بقلم :تشارلي رييز -
أجندة أخرى للانتصار على الإرهاب
الإرهاب تكتيك للحركة السياسية، وليس كياناً قائماً بذاته وهو تكتيك يستخدمه من يتعرضون لظلم سياسي. لذا، ومن هنا فإنك إذا أردت التخلص من الإرهاب فإنه يتعين عليك علاج المشكلات السياسية التي تمخض منها هذا الإرهاب.


لم يكلف الرئيس الأميركي جورج بوش نفسه عناء القيام بذلك.وإنما زاد الطين بلة وجعل الوضع يتفاقم. وأوجد مصنعاً عملياً لتفريخ الإرهابيين .


إنني أؤمن بالحكمة القائلة إن الإنسان يحصد ثمار ما يغرس، والقيام بزراعة البغض أمر سيء، ولكن لسوء الحظ فإن الرئيس الأميركي أغوته السلطة الهائلة المتاحة له. فهو يعتقد أن المؤسسة العسكرية ومجتمع المخابرات بإمكانهما حل مشكلة الإرهاب.


يتعين على الرئيس الأميركي أن يلاحظ بعناية الوضع الخاص بإسرائيل. فمنذ عام 1947 والإسرائيليون يحاولون استخدام القوة عوضاً عن الدبلوماسية لحل القضية الفلسطينية. وما هي معالم هذه القضية يا ترى؟ لقد قام الصهاينة بتشجيع من البريطانيين بإنشاء دولة استعمارية في فلسطين، من دون اعتبار لحقوق الشعب الفلسطيني أو رغباته.


على امتداد 59 عاماً حاول الإسرائيليون أن يتخلصوا من ورطتهم هذه باللجوء إلى القتل. ولم ينجحوا في ذلك. فالفلسطينيون لا يزالون هناك. وهم يقومون بعمليات قتل أيضاً. وبعد 100عام من الآن، سيظل الفلسطينيون هناك، ولكن بقاء إسرائيل ليس أمراً مؤكداً على الإطلاق. إنني أميل إلى الاتفاق مع رئيس سابق للمخابرات العسكرية الإسرائيلية ذهب إلى القول إنه إذا لم يُمنح الفلسطينيون دولة خاصة بهم، فإن إسرائيل ستنتحر.


أعتقد أنه محق في ذلك. فالإسرائيليون باتوا مصابين بالرهاب، وهم يطوقون أنفسهم بالجدار العازل ـ وبلا شك ـ يبتلعون في غمار ذلك المزيد من الأراضي الفلسطينية.


ولكن لا فائدة من إقامة الجدار. فثمة فلسطينيون داخل الجدار يحملون الجنسية الإسرائيلية. وهناك فلسطينيون في الضفة الغربية، غزة والقدس الشرقية. وفي مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية ولبنان، سوريا والأردن. وما دام العدل لم يتحقق للفلسطينيين، فلن يكون هناك سلام في تلك المنطقة.


والفضل في ذلك يرجع إلى لوبي إسرائيلي قوي-وهو حكومتنا - فبدلاً من تحقيق مصالحنا، جعل هذا اللوبي من نفسه محرضاً للجرائم التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين.


ولهذا السبب، أصبحنا مستهدفين من قبل الإرهابيين كذلك. إن قول الرئيس بوش إن الإرهابيين « يكرهون الحرية» هو طرح مليء بالتناقضات، فما يكرهونه هو سياستنا في الشرق الأوسط، وهي ليست بالسياسة التي لها علاقة تذكر بالحرية. عندما أجرى الفلسطينيون انتخابات حرة ولم يقوموا باختيار من أردناهم، ماذا فعلنا؟


حملنا مقتنياتنا الثمينة وعدنا إلى وطننا مقطبي الجبين. وجعلنا حياة الفلسطينيين تعاسة ما بعدها تعاسة. وأثبتنا جدارتنا بأن نوصف بالازدواجية، لأن أحد عناصر الديمقراطية الرئيسية هو التسليم بنتائج الانتخابات الحرة.


والرئيس الأميركي يرفض القيام بذلك. وعلى امتداد عقود، حرمنا الفلسطينيين من حماية القانون الدولي عن طريق منع كل قرار من الأمم المتحدة يسعى إلى تصحيح الأخطاء التي ارتكبتها إسرائيل. وقد أغدقنا على إسرائيل الأموال التي تقدر بمليارات الدولارات وجعلناها قوة عظمى إقليمية بما في ذلك امتلاكها للأسلحة النووية.


وفي غضون ذلك، قمنا بغزو دولتين إسلاميتين، لم تكن أي منهما في حرب معنا أو تشكل تهديداً لنا. وقد استغرقت حركة طالبان بعض الوقت، لكي تعيد تنظيم صفوفها، ونجحت في ذلك. وقد خسرنا 236 من رجالنا في أفغانستان، وإذا بقينا، فسنخسر المزيد.


ومخطئٌ ـ في اعتقادي ـ من يظن أنه في وسعنا القيام بما لم يستطعه لا البريطانيون وهم في قمة نفوذهم وبما عجز عنه السوفييتيون. فقد كانت عمليات قتل الأجانب تسلية وطنية على امتداد قرون في أفغانستان. وكلما طالت مدة بقائنا هناك، زادت كراهية الأفغان لنا.


ينبغي علينا الانسحاب من الشرق الأوسط وتبني موقف منصف ومشروع تجاه الفلسطينيين. وإلا، فإننا سنعرض أنفسنا لكارثة في الشرق الأوسط. إن علينا الانسحاب الآن بينما ـ كما يقال في الجنوب ـ «الأمور لا بأس بها». هذه هي الطريقة الوحيدة التي يستطيع بها المرء الانتصار فيما يسمى بالحرب على الإرهاب.

* عن «أنتي وور»
ترجمة: كوثر علي




تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 27-ديسمبر-2024 الساعة: 06:36 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/32117.htm