المؤتمر نت - الدكتورة / وهيبة فارع
د.وهيبة فارع -
الفلسطينيــون وحـــدهـم
هذا الدمار الذي تمارسه إسرائيل على الشعب الفلسطيني يندرج تحت مسمى الإرهاب وليس تحت أي مسمى آخر ، فشعب يعيش بكامل افراده تحت الحصار وتحت نيران المدفعية والدبابات والطائرات والقنص وهدم المنازل وجرف الأراضي وحرق الأشجار ، هو شعب يتعرض لحرب إبادة وإرهاب دولة وعلى مرأى ومسمع من العالم ، ووضعه هو نموذج ظلم صارخ يستحق المراجعة من المجتمع الدولي ومؤسساته حتى لا تستعلي فيها الدول القوية على إرادات الشعوب الصغيرة وتستعبدها تحت مسميات مختلفة وقد اتفق العالم على كل وثائق حماية حقوق الإنسان
هذه المشاهد التي ليس لها مثيل في تاريخ البشرية لا يمكن وصفها إلا بأنها جريمة القرن ، ولكن المخجل أنها في قرن الحريات والقانون الدولي والديمقراطية وحقوق الإنسان ، ترى ماذا كان يمكن أن تسمى في عصر لم يصل إلى كل هذه المكاسب الإنسانية ؟!.
المجتمع الدولي لم يحرك ساكناً ينتظر تحرك مؤسساته ، والشعوب المحبة للسلام لا تملك إلا الفرجة والغضب حتى تتحرك حكوماتها ، والشعوب العربية لا تملك إلا الدعاء حتى يرفع الله عنها البلاء تواكلا وضعفا، مواقف تدفعنا الى الغضب من انفسنا ومن مؤسساتنا الدولية ومن الحكومات المتقاعدة، فما نراه لا يمثل إلاّ استهتاراً بكل ما تحمله البشرية من رصيد قيمي وأخلاقي.. الفلسطينيون وحدهم في مواجهة آلة الدمار في منطقة ساخنة تدفع كل يوم ثمناً من أرضها وإنسانها وثرواتها واستقرارها ، صمتها عار وغضبها نار ، يُقدم الشعب الفلسطيني قرباناً لسلام غير منظور وأمن غير موجود ، وحياة كريمة لن تدرك بغير الدماء الزكية التي صارت أرخص من الماء على أرض كل حصادها مزيداً من الشهداء ونبت للكرامة العربية أو ما تبقى منها والتي يحصدها الاسرائيليون كل يوم.
غاضبون نحن ، ولكننا لا نملك غير الغضب وعذرنا وإن كان قبيحاً وغير مشروع إلا أننا نتساءل أين خجل الذين يغضبون ولا يتوقفون يوماً عن التغني بالديمقراطية وحريات الشعوب ، غاضبون ونحن كمن يقبض على جمر، فليس من الكرامة ولا من الشهامة ، أن نتابع مسلسل القتل اليومي بالتواكل والضعف والحسرة التي تدمي القلوب حيث لا حرمة لبشر ولا كرامة لإنسان ولا حصانة أدمية لاي بشر ، كل شيء متاح للقتل وللتعذيب والتنكيل به حياً وميتاً مادام في ارض لا يريد اهلها ان يتركوها نهبا للغاصبين .
إن كنا لا نملك غير الدعاء وغير الصلاة وحكوماتنا لا تملك سوى الشجب والاستنكار ، فمن للفلسطينيين إذاً ... ؟ من لهؤلاء فلا مال ولا سلاح ولا حصون امامهم سوى بيوت لم تسلم من القصف فإن كنا لا نملك غير الفرجة وغير البكاء فمن للفلسطينيين إذاً ؟ .
إن ما بيننا وبين هؤلاء كعرب من نسب وقربى وجوار يحتم علينا أن نصرخ في وجه الطغاة على الاقل صرخة المؤمن المستنصر في ماله ودمه ، أوقفوا مذابح الشعب الفلسطيني ، صرخة من يؤمن بالقانون الدولي وحقوق الإنسان بأنه عار على البشرية مثل هذه الممارسات اللإنسانية ونحن نتحدث عن الإنسانية ودستورها الإنساني .
سبعون عاماً والمشهد يتكرر كل يوم ولو كان في مكان آخر لا توجد فيه مصالح الدول الكبرى لكانت قد سارعت بالعدد والعدة ولكانت قد طبقت فيه قرارات الشرعية ليوم واحد فقط من المجازر وليس لسبعين عاماً تساوي 25200من المجازر اليومية مجزرة مجزرة، تغتال شعباً بأكمله وتدوس على كل مقدساته الإسلامية والمسيحية على السواء حتى ولو كان مؤمنا بالديمقراطية حتى العظم، مذعنا لها رضوخا لدعوات المجتمع الدولي ليبرهن انه لا يتخلف عنهم في سبيل السلام ولكن كيف و مع من ؟ ومقابل ماذا ؟ اهو سلام متكافىء قد يلامون على نقضه ؟ ام هي حرب متكافئة قد يلامون على الافراط فيها ؟ ام ان مسيحيوا فلسطين ومسلميها أقل قيمة من مسيحي العالم ومسلميها نحن نعلم بأن دولة "ديمقراطية" في المنطقة كتلك التي نعايشها يومياً قد أصبحت اليوم وبالا على كل نظام ديمقراطي في العالم بما فيهم اصدقائها لإنهاء دولة لا تؤمن بالتعايش السلمي ولا تحترم القانون الدولي ولا تعترف بحقوق الإنسان ، دولة تحتل وتغتصب أرضاً ليس لها وتحتمي بتلك الدول والقوى العظمى التي لا ترى في ممارساتها المشينة كدولة مغتصبة تلك عاراً ولا عيباً .
الفلسطينيون وحدهم نعم ، فهل أدركت شعوب العالم أن لا سلام ولا ديمقراطية بين مستضعف رخيص ماله ودمه وعرضه ، وبين قوي ديكتاتوريته عدلاً واستعباده لحرية شعب رحمة ، وقتله للابرياء من أخلاق النبلاء ؟! كيف لا وهو يتمتع بكل الحصانات التي نزعت من مجرمي العالم لتبقى حصاناته هو ضد أي قانون دولي وإنساني رافعة انفها فوق كل قانون ليس لنا إلاّ الدعوة بتطبيق القانون الدولي وفرض حماية على الشعب الفلسطيني وان يمارس المجتمع الدولي دوره لإثبات أنه قادر على أن يطبق قرارات الشرعية حيث يجب أن تكون ، وليس أقل من أن ينتفض المجتمع الدولي على وصاية بعض الدول على مؤسساته الدولية والإنسانية التي تحول دون واجباته في حماية الشعوب المحتلة أو التي تتعرض للاحتلال واثناء الحروب .
لكم الله يا فلسطينيون هذا الزمن وأنتم لستم وحدكم فكل شهيد فيكم هو شهيد لكل بيت عربي ... وكل قطرة دم هي نزف جديد في الكرامة العربية كلها من محيطها إلى خليجها ولا عزاء للجبناء.
الثورة نت


تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 27-نوفمبر-2024 الساعة: 10:40 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/32802.htm