المؤتمر نت - كتاب (حوار الاحفاد)
المؤتمرنت / هشام سعيد شمسان -
عن (حوار الأجيال) وصلة الشعر بالحياة
يقول سيِّد قطب بأن الشاعر الحقيقي (هو الأعرف بالحقيقة من الفيلسوف لأنه يأخذ مكانه بمعزل عن الحياة، بينما الشاعر الحقيقي ينغمس في الحياة، يحس بإحساسها، ويشعر بشعورها، ويتفاعل وإياها، ثم يتحدّث عنها بما يحس، أو بما تريد هي أن تحدّث عن نفسها).
وعلى ضوء هذا التعريف نستطيع أنْ نعطي تقييماً نقديَّاً، أوليَّاً حول ما يكتبه الشاعر والتربوي عبدالملك المذحجي، الذي استطاع عبر ديوانين متسلسلين (فكرياً وشعورياً) أنْ يثبت للقارئ حالةً من ربط الصلة بين الشعر والحياة، بتسجيل تفاصيل يبرز منها أثر البيئة واضحاً؛ حيث الجبال، والزراعة، والحصاد، والراعية، والبتول، والسهول، والسيول، والحقول، هي مؤسسات شعرية ظاهرة.. إلى جانب الاحتفاء بالطقوس اليومية والمناسباتية كالأعياد ومناسبات الحصاد، التي تبدو كهيئات مساعدة لفكرة الالتزام التي يعبِّر عنها واقع النصوص، المفعمةِ بالهم الإنساني العام، والخاص، فنرى الشَّاعر وقد أنغمس في الحياة متفاعلاً مع أشيائها، مترجماً للأجيال وللطفولة سيرة الإنسان، والوطن:
"كان الوقت ليلاً
طال الليل.. اشتدت العتمة
وفي وسط العتمة.. كابوس يتقيأ
يتثاءب.. من كثر التخمة
كابوس يلبس قفطاناً.. يوضع عمَّة"
* * *
إن نحو هذا المقطع –الاختياري- قد يبدو إلى حدٍّ ما (رمزياً) إلا أن الشاعر حاول أن يستعين بالرسوم التوضيحية، والتأثيرية لإبراز بعض المعاني التي قد تتخفَّى وراء القراءة الأولى، ففي نحو هذا النص –مثلاً- قد لا يفطن القارئ العادي للمقصود الضمني، إلاَّ أن صورة الإمام البشعة –مبتدأ القصيدة- تساعدنا على فهم الرمز في قوله (يلبس قفطاناً.. يوضع عمة)..
والنص برمته توصيف لمدَّة زمنية مظلمة عاش فيها اليمنيون، يضيئها الشاعر بخاتمة جماليَّة متحركة بالشعرية الرائقة:
(من جوف الليل تنهض أمَّة).
* * *
المذحجي وإن كان يكتب قصائده، متتبعاً النمط الصوتي في القراءة التي تحتاج -في أصولها- إلى ضبط لغوي بالحركات- وهي ميزة خاصة بالشعر العامي، إلا أن الشاعر –هنا، وخلال ديوانين متسلسلين- حاول اتباع الطريقة السطرية، الأشبه بنظام التفعيلة، التي تنتمي إلى الشعر الحديث.
ومما يبدو على كتابات المذحجي أنه يمزج العاميَّة بالفصحى في الكثير مما يكتب، وهذا الخلط المزْجي يعطي انطباعاً عن شعر يتميّز بالازدواجية الكتابية، وتهجين الشعر، إلى جانب أن الشاعر لا يلتزم بالإيقاع الخارجي (الوزن العروضي) بالرغم من وجوده متفرقاً –حيناً- ومنتظماً –حيناً آخر - في القصيدة الواحدة.. نحو قوله:
يومٌ آخر عادت أزهار
بالألوان اليوم فرحانة
السوق أحلى يبدو أوسع
كل الأشياء صارت أجمل
والألوان اليوم فتانة
* * *

(حوار الأجيال) .. صادر عن مركز عبادي للدراسات والنشر 2006م
وسبقه ديوان صادر عن ذات الدار 2005م، هو (أيلول والأحفاد)
تمت طباعة الخبر في: السبت, 27-أبريل-2024 الساعة: 08:02 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/29638.htm