المؤتمر نت - أصبح من الممكن أن تكتب رسالة دكتوراه في أحكام وآداب دخول الحمام، ولك أن تتخيل الكم الهائل الذي تحويه تلك الرسالة من أحاديث وشروح لها، وآراء أصحاب المذاهب الأربعة وتلاميذهم وشروح هذه المذاهب،
لندن: محمد الشافعي -
طنطاوي: (بن لادن وهيفاء) افراز الخواء العقلي

يثير كتاب الشيخ نهرو طنطاوي الجديد «قراءة للإسلام من جديد» كثيرا من الجدل الفقهي, فهو يشن هجوماً على خرافات بعض العلماء وفوضى الفتاوى. ويؤكد الشيخ نهرو المدرس بالازهر والموجود حاليا بالكويت، أن النبش في الثوابت والموروثات يعد دخولا إراديا في عش الدبابير، خاصة في مجتمعنا الإسلامي المتمسك بثوابت متوارثة عبر الاجيال. وأثار الشيخ طنطاوي في حواره مع «الشرق الأوسط» الكثير من القضايا الفقهية والدعوية والسياسية، مثل مفهوم الاختلاط وهل هو إسلامي أصيل أم انه محدث، وكذلك تفسيره لآيات الحجاب وحدوده الشرعية، وكيف أن إطلاق اللحية يعد أمرا شخصيا لا يمت للدين بصلة، وما هي نقاط التقاء وافتراق بن لادن والزرقاوي والظواهري مع روبي وهيفاء وهبي ونانسي عجرم، فكان هذا الحوار....
> بما تصف كتابك الجديد «قراءة للإسلام من جديد»؟ هل هو مذهب فقهي أو فكر إسلامي جديد يخرج عن الموروثات التقليدية؟

- كتابي الجديد ليس برأي لا مذهب فقهي جديد وليس بفكر, ما جاء في كتابي «قراءة للإسلام من جديد» هو محاولة لتنبيه المسلمين وإرشادهم إلى المصدر الوحيد للتشريع في دينهم ألا وهو القرآن الكريم, فقد أدخل على الدين مصادر عديدة للتشريع زيادة على المصدر الوحيد، ومن هذه المصادر ما يسمى بالسنة والإجماع والقياس والاستنباط والاجتهاد ورأي الصحابة وغيرها من المصادر، وكل هذه المصادر ما أنزل الله بها من سلطان وإنما هي من صنع الفقهاء والمجتهدين، وهذه المصادر المختلقة التي تمت إضافتها إلى المصدر الوحيد للتشريع، إنما زادت الدين تعقيدا وتناقضا، بحيث أصبح من الممكن أن تكتب رسالة دكتوراه في أحكام وآداب دخول الحمام، ولك أن تتخيل الكم الهائل الذي تحويه تلك الرسالة من أحاديث وشروح لها، وآراء أصحاب المذاهب الأربعة وتلاميذهم وشروح هذه المذاهب، والاجتهادات والقياسات والاستنباطات والناسخ والمنسوخ, ناهيك من الاختلافات والتناقضات التي سوف تتناولها الرسالة بين الأحاديث والمذاهب وشروحها والقياسات والاجتهادات، وفي النهاية سوف تتبنى رسالة الدكتوراه رأيا أو مذهبا من كل هذه الآراء والمذاهب، وبعد نشرها في الأسواق يقوم باحث آخر بعمل رسالة دكتوراه مماثلة للرد على هذه الرسالة وتخطئة ما جاء في الرسالة الأولى، ويتبنى رأيا جديدا خلافا للرأي الذي تبنته الرسالة الأولى، وهكذا إلى ما لا نهاية.

ولذلك كانت محاولات العلماء دائما هي البحث عن سبيل للخروج من المأزق الخطير المتمثل في التناقض والتضارب بين أحكام المصادر المتعددة للدين ومحاولات التلفيق والتبرير والاعتذار والنسخ والتجميع والتكييف والترقيع بين النصوص المتضاربة في المصادر المتعددة.

