المؤتمر نت - وادي الدور

استطلاع- ماجد عبد الحميد -
العدين ..عراقة الماضي وجوهرة الحاضر
مدينة العدين ..فيروزة بيضاء تجلس على حلةٍ سندسيةٍ خضراء ،وزمردة خضراء ساحرة تدهش زوارها بمناظرها الجميلة الخلابة، وعذوبة هوائها النقي ، ومعالمها الطبيعية الأخاذة ريحانة الخلود ،طبيعة ساحرة كل ما فيها يجسد الجمال,إذ تتجمل صورتها الحية في أحضان كتلها الجبلية المرتفعة، وقراها المعلقة على القمم، وكأنها تسامر النجوم .
للمرة الخامسة وزيارتنا تقتصر على مدينة إب فقط، ولكن هذه المرة اقترح علينا مرافقنا في هذه الزيارة بأن نحظى بزيارة قصيرة نستمتع فيها في مدينة العدين،واتجهت بنا السيارة التي تقلنا غرباً وفي مفترق الطريق صادفتنا منطقة مشورة،حيث ترى شموخ الجبال المكسية بالخضرة والجمال،و المدرجات الزراعية الوافرة بالخير.
وفيما كانت تسير بنا السيارة تبين لنا أن عيون مرافقنا تتلهف لالتقاط لحظات سارقة يخطف من منتزه مشورة الذي شيد على قمة جبل مرتفع نظرات تحمل تعابير ومعانٍ كثيرة، محاولاً إغراءنا لنحط رحالنا لبعض الوقت هناك إلا أننا رفضنا اقتراحه لما لنا من شغف وشوق لرؤية العدين وطبيعتها البكر، واصلنا سيرنا على الطريق الإسفلتي نترصد الحقول الزراعية والأراضي الخصبة وعند مشارف مدينة العدين صادفنا أكثر أودية إب جمالا وبريقا وادي الدور هذا الوادي كثيف بالأشجار،والمياه فيه دائمة الجريان طوال العام،خرجنا من وادي الدور، وعندما بدأنا بالاقتراب من المدينة شرعت ملامحها تتبين لنا، حيث بدأت مبانيها العالية الارتفاع تظهر كلما اقتربنا من المدينة حتى أن الجو بدأ يتزين بتفاوت الطبيعة الخلابة، دخلنا المدينة مندهشين لما رأيناه من تغلب في الطابع العمراني القديم على الطابع العمراني الحديث ،حيث تجد له شكلاً خاصاً ،ووجدنا أسواقها تكتض بأبنائها الذين تُشِعُ الطيبة من وجوههم.
تقع مديرية العدين في الجنوب الغربي لمحافظة إب وتبعد عن المحافظة بطريق إسفلتي يقدر بحوالي
(30) كيلو متر تقريباً، يحدها من الغرب مديرية فرع العدين ومن الشمال مديريتى حزم العدين وحبيش ومن الشرق مديريتا إب وجبلة.
وسكان مدينة العدين حسب الإحصائيات الأخيرة يقدرون بحوالي (140) ألف نسمة،ويوجد بها(21) عزلة و(24) ممسا و(1668) قرية صغيرة تحيط بالمدينة من كل اتجاه، كما أن لها دائرتين انتخابيتين ، وعدد أعضاء المجلس المحلي فيها (26) عضواً منتخباً .



وتفيد الإحصائية أيضاً أن عدد المدارس فيها (110) مدارس يدرس فيها ما يقارب (35559) طالباً وطالبة،وبها مستشفى و(4) مراكز صحية ،و(9) وحدات صحية .
ونظراً لكثافة سكانها وقلة إمكانياتها بدأت السلطة المحلية بالمديرية بالتعاون مع قيادات المحافظة في تنفيذ العديد من المشاريع الإنمائية والخدميه من مدارس ومراكز صحية وطرق ومياه وكهرباء،حيث دشن قبل شهر ونصف على الأقل مشروع الكهرباء العمومية (الضغط العالي) التي تغطي احتياجات المديرية بكاملها. ويعتبر هذا الإنجاز التنموي تعبيراً صادقاً يوحي بالإهتمام الكبير الذي توليه القيادة السياسية ممثلة بفخامة الأخ رئيس الجمهورية تجاه كافة مناطق الجمهورية، وحرصه الدائم على تحقيق العدالة الاجتماعية في توزيع تلك المشاريع.
من خلال زيارتنا للعدين التقينا أحد مسئولي المنطقة لمعرفة بعضاً من المشاريع التي تحققت لهذه المديرية خلال العام الماضي 2005م ؛حيث قال- تم تنفيذ العديد من المشاريع الإنمائية والتنموية خلال العام الماضي منها بناء مدرستين بتكلفة (20) مليون ريال ومراكز صحية بتكلفة (60) مليون ريال؛ إضافة إلى شق ومسح الخط الدائري بمركز المديرية وبعض العزل التابعة لها بتكلفة (42) مليون ريال، ورص وسفلتة الخطين اللذين يربطان مركز المديرية بمديريتي حزم العدين ومذيخرة.
وأضاف: تجرى حالياً الاستعدادات لاستكمال مشروع شق وسفلتة خط العدين الجراحي الذي سيربط محافظة إب بمحافظة الحديدة وكذا شق طريق القادسية الذي يربط المديرية بمحافظة تعز
ودعا في ختام تصريحه إلى التعاون المشترك بين قيادة المجلس المحلي بالمحافظة والمديرية،وكذا أبناء المدينة لبذل المزيد من الجهود للنهوض بهذه المدينة اقتصاديا وسياحياً من خلال تنفيذ المشاريع التنموية للمدينة،والترويج لها، لما فيها من مقومات حضارية بغرض جلب المستثمرين ورجال الأعمال للاستثمار فيها .
العدين قديماً

