المؤتمر نت - *
المؤتمر نت -
مفتي السعودية يرفض التخفيف على الحجاج
رفض مفتي السعودية الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ إطلاق مبدأ "التيسير" في الحج على عمومه، مشيراً إلى أن التيسير المقبول في الحج لابد أن يتوافق مع الشرع وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، فيما طالبت ندوة "الحج الكبرى" في بيان لها بتبني التيسير ورفع الحرج باعتبارهما مقصدا من مقاصد الشريعة، والأخذ بالرخصة الشرعية عند الحاجة، وتفعيل قاعدة "تغير الأحكام بتغيرالأحوال والأزمان" التي تنطبق على الأحكام الفقهية المستنبطة عن طريق الاجتهاد.

وقال المفتي في اللقاء السنوي للدعاة المشاركين في الحج مساء الثلاثاء 26-ديسمبر-2006 بعد يوم واحد من انتهاء فعاليات الندوة التي عقدت في مكة واستمرت ثلاثة أيام، إن التيسير لا يكون بنقض الواجبات وهدم أركان الحج.

وأضاف أن الحج لا يجوز أن يكون ألعوبة "كل من يفتي على هواه دون الرجوع إلى أقوال علماء الأمة" مبينا أن أعمال الحج مقترنة بالإخلاص وموافقة شرع الله وسنة نبيه مع الاستشهاد بالدليل من الكتاب والسنة أو الإجماع.

وفي ذات السياق أوضح وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف السعودي الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ أن التوعية في الحج عمل متكرر من حيث التطوير والتنويع لكنه متجدد وشمولي، وأن الدعوة لابد أن تكون وفق السنة حتى لا تتحول مناسك الحج إلى صفات محدثة متنوعة.

وطالب الدعاة بالتيسير ورفع الحرج على الحجاج فيما لم يظهر فيه دليل، والحرص على براءة الذمة في اصدار الفتوى، وأن يعي الدعاة الكلمة التي يقولونها، وأن يكونوا على قلب واحد وتصفية لنفوس بدون قدح أو غيبة.




إجماع على التيسير

وكانت "ندوة الحج الكبرى" التي نظمتها وزارة الحج السعودية تحت عنوان "التيسير في الحج في ضوء نصوص الشريعة ومقاصدها" قد شهدت مناقشات بين عدد كبير من العلماء والفقهاء والمفكرين وأصحاب الرأي من مختلف دول العالم الإسلامي، وذلك قبل أن تصدر بيانها الذي تبنت فيه مبدأ التيسير في الحج.

وأوضح البيان الذي تلاه د. هشام بن عبدالله العباس أمين عام الندوة بأن قاعدة التخفيف في أحكام الشريعة قاعدة عامة معتبرة في كتاب الله عز وجل بنص الآية الكريمة: {يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا}.




التوسع في التيسير

وأكدت الندوة على أن التيسير والتخفيف المشروعين منضبطان بنصوص الشريعة وأحكامها ومقاصدها، ولا يجوز التوسع فيهما بما يؤدي إلى تحريف أحكام الشريعة وتبديلها وتعطيلها، فالتيسير لا يعني الانحلال من أحكام الدين أو إتباع الهوى والتشهي، إلى جانب التأكيد على أن التيسير في الشريعة بعامة، وفي العبادات بخاصة، وفي الحج بوجه أخص، هو الأخذ بالرخصة عند الحاجة إليها، وأداء الواجبات الشرعية بأسهل الطرق المشروعة، وليس معناه التفريط أو التساهل في أداء التكاليف الشرعية.




معيار دقيق لمعنى التشدد

وأوضح البيان الختامي للندوة على أن الرخصة الشرعية هي التي تقوم على دليل شرعي معتبر، وتصدر من عالم ثقة في دينه وعلمه، وتوصي بناء على ذلك بوضع الإجراءات والتدابير المناسبة لمنع كل من ليس أهلاً للفتوى من الافتاء بغير علم. وأكدت على ضرورة وضع معيار علمي دقيق ومنضبط لتجلية معنى التشدد وحدوده، حتى نأمن من الوقوع في منزلق تهوين اتباع السنة.

وأشارت إلى أن الأحكام الجديدة المستنبطة في فقه الحج يجب أن تكون مراعية لقاعدة التيسير ورفع الحرج باعتبار التيسير ورفع الحرج مقصداً من مقاصد الشريعة الغراء، ويجب أن تكون غير متعارضة مع ثوابت الشرع ونصوصه القطعية حتى لا يتحول التيسير إلى تحريف وتحلل من أحكام الشريعة الثابتة ونصوصها القطعية في ثبوتها ودلالتها.

