المؤتمر نت - 
في الحلقة الثانية من الحوار الموسع الذي أجرته (المؤتمر نت) مع الفنانة التشكيلية الدكتورة آمنة النصيري نسلط الضوء أكثر على التجربة الفنية للفنانة آمنة النصيري، حيث تتناول هذه الحلقة مسألة التركيز والاعتناء بالألوان في معالجة (القضية) المراد التعبير عنها فنياً .
فالدكتورة التشكيلية آمنة النصيري تقول عن نفسها أنها ليست معنية بوضوح الشخوص داخل النص البصري .

الفنانة التشكيلية آمنة النصيري (للمؤتمر نت) :

المؤتمرنت-حوار / عارف أبو حاتم -
بلادنا غنية بتراثها ، والكائنات التي أرسمها لها مسحة صوفية (الحلقة الثانية)

في الحلقة الثانية من الحوار الموسع الذي أجرته (المؤتمر نت) مع الفنانة التشكيلية الدكتورة آمنة النصيري نسلط الضوء أكثر على التجربة الفنية للفنانة آمنة النصيري، حيث تتناول هذه الحلقة مسألة التركيز والاعتناء بالألوان في معالجة (القضية) المراد التعبير عنها فنياً .
فالدكتورة التشكيلية آمنة النصيري تقول عن نفسها أنها ليست معنية بوضوح الشخوص داخل النص البصري .
وقالت أن الناس ألفوها فنانة تشخيصية وتعبيرية لكنها أحبت التغيير الإيجابي وخرجت عما اعتاد عليه الناس منها .
وعن تأثرها بالموروث المحلي قالت أنها بعد عودتها من (موسكو) وجدت نفسها في بلدٍ غني بتراثه وفنونه وهويته المحلية وهذه مسألة لا يمكن أن تمر عابرة .
وأضافت : (إن لدينا أرضاً خصبة بكل الفنون ومع ذلك لم تستلهم) .
ونترك التفاصيل للقراء الكرام عبر الحلقة الثانية من الحوار .

التكرار بتحولات مختلفة
- يلاحظ على كثير من أعمالك التشكيلية الاعتناء والتركيز على اللون ، ألم يكن هذا الاعتناء يأتي – ولو أحياناً – على حساب الشكل والمساحة والشخوص ؟

* أولاً أنا أناقش قضية المعالجة بشكل عام، لا يعنيني ظهور الشخوص بوضوح داخل النص ، إذا كان المعني بالدرجة الأولى هو اللون ، اللغة التي أتحدث بها في النص الآن ، هي (اللغة اللونية) ولست مهتمة بالتشخيص بالمعنى الاصطلاحي . فكثيراً ما تجد أنني أضع الأشخاص على الأشكال الأخرى وهذه مسألة متعمدة ، بمعنى أنني ابتعدت إلى حد كبير عن التشخيصية ، وحتى الكائنات لا تطرح علاقة مباشرة مع الشكل المادي ، الخارجي للأشكال والكائنات بشكلها الفعلي أو الواقعي إذا كان اللون يأتي على حساب بقية العلاقات فهي مسألة متعمدة أو قصدية ، ذلك لأني أهتم بـ(اللغة اللونية) وأن يصبح اللون هو لغتي الأساسية في التعبير .
المشكلة أحياناً أن يعتاد الناس عليك بشكل مختلف . فالناس اعتادوا أنني أقرب إلى التشخيصية والتعبيرية بمعناها التقليدي فمن أعتاد هذا الشكل وأحبه يصدم بالتغيير ، وأعتقد أن التغيير إيجابي في النصوص الأخيرة
الفن الموسيقي – مثلاً – الناس تحب نمط من الأغنيات فتستغرب أن يتجه الفنان إلى نمط آخر ، هذا نفس الشيء يحدث مع التشكيلي والقاص والشاعر .

- أيضاً يلاحظ على لوحاتك كثرة التكرار .. فهل هو تداعٍ لإسقاطات نفسية لدى الفنان أم هو حاجة أساسية في اكتمال اللوحة ؟

* التكرار ليس بمعنى تكرار التكوين ، أعتقد ، تكرار بعض الأشكال بتحولات مختلفة ، أنا أبحث عن تحولات للشكل الواحد ، مثل الكائن الحيواني : الكائنات في لحظة الصراع ، وفي لحظة حميمية كالحب ، وفي لحظة التوالد والأمومة .
التكرار يأتي هنا من أن نفس الكائن يمكن أن تشاهده بتحولات مختلفة ، فيعتقد المتلقي أن هذا الكائن يتكرر ، مع أنه يتكرر بموضوع جديد ، أنا أبحث عن تحولات متغايرة ، لذات الكائن ومع ذلك سوف تجد أن القيم اللونية تغير من شكل الكائن ، وأنا لا أستطيع أن أكرر نفس النص في عمل جديد .