> ما رأيك في مصطلح الاختلاط، وهل هو إسلامي أصيل أم انه محدث؟ وهل يوجد حكم للرسول الكريم فيما يسمى الاختلاط؟

- إن مصطلح الاختلاط هو مصطلح جديد، يقابله في فقه العلماء مصطلح الخلوة، وحتى هذا المصطلح هو مختلق، وهناك حديث ينسب للرسول عن الخلوة نصه «ما خلا رجل وامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما»، وهذا الحديث كثير من العلماء ضعفوه من ناحية السند، أما عن القرآن فلا يوجد أي نص أو إشارة فيه إلى حرمة خلوة الرجل بالمرأة والاختلاط بها في أي مكان، وأنا أقصد الخلوة في العمل، في وسائل المواصلات، في التعليم أو في أي ظروف أخرى، وقد بينت وأوضحت في كتابي ضوابط العلاقة بين الرجل والمرأة في القرآن وهي، لقد وضع الله بعض الضوابط بين الرجل والمرأة في علاقتهما خارج نطاق العلاقة الزوجية ونوجزها في التالي:

> غض الرجل لبصره وحفظ فرجه إلا على زوجته قال تعالى «وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله». وقال تعالى «وليستعففن خير لهن والله سميع عليم». والعفة هي المنع والترك والكف عما لا يحل من قول أو فعل وترك الشهوات مما لا يحل. والعفة محلها القلب وليس عدم الاختلاط، فقد يختلط الإنسان بالجنس الآخر وهو يشتهيه ويتمنى الاجتماع به إلا أنه يستخفي من الناس، وقد يختلط شخص آخر بالجنس الآخر وهو أكثر عفة وورعا ممن لا يختلط، فالعفة محلها القلب وواجبة على الجنسين وليس الرجال فقط أو النساء فقط.

> ما حدود الحجاب شرعا، ولماذا شرع، وهل هو من الدين أم انه كما يرى البعض شعار اجتماعي بدلالة أن الخليفة عمر بن الخطاب كان ينهى الجواري عن ارتدائه؟

- إن حدود الحجاب كما جاءت في القرآن هي انه يحرم على المرأة إبداء زينتها إلا لهؤلاء (الزوج، الأب، الابن، أبو الزوج، ابن الزوج، الأخ، أبناء الأخوة، أبناء الأخوات، النساء، ملك اليمين من الجواري والعبيد، الأطفال، الرجال الذين لا يشتهون النساء)، فكل هؤلاء لا حرج في إظهار المرأة زينتها أمامهم، إلا ما ظهر منها كالكحل في العين والخواتم والأساور في اليد لا حرج إن ظهر أمام الأغراب. قال تعالى «ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء». أما ضرب الخمار على الجيب، كما قال تعالى «وليضربن بخمرهن على جيوبهن»، والخمار هنا يقصد به غطاء الرأس للمرأة، والجيب هي فتحة الصدر من الثياب، فقد أمر الله المرأة أن تضع ما نزل من غطاء الرأس على فتحة الصدر حتى لا يظهر ثدياها. وحدود الحجاب كما جاء في القرآن هو ستر المرأة لجسدها، وضرب الخمار الذي هو غطاء الرأس على صدرها، وليس ثيابا مخصصة للمرأة بزي معين أو تصميم خاص، أو لون خاص، فأي تصميم للثوب وبأي لون يقوم بعدم تحديد أجزاء المرأة أو استشفاف جسدها يؤدي الغرض، أما فرض تصميم معين أو لون معين فهو فرض على الناس ما لم يفرضه الله, فالله أمر المؤمنات بإدناء الجلباب، ومعنى الإدناء هو القرب والإرخاء والإسدال، بحيث يكون الثوب فضفاضا، وأي ثوب فضفاض يؤدي الغرض سواء أكان بنطلونا أو بدلة أو تايير أو بلوزة أو عباءة أو أي ثوب بأي لون سوف يؤدي الغرض. أما لماذا شرع الله الحجاب فقد ذكر الله سببا وهو: «ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين» أي حتى لا تتعرض المرأة من قبل البعض للأذى بالكلام أو الفعل وهو ما نسميه اليوم «بالمعاكسة». أما عن كلمة الحجاب فهي كلمة لم ترد في القرآن، وما ورد في القرآن هو إدناء الثوب والعفة وعدم إظهار الزينة وعدم اللين في الكلام الذي قد يفهم منه شيئ يطمع الرجل في المرأة مما قد يجعله يعتدي عليها أو يؤذيها، وكلمة الحجاب لم ترد في القرآن ولا حتى في السنة. واحتشام المرأة وعفتها وإدناء الثياب على جسدها هو دين شرعه الله وليس شعارا اجتماعيا كما يقول البعض، وربما البعض يتخذه شعارا لأغراض أخرى فالله أعلم بنياتهم.

