قراءة في نتائج الانتخابات الرئاسية اليمنية قبل الحديث عن الانتخابات الرئاسية والمحلية التي جرت في الجمهورية اليمنية في الحادي والعشرين من سبتمبر الماضي وفاز بها زعيم حزب (المؤتمر الشعبي العام) الرئيس علي عبدالله صالح بأغلبية مريحة، قبل هذا لابد أن نشير الى الأسباب التي أدت الى الفوز الذي حققه الحزب الحاكم في الورقتين الرئاسية والبلدية (المحلية) وبصورة محايدة بعيدة عن المجاملات. عندما انتخب مجلس الشعب المقدم علي عبدالله صالح يوم 17 يوليو عام 1978م لم يكن في مخيلة احد من المراقبين سواء على المستوى المحلي (اليمني) أم الاقليمي ان يكمل الرئيس صالح مدة عام على كرسي الرئاسة وذلك بسبب الامواج السياسية العاتية ورياح المشاكل العاصفة آنذاك في اليمن بشقيه الجنوبي والشمالي (سابقا) ومن ثم كانت موافقة الرئيس صالح على تولي رئاسة الجمهورية العربية اليمنية آنذاك نوعا من المغامرة وكان كل شيء على غير ما يرام، فالجيش منهك ومتشرذم بسبب المشاكل التي كان وراءها الاخوة في التيار الناصري والأمن غير مستقر بسبب الزحف الجبهوي للإخوة الرفاق (الجبهة الوطنية المدعومة من الحزب الاشتراكي في الجنوب) حيث وصلوا الى العمق في المحافظات الشمالية والتخريب والاغتيال مستمران، ووجد الرئيس صالح نفسه يقود السفينة اليمنية والمشاكل تحيط بها من كل جانب الا انه خيب كل التوقعات وظل يقود السفينة اليمنية بحكمة واقتدار وركز في البداية في بناء الجيش من حيث التدريب والتأهيل والتسليح وتوحيد قيادته، كما كسب في الوقت نفسه كل التيارات الموجودة في الساحة وأرضى الجميع حتى الذين حاولوا الانقلاب عليه، ثم اتجه الى الجانب التنموي في جميع المجالات وكان الهاجس الوحدوي لم يفارقه فعمل على تحقيق هذا الجانب وأتيحت له الفرصة اكثر بعد افول القطب الشرقي (انهيار المنظومة الاشتراكية في موسكو) فتم توحيد اليمن تحت علم واحد يوم 22/5/1990م وكان هذا اكبر منجز تحقق للأمة العربية في القرن الماضي. هذه النقاط الثلاث (إشاعة الأمن والاستقرار والاهتمام بالجيش، والاهتمام بالجانب التنموي، وتحقيق الوحدة اليمنية) هي التي جعلت الشعب اليمني يختار الرئيس صالح ويفوز في الانتخابات الرئاسية التي جرت مؤخرا وليس حبا في حزب المؤتمر لأن «المؤتمر« هو عبارة عن مظلة ينضوي تحتها عناصر من كل التيارات الموجودة في الساحة اليمنية من اقصى اليسار الى اقصى اليمين وهذه هي تركيبة المؤتمر الشعبي العام وهذا بالطبع كون الرئيس يستخدم سياسة التقارب والانفتاح مع كل التيارات بعيدا عن العنف والحقد السياسيين. المهم ان يكون الهم الوحيد هو المصلحة الوطنية بغض النظر عن التوجه الذي يحمله أي شخص كان طالما انه يحمل الهم الوطني ويجعل المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار وتوجه، وهذا هو ديدن علي عبدالله صالح منذ ان قاد السفينة اليمنية. في نظري ان هذه الاسباب الثلاثة الآنفة الذكر هي التي جعلت الشعب اليمني يختار الرئيس صالح مرة تلو أخرى لقيادة اليمن، إضافة إلى كل ما سبق ذكره يحسب للرئيس صالح انه أسس التجربة الديمقراطية وجعلها السبيل الوحيد لقيادة اليمن وأصدق دليل على ذلك انه لم يحصل على نسبة 99.9% كما هي العادة في الجمهوريات، بل حصل على 77%. لقد رسخت اليمن سلطة ومعارضة العمل الديمقراطي بكل شفافية في الانتخابات الاخيرة وصدق الرسول (صلى الله عليه وسلم) القائل: «الايمان يماني والحكمة يمانية« فهنيئا لليمن قيادة وشعبا ومزيدا من التقدم الى الأمام في ظل قيادة الرئيس صالح، كما ان المعارضة هناك لها دورها البناء. وكل ما نتمناه عليها هو اتباع اسلوب النقد البناء بعيدا عن سياسة التشهير، فالوطن يتسع للجميع والكل في مركب واحد. (أخبار الخليج) |