ما زالت تطبع الحوار الأميركي الإسلامي, وكأن واشنطن لا ترى في هذه المؤتمرات إلا سبيلا لنزع فتيل التوتر، وفهم الآخر ليمكنها التنبؤ بفورات غضبه.

واشنطن بدأت فعلا تشجع التعرف أكثر على العالم العربي والإسلامي سواء بتشجيع دارسي اللغة والأدب العربيين للإجابة على هذا السؤال الذي تردد بقوة في المنتدى "لماذا يكرهوننا؟"، لكن أغلب هؤلاء الدارسين ينتهي به المطاف في وكالة الاستخبارات المركزية أو مكتب التحقيقات الفدرالي.. أي مرة أخرى لممارسة دور أمني.
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 27-ديسمبر-2024 الساعة: 05:18 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/28157.htm