محمد صادق دياب* -
فتاوى مدفوعة الثمن
بدهشة كبيرة قرأت ما نشرته صحيفة «الشرق الأوسط» عدد السبت الماضي بعنوان «علماء دين يدخلون على خط الفتاوى المدفوعة الأجر عبر الجوال»، ويشير الخبر إلى أن علماء دين ينشرون أرقام هواتفهم معلنين عن استعدادهم للإجابة عن الاستفسارات الدينية عن طريق الهاتف مقابل أجر محدود، وقد أفتى أحمد عبد العال، وهو إمام وخطيب مسجد بجدة إلى عدم وجود مانع شرعي يمنع الحصول على أجر مقابل الفتوى، واعتبرها كأعمال تحفيظ القرآن الكريم وإلقاء المحاضرات الدينية، وأن عالم الدين مثله مثل الطبيب والمهندس والمدرس يأخذ أجرا مقابل عمله، وفجأة يورد عبد العال عبارة تبريرية حينما يقول: «إن أموال الفتاوى تساهم في مساعدة بعض الأسر الفقيرة في الحي وشراء الكتب الدينية بالإضافة إلى نفقة العاملين بالمسجد.. وهنا اختلط الأمر علي، فلقد كان على ذلك الإمام والخطيب أن يوضح أن كان ثمن الفتوى سيذهب إلى جيوب العلماء أم للتصدق على الفقراء والإنفاق على العاملين في المساجد فثمة فرق بين الغايتين.

والمحاذير التي ترتبط بتنفيذ هذا الأمر متعددة منها جرأة الكثيرين على الفتوى في عصرنا في غياب الاتفاق على مواصفات المؤهل للفتوى، الأمر الذي استشعر خطورته الكثيرون من أبناء الأمة الإسلامية، وكانت من التوصيات التي وردت في قمة مكة توصية بخصوص أهمية إصلاح مجمع الفقه الإسلامي ليكون مرجعية فقهية للأمة الإسلامية تسهم في توحيد مصادر الفتوى، وحتى تتحقق هذه التوصية فإن في كل بلد جهة اختصاص تتولى مسؤولية الإفتاء، وعلى هذه الجهات أن تقرر جواز أو عدم جواز الفتوى مقابل أجر، وفي حالة الجواز من هم العلماء الذين يستحقون مثل هذه التراخيص لمزاولة الإفتاء عبر الهاتف الذي سيتحمل المتصل تكاليف تلك الخدمة التي ستحصل شركة الاتصالات على نصف قيمتها بينما يذهب النصف الآخر للشيخ المسؤول عن الفتوى. وليقيني بأن هيئة الاتصالات غير مؤهلة لأداء مهمة تقويم العلماء، ولكيلا يختلط العلماء بأنصاف العلماء في تقديم هذه الخدمة، فإن تصاريح خاصة يفترض أن تصدر من هيئة الإفتاء لكل من رغب في المشاركة في هذه الخدمة في حالة جوازها، وإلا فإننا سنجد أنفسنا أمام بازار فتاوى حقيقي له خطورته وتداعياته في هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها الأمة الإسلامية.

فهل تتنبه الجهات المسؤولة إلى هذا الأمر قبل فوات الأوان؟


الشرق الاوسط
تمت طباعة الخبر في: الثلاثاء, 14-مايو-2024 الساعة: 07:41 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/35741.htm