أما قولك أن عمر كان ينهى الجواري عن ارتدائه فعمر ليس بمشرع وقوله وفعله ليس حجة يحتج بها، فلله الحجة البالغة على الناس جميعا بما فيهم عمر وغيره. وما جاء به القرآن هو الحجة على الناس جميعا.

> أعطى البعض لنفسه من الأصوليين مثل أبو قتادة الإسلامي الفلسطيني الحق في تكفير الآخرين. فما رأيك في هذه المسألة؟ - بخصوص تكفير الناس واستحلال أموالهم ودمائهم فينقسم فيه الكلام إلى قسمين، الأول: تكفير المسلمين واستحلال دمائهم وأموالهم، وفيه قلت إن إطلاق الأحكام على جرائم الكفر والخروج من ملة الإسلام يتطلب التحقق من عدة أمور مستحيل أن يطلع عليها إلا الله وحده، مثل عدم التبين وعدم التحقق وعدم الخطأ أو النسيان أو الجهل، لذلك لا يحل لأحد ولا يحق له إطلاق حكم الكفر لشخص منتسب إلى الإسلام ينطق بالشهادتين ويقيم شعائره مهما صدر منه من أقوال أو أفعال توجب الكفر ما لم يعلن ردته وانسلاخه عن الإسلام صراحة واعتناقه دينا آخر. وحتى المرتد لا يحل قتله لعدم وجود نص في القرآن بقتل المرتد، أما الأفعال والأقوال التي قد تصدر من الأشخاص المنتسبين إلى الإسلام كإنكار شيء من الدين أو رفضه أو الاستهزاء بدين الله أو ترك فرض من فروض الدين أو استحلال ما حرم الله وغير ذلك من الأفعال التي توجب الكفر أو تعد في دين الله كفرا، فلا يحل لأحد ولا يحق له إطلاق الكفر عليه لعدم التحقق من ذلك ولا يستطيع أحد التحقق من ذلك إلا الله سبحانه وتعالى، ما دام هذا الشخص لم ينكر الدين جملة ولم يعلن ردته وانسلاخه الكلي عن الإسلام، ولا يحل لأحد قتله أو عقابه لعدم ورود نص قرآني ينص على ذلك، بل إن كثيرا من المسلمين على عهد الرسول فعلوا الكفر وقالوا الكفر ولم يرو عن رسول الله قتل أحد منهم، ولم يأت القرآن بقتلهم بل بقوا كما هم في صفوف المسلمين، ومنهم من تاب وقبل الله توبته ومنهم من لم يقبل الله توبته ومن لم يقبل توبته لم يأمر بقتله.

