BBC -
الفرح يتقهقر والرمادي يلف سماء بيروت
غابت ابتسامات الصبايا في مطار بيروت، بهتت الألوان وتحولت الأشياء إلى الرمادي. لا صخب ولا حياة بل صمت ووجوم - وصلة هدوء مؤقت بين الغارة والغارة.

وحدهم العسكر وكبار المسؤولين كانوا في استقبال طائرات الغوث العسكرية الأردنية بعد أن ناورت الحفر وتلال الرمل على أحد مدارج مطار رفيق الحريري الدولي. عبر هذا المطار، كان يطل آلاف السياح والزوار بحثا عن الاستجمام، الموسيقى والسهر.

اليوم تسهر بيروت على إيقاع القنابل والصواريخ. سماؤها ملبدّة بغيوم "أمطار الصيف" التي أطلقتها إسرائيل ردا على احتجاز اثنين من جنودها على يد مجموعة من حزب الله.

مذ دوت أصوات المعارك في الثالث عشر من تموز (يوليو)، فرّ من لبنان برا وبحرا أكثر من نصف مليون سائح وعشرات آلاف المواطنين.

أما بوابة المدينة الجويّة فأغلقت، لتحيي في ذاكرة اللبنانيين أجواء الحروب التي عصفت ببلادهم منذ اندلاع الحرب الأهلية (1975-1990)، والاحتلالات الإسرائيلية لاسيما في العام 1982 عندما اجتاح الجيش الإسرائيلي بيروت.

بيروت الحياة والسهر والليل تحوّلت اليوم مرة أخرى إلى ثكنة عسكرية على وقع الغارات الإسرائيلية التي أحالت ضاحيتها الجنوبية، المحيطة بالمرفأ الجوي، إلى ركام وبعثرت بذور الأمل في صدور الشباب.

هدم وبناء
"إنهم يقتلون الأمل. يهدمون بلدا"، صرخت سماح باستنكار على أرض مطار بيروت. وتساءلت اللبنانية الثلاثينية "إلى متى نبقى نعمّر ويدمرون؟ لقد يئس الكثيرون".

تقول سماح إن شقيقها استقال من عمله وحزم حقائبه للسفر إلى إحدى دول الخليج.

مذ سكتت بنادق الحرب الأهلية قبل 16 عاما، "نجح اللبنانيون في إعادة إعمار بلدهم وعاد مغتربون من أوروبا وإفريقيا ومناطق أخرى بينما أعيد نسج أوصال الوطن من شماله إلى جنوبه"، يستذكر حمدي بحزن، ويضيف "اليوم عادت عقارب الساعة إلى الوراء ودمروا كل ما بنيناه".

كانت التوقعات بحجم الأمل. إذ توقعت تقديرات رسمية وصول مليون و600 ألف سائح هذا الموسم، رقم قياسي كان يمكن أن يفوق أرقام السياحة إلى "سويسرا العرب" قبل الحرب الأهلية.

تحويل الأنظار
يقول خالد إن زلزلة لبنان حوّلت الأنظار عن "المجازر اليومية في قطاع غزّة وعمليات القتل بالجملة في العراق". إذ حجّ إلى لبنان مئات الصحافيين تاركين بؤرتي الاشتعال المزمنتين في المنطقة لمتابعة "البركان" المتصاعد في الجنوب.

أمل تحتج لأن تداعيات الحرب على لبنان حجبت عن مواطنيها متابعة غزة والعراق. تقول أمل "علمت اليوم فقط أن الجيش الإسرائيلي اجتاح أمس رام الله (عاصمة الحكم الذاتي الفلسطيني في الضفة الغربية)". وزادت "في العراق يموت 50 شخصا يوميا. لم نعد نعرف حجم الضحايا. لم نعد نقرأ صحف أو نتابع أخبار غيرنا بينما يحترق بيتنا
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 27-نوفمبر-2024 الساعة: 09:31 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/33239.htm