اليهود في بلاد البلابل غرباً لن يطول بك الطريق من مد ينة إب عاصمة الخضرة في وسط اليمن , تدحرج فقط بمركبتك عبر الإسفلت المتعرج وسط احتفالية الطبيعة بنيسان , ستقطع أكثر من اقليم مناخي بدءاً بالبرد القارس شتاءً في "مشورة" ?الأكثر دفئاً في علا قة طردية مع مشاعر الناس تجاهك لكنها ليست غير 30كم إلا قليلا تتولى بعدها بلابل "وادي الدور" استقبالك ضيفاً على "العدين".. من بوابة الحب والجمال فقط يمكنك الدخول إلى العدين إنها بلد محروس بالعصافير ومحفوفٌ بالأغاريد .. هنا قبل بضعة قرون أصدر القاضي علي بن محمد العنسي حكمه على بلبل وادي الدور بالكذب في الحب منكراً عليه العشق وانتهره على أن أثار بشدوه أشجانه ولاعج شوقه قائلاً: وامغرد بوادي الدور من فوق الاغصان وامهيج صباباتي بترجيع الالحان ما بدا لك تهيج شجو قلبي والاحزان لاانت عاشق ولا مثلي مفارق للاوطان وفي محاكمة ميدانية قصيرة أصدر عليه حكمه بترك الحب : بلبل الوادي الأخضر تعال أين دمعك تدعي لوعة العاشق وماالعشق طبعك فاسترح واشغل البانة بخفضك ورفعك واترك الحب لاهل الحب يا بلبل البان مضى الزمان بالقاضي وبقي بلبل وادي الدور مقيماًعلى جريمة التغريد للحب والجمال وأحال الحكم إلى شاهد عشق وتغريد باق ٍعلى الشفاه الملتاعة كأحدأروع أغاني التراث اليمني الخالدة وبقي الحب شرطا للمواطنة في العدين وعدوى تصيب كل من يشرب ماءها أو يتنفس هواءها...إثنان لا أنصحهما بزيارة العدين الذي لم يأخذ جرعة الوقاية من الملاريا والمطبوع على الغلظة والجفاء. متلازمة الحب هذه وتنوع الطبيعة هي التي حكمت التنوع وتعايش المتناقضات في حياة الإنسان في العدين فكمايتنوع المناخ فيها بين تجمد الماء على قمة "قرعد" في مذيخرة إلى رياح السموم اللافحة في "المسيل"فرع العدين يتنوع السطح من سهول وأودية وهضاب وجبال ومسطحات رملية أشبه بصحارى,وتتنوع الأشجار من اشجارغابات إلى الحشائش الصغيرة فمن أشجار "الذّرح" هنا نقلت السيدة أروى بنت أحمد الصليحية أخشاب قصرها في عاصمة مملكتها جبلة كما يحدثك الدليل السياحي للقصر، وكالأشجار تتنوع الثمار والحبوب ,ثمرتان لاتجدهما إلا في العدين التمر هندي "الحمر" وقصب السكر"المضار" .. زيارة واحدة للعدين وتقول بعدها أنك عرفت اليمن كاملة برد "ذمار" وحر السواحل مدرجات "المحويت" و"حجة" وتنوع الطبيعة الخلابة في "عتمة"نخيل "حضرموت" و"كاذي"الحسيني وفله, وكالطبيعة تجد الإنسان في العدين حياة معيشية تتدررج بين بيوت القش والقصور المحاطة بالأسوار المنيعة التي يغلب عليها الطابع المعماري للمناطق الوسطى من حيث البناء الحجري وقمرياتها الخشبية "التخاريم "او الحجرية ذات الأقواس النصف دائرية أوالنصف أسطوانية المدببة وتختلف عنها من حيث الزخرفة الخارجية و تعدد مساقطها الأفقية المربع والمستطيل أوشكل الحرفUوTوLالقرىالكبيرة والبيوت المتناثرة