الثاني: غير المسلمين، فهم نوعان أعداء محاربون باغون، وهؤلاء أمرنا الله برد عدوانهم وبغيهم بكل ما أوتينا من قوة، وقد فصلت ضوابط ذلك في الكتاب في فصل الجهاد. وغير مسلمين، مسالمون غير محاربين، فهؤلاء أمرنا الله بحسن معاملتهم بالقسط والبر والحب. > لماذا اصبح إطلاق اللحية لدى الجماعات الإسلامية شيئا أساسيا والتمادي في طول اللحية بات من القرب إلى الله عز وجل، ولماذا يعتبر البعض أن حلق اللحية هو من الفسوق والخروج عن الملة، من أين جاءوا بهذه التصورات؟

- بخصوص إطلاق اللحية أو عدمه فهو أمر شخصي بحت ولا يمت للدين بصلة، ولو كان أمرا دينيا جوهريا لذكره الله في القرآن، وأما عن الأحاديث التي وردت في اللحى فالله أعلم بصحتها، وعموما هي من أحاديث الآحاد بمعنى أنها ظنية في ثبوتها عن الرسول الكريم. > هناك حالة من التمزق تصيب المسلمين في الغرب، وهم يقاسون لعدم مواءمة الفتاوى لحياتهم وظروف مجتمعاتهم.. هل ترى بوجوب وجود فقه جديد لمسلمي الغرب؟

- المسلمون في الغرب لا يحتاجون إلى فقه جديد، المسلمون في الغرب يحتاجون إلى فقه صحيح لكتاب الله، إن دين الله يمارس في أي بقعة من الأرض وفي أي زمان دون حرج أو مشقة، فقط لو فهمنا كتاب الله فهما صحيحا، أما هذا الفهم الصحيح الذي يحتاجه المسلمون في الغرب لا يتسع المجال الآن لذكر كيفيته أو شرحه، فقد بح صوتي مع رجال الأعمال والأخوة الصحافيين والمثقفين والإصلاحيين وغيرهم في مصر والكويت وأنا أطلب منهم إنشاء قناة فضائية للإصلاح الديني، وأنا على أتم الاستعداد أن أبذل قصارى جهدي فيها دون مقابل لنتناول فيها جميع القضايا الدينية من فقه واستفتاءات ومناقشة لجميع جوانب الدين المعرفية والثقافية والتاريخية والفقهية وغيرها من الموضوعات. وأخبرتهم بأن الفضاء مملوء بالقنوات الفضائية لجميع التوجهات الدينية والفنية والثقافية والسياسية إلا الإصلاح الديني أو الفهم الصحيح للإسلام فلماذا لا يكون هناك قناة فضائية مستقلة للإصلاح الديني والفقهي.

> لماذا هناك حملات مطاردة للأدباء والمبدعين في العالم الإسلامي؟

- نحن في العالم العربي والإسلامي ننقسم إلى أربعة أصناف، أما الصنف الأول فرجال دين وهم نوعان، الأول: رجال دين موظفون تقليديون حتى النخاع، وهؤلاء اختاروا بمحض إرادتهم أن يكونوا مغلوبين على أمرهم، متمسكين بالتراث حتى وكأن الزمن وقف عند القرون الأولى للإسلام، لا هم لهم إلا حفظ المتون والحواشي وآراء المذاهب المختلفة، وتراهم دائما خائفين، خائفين من ماذا، من كتاب، من قصيدة، من فيلم من أغنية من مقال، فهم خائفون ومتربصون من كل جرة قلم أو مشهد في فيلم أو كوبليه في أغنية أو رأي في مقالة أو كتاب.

أما النوع الثاني من رجال الدين: فهؤلاء أصحاب التيارات الدينية، قاموا باختطاف الإسلام لأغراض سياسية للاستيلاء على السلطة لإعادة أمجاد الخلافة على حد زعمهم، وهم كالذين من قبلهم في تقليديتهم إلا أنهم يتحركون في إطار سياسي، ودائما متربصون وخائفون من كل جديد ومن أي نقد أو تطوير، ويقومون بتنفيذ أحكامهم على الناس بأيديهم في حكمهم على أحد بالكفر أو الردة.