- بمعنى أن التكرار يأتي لحاجة أساسية في اللوحة ؟

*هي حاجة أساسية في النص ، من حيث أنني أبحث عن تحولات لحياة الكائنات ، وهي بالطبع فيها مسحة صوفية ، بمعنى أنك تبحث في هذا التنوع والكثرة داخل الكون الواحد ، هذا التنوع الذي تعبر عنه بلغة كونية مشرقة، كثيرة البهجة والانتشاء ، وتأكيد على القيم الجمالية في الحياة ، وحميمية الحياة ، بغض النظر عن مركزية الإنسان داخل العالم . فقد تشاهد الإنسان في بعض النصوص يأتي في مقابل الزواحف والوحوش .
العالم يعج بالكائنات بما فيها الإنسان دون أن يكون الإنسان هو متصدر هذه الكائنات .

بيئة غنية بموروثها
- تلقيت دراستك الفنية في الخارج (موسكو) ثم عدت إلى اليمن (البيئة الداخلية) أيهما استفاد فيك من الآخر أكثر التعليم من البيئة الداخلية أم العكس ؟ وهل من علاقة بين الأمرين ؟

* عملياً أريد أن أقول أني تلقيت دراستي الأولى الحقيقية في اليمن في قسم (الفلسفة) وكانت الفلسفة مصدر مهما في تطوير كثير من الرؤى بالنسبة لي وكنت حينها قد بدأت الرسم ، وبدأت المشاركة في كثير من المعارض ، ومقارنة نفسي بتجارب الفنانين الذين أصبحت تجاربهم أكثر نضوجاً مني ، لأني كنت شابة صغيرة في المعارض العربية ، فالفلسفة فتحت لي آفاقاً كثيرة للتفكير والتحليل وتقييم تجاربي ، وجعلتني أكثر صرامة في تطوير إمكانياتي الذاتية ، إلى حد جعلتني أكون قاسية في تعاملي مع نفسي ومع دراستي ، بعد ذلك الانتقال إلى موسكو وهي من حيث الدراسة الأكاديمية تتمتع بمنهج قوي للغاية ، نعرف أن المدرسة الواقعية تطورت بشكل رئيسي في الاتحاد السوفيتي السابق نتيجة أد لجة الفن .
لقد استفدت كثيراً من الدراسة الأكاديمية ، وكنت أركز بصورة أدق على دراسة تاريخ نظرية الفن ، وعلم الجمال ، وفلسفة الفنون ، هذه الحصيلة النظري والعلمية في التعليم العالي أفادتني كثيراً ، وليس هذا فحسب ولن عشر سنوات في الخارج أحدثت تغييراً عندي ، تغيير في كثير من خبراتي الحياتية والعملية والإبداعية .
لأن هذا البلد ليس قاصرا على أصحابه ، لكن كان هناك في أكاديمية الفنون والمعارض الكثير من الفنانين الأجانب ، وكنا نتناقل خبرات بعضنا البعض ، فتعلمت كثيراً من الفنانين الصينيين ومن ثقافتهم ورؤيتهم ومن الألمان والأمريكيين ... اختلاف المنابع والمصادر لهذه الخبرات الفنية مسألة مهمة بالنسبة لي ، وأظن أنني لو لم أحظى بهذه الفترة من الدراسة في الخارج لما تطورت كثيراً .
بعد ذلك العودة إلى مسألة التراث ، فعندما تعود ولديك منهج وتعليم أكاديمي ، تجد أنك في بلد غني بتراثه وفنونه وهويته المحلية وهذه مسألة لا يمكن أن تمر عابرة ، ولا يمكن إلا أن تلاحظ هذا الشيء . في الغرب تلاحظ أن الفنانين يبحثون عن قصاصات من تاريخهم ، وعن قطع صغيرة ربما ترشدهم إلى مصادر جديدة من فنهم لأن كل شيء هناك استهلك ، تشعر بهذا الفقر الداخلي لديهم ، بمقابل غنائنا الشديد ، لدينا أرض خصبة بكل الفنون ، ومع ذلك لم تستلهم بعد ، تراثنا مصدر شديد الثراء ولا يمكن أن يمر عابر في تجربة أياً منا .
تمت طباعة الخبر في: الإثنين, 23-ديسمبر-2024 الساعة: 02:14 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/3630.htm