لاتستطيع أن تقول أن في العدين كل الأنشطة الإقتصادية من رعي وصناعة وزراعة وصيد ولكنك تقدر أن تقول أنك شاهدت من يرعى ومن يزرع ومن يصنع ولوسلال القصب ومن يعمل بالتجارة ومن يصطاد بسنارته بعض الأسماك النهرية الصغيرة في سائلة "عنّه "أحد روافد وادي زبيد كما لاتستطيع أن تقول ان فيها كل السلالات البشرية ولكنك وجدت فيها القوقازي وذا الوجه الأسيوي أو الأوربي الأبيض والزنجي ما تستطيع أن تجزم به أن فيها كل خصائص المجتمع اليمني طبقاته عاداته وتقاليده وثقافاته والديانات التي عاشت فيه بانيان ويهود ومسلمون شافعيون وإسماعيليون وأحناف وأشاعرة وحنابلة وصوفيون ..."في هذه البلاد عرف الناس كيف يعيشون بسلام ويموتون بسلام"هذا ما ستقوله بعد أن تقابلك عند مدخل المدينة المقبرة التي ترتفع فيها قبة الولي علي بن عمر وتضم قبور المسلمين واليهود والبانيان . بين المسجد الجامع في المدينة ومسجد المدرسة كانت حارة"الحِبس" التي يسكنها اليهود "الذميون"وفيها مدرستهم الخاصة..عام 1307هجرية اشترى الشيخ إبراهيم بن محسن علي صلاح من داود بن إسحاق الذمي وكيلا عن سمحو بنت شليم شكر الذمي وبعدها بعام 1308اشترى نصيب عمتها زهرة بنت شكر ليعيش محاطاً من الشمال ببيت عويض الذمي ومن الجنوب ببيت سليم يعقوب الذمي و"المعلامة حق الذميين" مدرستهم ومن الغرب بيت موسى الذمي أقرب منزل الى مسجد المدرسة الذي أصبح يسكنه الآن الحاج محمد عبده الحذيفي "الصائغ"الذي مازال -رغم كبر سنه-يبتسم في طيبةٍ وهو يحدثك عن تعلمه مهنة الصياغة وصناعة الحلي من اليهود الذين كانوا يحتكرونها وذكرياته معهم إنه لايصدق أن في حزب الليكود يهودي واحدمن الذين كانوا في العدين .. في داخلي تمنيت لو أمتلك حقيقة جنسية أولئك اليهود الذين يتظاهرون ضد سياسة شارون الإستيطانية والجدارالأمني كم سيكون هذا العجوز سعيداً لو أنهم من أبناء سمحو سليم أوزهرة بنت شكرأو غيرهما من أبناء حارة الحبس في العدين..لابدأن يكون فيهم من أمه "راحيل"العدينية التي تفخروتحمدالله إلى سمائه أن زوجها مات لم يجرم في سبت ولا عيد قائلة في رثائها له:"حاميم هلك لاخرم سبته ولاخرم عيده خمايمك لاشمايمك آمين" غير بعيد عن حارة الحبس و إلى الجنوب الغربي تقع حارة "مشعرة" التي تقاسم سكناها مع المسلمين اليهود والبانيان .. كبار السن الغاضبون من وزارة الأوقاف يقولون أن مقبرتهم -البانيان واليهود-تحت المباني السكنية التي استأجر أصحابها عرصات مبانيهم من الأوقاف -لعل تأجير تلك المقابر يأتي من قبيل عدم التمييز ضد الأقليات ومساواة لهم بمقابرالمسلمين التي يلتهمها التوسع العمراني في كثيرٍمن المدن اليمنية ضمن فلسفة"الحي أولى من الميت" وتبقى قرية اليهودية في"عرصمة" جنوب العدين والمال في وصية الأم اليهودية لإبنتها ليلة الزفاف ضمن محطات ذكريات لنا قادمة مع اليهود في بلد (البلابل) |