الصنف الثالث من شعوبنا: هم المفكرون والمبدعون وهؤلاء على نوعين، الأول: مفكرون ومبدعون لهم آراؤهم وأبحاثهم وأفكارهم الجادة المخلصة حتى إن كنت أختلف معهم كثيرا في أطروحاتهم إلا أنهم أصحاب فكر جاد متجدد ومتميز وجدير بالقراءة والمناقشة، أذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر الدكتور فرج فودة ونصر حامد أبو زيد ومحمد أركون والمستشار العشماوي وعابد الجابري ومن الأدباء نجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس وغيرهما الكثير. وأنا من أشد المعجبين برواية أولاد حارتنا وقد قرأتها عدة مرات، وهناك من الكتاب السياسيين والمفكرين الإسلاميين الذين أعجب بفكرهم كثيرا مع بعض خلافاتي أيضا مع بعض أطروحاتهم وأذكر منهم سيد قطب ومحمد عمارة وفهمي هويدي والشيخ الغزالي رحمه الله ومحمد حسنين هيكل وغيرهم الكثير. فأنا أحب وأحترم الفكر الجاد الهادف المخلص حتى وإن اختلفت معه. أما النوع الثاني: فهم بعض من يدعون أنهم مثقفون وكتاب، وهؤلاء ليسوا بمبدعين ولا مفكرين، هؤلاء أشبه ما يكونون بالباعة الجائلين، وهم أرباع وأنصاف المثقفين من الصحافيين والكتاب والشعراء والباحثين عن الشهرة ولقمة العيش أيا كان مصدرها حلالا أو حراما أو رشوة أو ابتزاز، والباحثين عن أي حيلة وأية وسيلة للوصول للشهرة، إما عن طريق مقالات أو كتابات أو قصائد شعرية يسخرون فيها من الجنة والنار والملائكة والله والأنبياء والتاريخ والجغرافيا والمقدسات والثوابت ويلعنون كل شيء حتى أنهم يلعنون اليوم الذي ولدوا فيه، لماذا لا أدري؟

وأستغرب حال هؤلاء القوم فأحسبهم مرضى نفسيين يحاولون بشتى السبل أن يضعوا لأنفسهم قدما بين المفكرين والمبدعين وهم خاوون من أي فكر جاد وجديد ومستنير يستحق الدراسة والقراءة والبحث. أما تلاحظ ايضا أن إبداعنا في العالم العربي انحصر في كتاب تافه أو مقالة عبيطة أو قصيدة شعرية لشاعر يتسكع نهارا على المقاهي وفي الطرقات يغازل الفتيات. أما تلاحظ أن الإبداع في عالمنا العربي والإسلامي قد انحصر في أغاني وكليبات عباقرة زمانهم أمثال الفنانة روبي وهيفاء وهبي ونانسي عجرم وغيرهن ممن غيرن وجه التاريخ في العالم العربي الحديث والمعاصر برقصاتهن وانثناءاتهن وأغانيهن الخلاقة المبدعة التي ستتوارثها الأجيال وتدرس في الجامعات لأبنائنا «كرجب حوش صاحبك عني، أحبك آه أخاصمك لا، يا طبطب وادلع، أقوله آه يقولي هو لا». أما الصنف الرابع في عالمنا العربي والإسلامي وهم الذين ليس لهم من الأمر شيء، هم الفئة الصامتة، هم البسطاء والضعفاء والفقراء والمرضى والجوعى الذين لا يؤبه لهم، والذين لا يستطيعون حيلة ولا يجدون سبيلا، أما هؤلاء فلهم الله.

