مابعد مؤتمر لندن بكل المقاييس مثل إفتتاح فخامة الرئيس علي عبدالله صالح ومتابعته الشخصية لفعاليات اللقاء التشاوري أو مؤتمر المانحين الذي إنعقد قبل أيام في العاصمة البريطانية (لندن) عنصرا رئيسيا في نجاح أعمال المؤتمر ، كما وفر سببا وجيها لتفاؤل المشاركين فيه (من الجانبين اليمني وغير اليمني) ، إضافة إلى تفاؤل المراقبين بشأن نجاح الخطوات التالية الكفيلة بتحويل كل تلك الخطط والمشروعات والمناقشات إلى واقع ملموس . هذا الألتزام الرئاسي ، لم يكن – كما يعرف المتابعون – وليد الصدفة أو مجرد تأكيد على أهمية ذلك اللقاء أو المؤتمر بحد ذاته ، بل إن فخامة الرئيس ظل ومنذ الخطوات التحضيرية الأولى لهذا المؤتمر يتابع الجهات المتخصة أولا بأول ، ويوجهها بنصائحه ، لضمان إستمرار الأداء في كل الجوانب المتعلقة بالمؤتمر، إلى أن وصلنا إلى لندن ، حيث إحتشد كل ذلك العدد من الوزراء والمختصين ، إضافة إلى الإعلاميين اليمنيين الذين أوفدهم التليفزيون اليمني جنبا إلى جنب مع عدد كبير من رؤساء تحرير ومندوبي صحفنا الرسمية والحزبية والأهلية اليومية والإسبوعية ومواقع الإنترنيت الإخبارية اليمنية. كان لقاء أو مؤتمر لندن وما يزال حدثا بارزا في تاريخ خطط وبرامج التنمية اليمنية ، وتحديدا القادم منها خلال الإعوام المقبلة . وهو مايمكن إعتباره الخطوة العملية الأولى في الطريق إلى مستقبل أفضل . ولأهميته فقد حظي بتغطية إعلامية تميزت عن تغطية مناسبات شبيهة . لكن يبقى السؤال ملحا بشأن مابعد لندن . أي الخطوات والمراحل التالية من تحويل كل تلك الدراسات والخطط والبرامج وحتى وعود أو التزامات وتعهدات التمويل إلى واقع ملموس فالرئيس القائد علي عبدالله صالح ، وهو هنا يمثل رأس السلطة في اليمن وقمة هيكلها التنظيمي ، ومن خلال إهتمامه الشخصي بلقاء أو مؤتمر لندن ، أكد إهتمام اليمن والتزامها أمام الدول المانحة بل وإحترامها لما أتفق عليه في لندن ، و تحديدا الشراكة اليمنية- الدولية في عملية التنمية وتأهيل اليمن للإنضمام لمجلس التعاون الخليجي . كما إن الرئيس القائد أوضح بما لايدع مجالا للشك إن وزارة التخطيط والتعاون الدولي هي الجهة الوحيدة المخولة بالتعامل مع المانحين وما سيتفق عليه بشأن آلية تنفيذ تعهدات ومقررات مؤتمر لندن . هذا ما أجمع عليه المراقبون ( في اليمن وخارجه) ، لكن ما لم يتفقوا عليه بعد ، وخاصة أولئك الذين يعتقدون إنهم خبراء في الشئوون اليمنية ومتابعين للكثير من تفاصيل الإدارة اليمنية ، ولما يدور في أروقة الدوائر والأجهزة الحكومية اليمنية ، هو مدى جاهزية وإستعداد وزارة التخطيط والتعاون الدولي وبقية الوزارات والجهات المعنية في اليمن ، ومدى قدرتها على التعامل مع متطلبات وإستحقاقات المرحلة الجديدة. حيث يطرح هؤلاء إن خبرتنا السابقة وتعاملات السنوات الماضية لا تبدو مشجعة . ليس هذا فقط بل إنهم يستندون إلى معنى إهتمام الأخ الرئيس علي عبدالله صالح بهذه القضية ، وإلى ماطرحه على المانحين في صنعاء ولندن من إن الحكومة اليمنية لا تريد "ريالا واحدا للخزينة اليمنية " ، وإقتراحه عليهم الإتفاق على آلية معينة يتم بموجبها التأكد من وفاء الدول المانحة بتعهداتها ، ثم تنفيذ مشروعات الخطة ميدانيا.. ويرى هؤلاء إن الأمر يتطلب دراسة متأنية وشجاعة تتناول جوانب القصور أو الخلل في أداء هذه الوزارة أو تلك الهيئة وذلك الجهاز . بحيث يتسنى لنا الكشف عن المعوقات والمشاكل المحتملة ومعالجتها بدون تردد أو مماطلة. وبحيث لا يقتصر الأمر فقط على تشكيل لجان لا تتمتع بقوة إتخاذ القرار والتنفيذ الملزم . وهؤلاء بطبيعة ليسوا هنا بصدد التقليل من شأن أو أهمية ما أنجزته هذه الأجهزة المختصة اليمنية خلال الفترة الماضية من تجربة التنمية في اليمن. لكن همهم الرئيسي هو أن لا تتكرر أخطاء الماضي ، وأن لا تتعطل المراحل أو الخطوات التالية لمؤتمر لندن. ويقترح هؤلاء إما أن يتم التعامل مع المشاكل والمعوقات وتصحيح الأخطاء بطريقة مختلفة تماما عن ما الفناه في السنوات السابقة ، وحتى لا يقال إننا نكرر ألأخطاء ، أو أن تتولي جهة مستقلة يتم إستحداثها أو إنشاؤها خصيصا لهذا الغرض ، مسئولية متابعة وتنفيذ مقررات لندن ، وبحيث تؤدي مهامها تحت إشراف مباشر لرئيس الدولة بعيدا عن الشكوك وخبرة الأعوام الماضية التي لا تبدو مشجعة في نظر هؤلاء. لقد أثبت الأخ الرئيس علي عبدالله صالح إنه حريص على أن يكون مستقبل اليمن أفضل من حاضره وماضيه ، وإنه يعي تماما إن التجارب الماضية ليست مشجعة تماما ، خاصة بالنسبة لبعض الدول المانحة . وهذا ما يدفعنا إلى التأكيد على أهمية أن يتواصل إهتمام الأخ الرئيس القائد بالمراحل أو الخطوات التالية لمؤتمر لندن ، بحيث يتم وضع جدول زمني لما يمكن إنجازه ، وتتحول تلك البرامج والخطط إلى واقع ملموس. والله الموفق |