وأبدت الندوة ملاحظتها أنه إذا صارت الأحكام الفقهية المستنبطة عن طريق الاجتهاد تؤدي إلى المشقة الزائدة أو الضرر المحقق، فيلزم عند ذلك إعادة النظر فيها وفقاً لقاعدة: ((تغير الأحكام بتغير الأحوال والأزمان)).




الفتوى الجماعية

وشددت التوصيات على ضرورة اتباع منهج الفتوى الجماعية والاجتهاد الجماعي في المجامع والندوات والمؤتمرات الفقهية وبخاصة في الأمور العامة والقضايا الخطيرة المتعلقة بمصير الأمة ومستقبلها، مع الإشارة إلى أن التعصب المذهبي سبب رئيس من أسباب الوقوع في الشدة والمشقة وترك الرخصة والتيسير.

وشددت الندوة على ضرورة قيام الحكومات والمنظمات الإسلامية والعلماء ورجال الدعوة والإرشاد بتوجيه الناس إلى فضل عدم تكرار الحج ، وإيثار الذين لم يحجوا بعد حجة الفريضة، وإرشاد المقيمين والعاملين في المملكة إلى إيثار غيرهم بعدم تكرار الحج.

ودعت الندوة بمراعاة الفئات الضعيفة أثناء أداء مناسك الحج، كالشيوخ والمسنين والمرضى والنساء، وذلك بتوقيرها ومساعدتها وتقديمها، مؤكدة على أن هذه الفئات هي أحق من تنطبق عليه أحكام التيسير والتخفيف في التقديم والتأخير والجمع والمبيت واتساع الزمان والإنابة غيرها، مع الإشارة إلى ضرورة النظر بروح العصر إلى مفهوم الاستطاعة ومعانيها وأقسامها وشروطها وكيفية تحققها في هذا العصر.

وبينت أن الاستطاعة في الحج تشمل الاستطاعة المكانية التي تتعلق بمدى استيعاب المشاعر لأعداد الحجيج المتزايدة، لذلك فهي تؤيد وتحبذ تحديد عدد الحجاج كل سنة وفقاً لإمكانات الاستيعاب، موصيةً كل من يتصدى للافتاء في مسائل الحج ومناسكه، سواء كان ذلك في بلده أو في الأماكن المقدسة، بأن يراعي اختلاف الأحوال والزمان والمكان وزيادة عدد الحجاج في الوقت الحاضر، ويتنبه إلى المصالح والمفاسد التي ستترتب على فتواه.




البعد عن التحايل والتلفيق

وأكدت الندوة على ضرورة البعد عن التحايل المذموم والتلفيق المضلل، إلى جانب التوصية بنشر الفتاوى المتعلقة بالتيسير وجوانبه المختلفة والتي يتضح فيها فقه الفقهاء وفهم العلماء في مراعاة الدليل والواقع المستجد من كل جوانبه، وتزايد أعداد الحجاج، وضيق المكان والزمان، وذهاب الأنفس والأرواح.

ودعت إلى إنشاء قناة إعلامية في فترة الحج تشرف عليها وزارة الحج وتركز في برامجها على أحكام التيسير في الحج.

وأشارت إلى ضرورة توظيف اختلاف العلماء في أحكام الحج لرفع الحرج والمشقة عن الناس، لاسيما إذا ظهر أن بعض أقوال الفقهاء أصبحت تؤدي إلى عنت ومشقة في هذا العصر، كما أوصت بتعميم الاستفادة من أبحاثها ومناقشاتها وذلك بدعوة ممثلين عن بعثات الحج المختلفة لحضورها ومتابعتها في الأعوام القادمة.

وأوصت الندوة بإعداد موسوعة فقهية تيسيريه للحج تتضمن جميع أحكام التيسير في الحج ومجالاته ومظاهره، تتولاها لجنة علمية متخصصة تتكون من علماء البلاد الإسلامية ويوقع عليها لفيف من كبار العلماء، وتوصي بها المجامع الفقهية ودور الافتاء لجعلها محل وفاق وقبول من قبل جماهير الأمة وعموم حجاج بيت الله الحرام.

يشار إلى أن فقه التيسير بدأ يتنامى في السنوات الأخيرة مع زيادة أعداد الحجيج وظهور مشكلات بسبب تشدد بعض المواقف الفقهية لاسيما في مسألة رمي الجمرات والخروج من منى يوم الثاني عشر بعد الغروب
*(العربية نت)
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 04:57 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/38432.htm