> لماذا من وجهة نظركم يعتبر بعض الدعاة في أحاديثهم ضرر هيفاء وهبي أو نانسي عجرم أخطر على المسلمين من خطر بن لادن والزرقاوي والظواهري؟

- إن مشكلة بن لادن والظواهري والزرقاوي، ومشكلة هيفاء وهبي وروبي ونانسي عجرم، إن هاتين المشكلتين ما هما إلا نقطتان مظلمتان من مئات النقاط المظلمة في عالمنا العربي والإسلامي، فمن أفرز بن لادن والظواهري والزرقاوي غير الاستبداد والاستعباد والضعف والوهن والجمود الذي يخيم على كل شيء، ومن أفرز هيفاء وهبي ونانسي عجرم وغيرهما، غير السطحية والفراغ والبطالة والتفاهة والخلل القيمي والأخلاقي والخواء الروحي والعقلي الذي يجتاح الشباب ويجتاح مجتمعات العالم العربي والإسلامي.

فالمشكلتان ما هما إلا إفراز طبيعي لحالة التخلف المزري الذي نعيشه في عالمنا العربي، وهناك الكثير من الإفرازات الصديدية المتقيحة التي تملأ جسد العالم العربي سببها الاستبداد والرجعية والديكتاتورية وخنق مناخ الحريات، والبعد عن المنهج الصحيح للإسلام.

> من في نظرك الشخص المؤهل للفتوى لأننا في الغرب نرى كل من حفظ ربع من القرآن وأطلق لحيته، يفتي ويحلل ويحرم؟

- الشخص المؤهل للفتوى هو الشخص الحافظ للقرآن الكريم كاملا وعلى دراية كافية باللغة العربية نحوا وصرفا وبيانا ومعنى، وملما بالمتواتر عن الرسول صلى الله عليه وسلم في أفعاله وأقواله، ويكون فقيها في القرآن وأحكامه وتعاليمه، ولا يفتي برأيه ولا برأي غيره ولا يزيد على ما جاء في القرآن ولا ينقص منه، فوظيفة العلماء كما جاءت في القرآن هي، قال تعالى: «فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون». إذن وظيفة العلماء هي التفقه في الدين والدين هو القرآن وما تواتر عن الرسول من قول وفعل.

> هل يحتاج القرآن الكريم إلى تفسير من خلال كتب التفاسير التي تظهر في الأسواق، ولا نعرف من الأفضل والأيسر لفهم القرآن وأحكامه؟

- القرآن الكريم هو أحسن تفسيرا لمن يتقن العربية نحوا وصرفا وبلاغة وبيانا ومعنىً، يتقن القرآن حفظاً وتدبراً وتفكراً، أما عن التفاسير الموجودة فهي تملأ القرآن غموضا وتضاربا وتناقضا وليس لشيء في ذات القرآن ولكن لفهم القرآن عن طريق ما يسمى بالسنة والآراء والاجتهادات. واسمح لي أن أعيد صياغة سؤالك فأقول كيف نفهم القرآن؟ وهنا أقول يمكننا فهم القرآن من طرق ثلاث، الأول: اللغة العربية، فاللغة العربية هي المصدر الأساسي والوحيد لفهم القرآن الكريم، ولا يوجد مصدر آخر لفهم ألفاظ القرآن الكريم غير اللغة العربية والبرهان على ذلك ما أورده الله في كتابه الكريم حول علاقة اللغة العربية بالقرآن، فقد ورد في القرآن الإشارة إلى اللغة العربية إثنتي عشرة مرة، أربع منها في عقل وفهم وتعلم وتبين القرآن، وهذه الآيات هي، قال تعالى «إن أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون». وقال تعالى «إن جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون». وقال تعالى «كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون». وقال تعالى «وما أرسلنا رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم»، ولسان قومه أي لغة قومه. وفي هذه الآيات الأربع دلالة قطعية على أن اللغة العربية هي المصدر الوحيد لفهم القرآن الكريم وليس هناك أي مصدر آخر لفهم القرآن وأحكامه غير اللغة العربية والجمع بين آيات القرآن. وقد يقول قائل ولكن اللغة العربية بها بعض المترادفات والمتضادات وقد يكون للكلمة الواحدة أكثر من معنى، أقول قد فصلت ذلك في كتابي فليرجع إليه
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 05:21 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/30112.htm