في القرن الحادي عشر الميلادي كانت العدين امتدادا لعاصمة الدولة الإسماعيلية التي كانت عاصمتها مذيخرة في عهد الملك علي بن الفضل ، والعدين تصغير لعدن وهي جزء من أرض الكلاع التي كانت تسمى سابقاً بالمخلاف ويشمل هذا المخلاف عدة مدن إذ أنه واسع مترامي الأطراف خصب التربة وافر بالخير والبركة ؛حيث كانت أحد مواقع محطات القوافل التجارية بين العرب.
كما أن للعدين تأريخاً عريقاً وحافل بالكثير من المعالم التاريخية القديمة،والتي لاتزال بعض أطلالها راسخة حتى اليوم منها: الجامع الكبير الذي بني قبل مئات السنين ،بداخله بركة كبيرة تسمى بركة العقود وهي مبنية من تسعة عقود بطول(3)أمتار وقد بنيت لتزويد الجامع بالمياه،حيث تصل إليها المياه عبر ساقية ممتدة من سفح جبل مرتفع يبعد عن الجامع بـ( 5كم ) تقريباً تندفع منه ينابيع الماء لتتجمع في منطقة تسمى بـ(الحسية) ،تزود الحسية إلى جانب الجامع السد الكبير بالمياه الذي لازال راسخا حتى اليوم والذي عرف بسد (يوم) وهو الذي بناه قديماً ،كما أنه في السابق كان يشكل مصدراً أساسيا لتزويد أهالي المدينة بالمياه؛أما حديثا فيستخدم للسباحة فقط ويبلغ عمق هذا السد ما يقارب
(20)متراً ومكون من أربعة أدوار طول الدور الواحد (5)أمتار ومبنياً بأحجار زاهية البياض ويعتليه جبل شاهق بني على قمته قلعة تسمى بـ(دار كتفى) التي بنيت في القرن السادس الهجري ، وكان آنذاك موقع حماية للمدينة من أية أخطار قد تواجهها ؛ أما اليوم فقد أصبح هذا المعلم التاريخي مهجوراً يستخدمه بعض أهالي المنطقة لتخزين الحبوب وأعلاف الحيوانات وأشياء أخرى ، ومن المعالم القديمة أيضاً جامع المدرسة الذي كان يدَرس فيه القرءان الكريم وعلوم الفقه والحديث وعلوم دينية أخرى .
وينتشر في العدين العديد من الحصون والقلاع التي تعتلي قمم الجبال التي تحيط بالمدينة من كل مكان منها حصن القفلة وحصن يفوز وحصن عزان وحصن الحقيبة والتي يعود تأريخها إلى ما قبل القرن الثاني عشر للميلاد ، والعدين عبارة عن مجموعة مبان كبيرة متعددة الأدوار مبنية بأحجار مختلفة غالبيتها ذات اللون الأبيض والأسود والطابوق الأحمر والجص التي أثرتها جمالا حضاريا لا مثيل له .
الوديان في العدين



كما يوجد في العدين أودية خصبة الأرض ودائمة الجريان بالمياه وغنية بمختلف أنواع الخضروات والحبوب والفاكهة .
اعتبرت تلك الأودية كمتنفس للزائرين للمدينة منها:(وادي عنة) وسمي بهذا الاسم حسب ما ذكر المؤرخون نسبة إلى عنة بن مثبوب الأكبر بن غريب،هذا الوادي كثيف بالأشجار الخضراء وغني بالمنتجات الزراعية المتنوعة منها على سبيل المثال: البن، قصب السكر،الجوافة،الموز،المانجو،العنب الشامي،التين،وغيرها.
(وادي الدور) الذي اكتسب شهرة واسعة لما له من مقومات طبيعية ومناظر خلابة وجو روحاني يسلب الروح ،وتغنى به الكثير من الفنانين اليمنيين وقال الشعر فيه رواد يمنيون منها ما قاله القاضي علي محمد العنسي ((وامغرد بوادي الدور من فوق الأغصان وامهيج صبباتي بترديد الألحان ... لانت عاشق ولا مثلي مفارق الأوطان)) وغناها كثير من الفنانين الكبار منهم الفنان الراحل على الأنسي والفنان أبو بكر سالم بالفقيه.
(وادي القصبي) وهو وادي صغير أكثر منتجاته الزراعية (البن العديني) المعروف،تمر مياهه عبر مدينة زبيد لتصل إلى البحر الأحمر .
واعتبرت هذه الوديان من أجمل الأودية في محافظة إب؛ حيث أصبحت متنفسا سياحيا يتوافد إليه الكثير من أبناء المحافظة والمناطق المجاورة لها بشكل دائم ومستمر.
الحمامات الطبيعية
وفي العدين حمامات طبيعية علاجية يقبل عليها الناس للاستشفاء ؛حيث ينصبون خيامهم لعدة أيام يبدؤون فيها بالجلوس في الأحواض بغرض التعرق ومن ثم التعرض للأبخرة الكبريتية ليأتي بعدها الاستحمام ، وحمام الشعراني هو أحد أهم هذه الحمامات الطبيعية حيث يبعد عن المدينة بحوالي (4) كم، ويقع في وادي عنة،وحمام جبل بحري ويبعد عن المدينة بحوالي (7) كم وحمامي الأسلوم و الأبعون .

تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 27-ديسمبر-2024 الساعة: 07:15 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/29761.htm