داعية :الحجاب والنقاب والختان ملهاة فكرية أكد د. محمد سيد المسير أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الازهر ان الأمة الإسلامية تعيش في بلبلة فكرية تحاول ان تصرفها عن القضايا الكبري ومشاكلها المصيرية وتشغلها بقضايا ليس لها أهمية مثل النقاب والحجاب والختان وغيرها وحذر فضيلته من ان الغرب يحاول خلق اسلام جديد بلا قوة ولا عقيدة ولا شرف لانه يعلم ان الاسلام هو مصدر قوة المسلمين وباعث لوحدتهم وقوتهم وازدهارهم مطالباً بضرورة صياغة الفكر الإسلامي بحيث يتلاءم مع أصول العقيدة ومقتضيات الواقع وآمال المستقبل مطالبا الجماعات الإسلامية علي اختلاف أنواعها بضرورة الحوار فيما بينها حتي نلتقي علي كلمة سواء لمصلحة الدين والاوطان والشعوب.وحذر د. المسير الجماعات المخترقة من قبل الصهاينة بأنها تسفك دماء المسلمين وتنتهك حرمتهم بطريق الفتنة والجهل وهذا يخدم الاعداء.موضحاً ان بعض وسائل الاعلام في الوطن العربي ساعدت علي تقدم أشباه العلماء ونفخت فيهم وجعلتهم موجهين وقائدين للفكر الإسلامي وقال ان الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين ليس الا مرحلة عابرة في التاريخ ولن تستمر الي الابد.. وإلي الحوار.تنشغل المجتمعات الإسلامية بالقضايا الشكلية وتترك قضاياها الجوهرية ومشاكلها الحقيقية كما رأينا مؤخراً من انشغال المجتمع بقضايا النقاب والحجاب وغيرها ما تعليق فضيلتكم؟ - قضايا الأمة لها من القوة ومن وضوح الرؤية ما يجعلنا جميعاً نسعي الي تحقيقها والوصول اليها لان قضايا الامة الحقيقية متعلقة بالاستيطان اليهودي في الارض المحتلة والاستعمار الامريكي والغزو الفكري والاتجاهات المنحرفة التي تتخفي تحت أسماء وهمية كالتجديد والتنوير هذه القضايا يجب ان تواجه بحزم وحسم وحكمة وفقه في الدين ولكن المطروح الآن علي الساحة قضايا لا ينبغي ان يثار حولها خلاف ولا ينبغي ان تكون محل مناقشة ذات أبعاد تؤدي الي الشقاق والنزاع كقضايا النقاب والحجاب وقضايا الختان والزواج المبكر وغيرها لقد أصبحنا الآن أمام ملهاة فكرية تحاول ان تصرف الأمة عن قضاياها الكبري ان هذه القضايا المثارة قضايا فارغة فنحن عندما نري ونسمع الاعلام يردد لا للختان لا للزواج المبكر علينا ان نسأل أنفسنا هل مشكلة مجتمعنا هي مشكلة زواج مبكر ام مشكلة عنوسة؟ نحن نعاني من وجود ملايين الفتيات العانسات فالمشكلة ليست في الزواج المبكر ولكن المشكلة في تأخر سن الزواج وارتفاع تكاليفه وعدم إمكانية العفاف الشريف كذلك قضية الختان قضية لا تؤرق المجتمع ولا تمثل مشكلة في الواقع ومع ذلك تحت ضغوط دولية وضغوط خارجية بدأ المسئولون عندنا يستجيبون لهذه التوجيهات الشاذة والمنكرة وأقرب شيء لهذا هو المؤتمر العالمي للختان الذي عقد مؤخراً بالقاهرة.ولقد عجبت كثيراً من ان يعقد مؤتمر عالمي من أجل الختان ما المشكلة؟ لا أدري فعندما يقولون ان الختان يؤثر علي خصوبة المرأة فهذا كذب لان المرأة المسلمة الاكثر انجابا في العالم وهذه العادة موجودة منذ قرون طويلة ولم يكن لها اي تأثير سلبي علي الانجاب، كذلك عندما يقولون ان الختان يؤدي إلي أمراض وأضرار فهذه مبالغة.ونحن الآن تحت وطأة الغزو الخارجي وتحت وطأة العولمة نبتعد عن جوهر الدين ونثير قضايا فرعية مثلاً مسألة الحجاب والنقاب التي أثارت ضجة كبيرة مؤخراً هل مشكلة مجتمعنا في الحجاب والنقاب أم أن المشكلة تتعلق بالسفور والعري وانحراف الشباب والزواج السري وزواج الدم وغيره من الامور التي ما أنزل الله بها من سلطان لقد أصبحنا الآن أمام مسودات أخلاقية في المجتمع لا نعيرها اهتماماً ولكن لظروف خارجية أو لدعاوي مغرضة نغفل كل هذه الجوانب الاساسية ونشغل أنفسنا بما لا جدوي منه فالهدف الذي يسعي اليه أعداؤنا هو إيجاد إسلام بلا قوة وبلا عقيدة وبلا شرف والعالم الغربي الآن يسعي الي خلق هذا الاسلام الجديد الذي لا يحافظ علي عقيدة ولا يحافظ علي عرض المرأة وكرامتها فلم تمتهن المرأة في عصر من العصور كما امتهنت في العصر الحديث المرأة الان توضع في فاترينة عارية فهل هذه كرامة المرأة؟ المرأة التي تقضي ليلها في نوادي العراة والنوادي الليلية تعرض جسدها علي طلاب المتعة الحرام وتلقي التشجيع والتأييد من مستويات مختلفة تدافع عن هذا الانحراف والقبح هل هذه كرامة المرأة؟ نحن في حاجة الي إعادة صياغة الفكر الإسلامي المعاصر بحيث يتلاءم مع أصول العقيدة ومقتضيات الواقع وطموحات المستقبل.وماهو دور الدعاة والعلماء والمؤسسات الإسلامية في التوعية في صياغة هذا الفكر الإسلامي الذي يتلاءم مع أصول العقيدة ومقتضيات الواقع وطموحات المستقبل؟ - قضية دور العلماء أو الدعاة أو دور الازهر والمؤسسات الإسلامية تحتاج الي وقفة فنحن أمام ضجة إعلامية كبيرة جداً تقدم للناس أشباه العلماء وتنفخ فيهم وتجعلهم القادة وأصحاب الفكر وهم الدعاة الذين ينظر اليهم بإكبار وهذه هي قمة المأساة التي نعيشها اليوم فالدعاة الحقيقيون وأصحاب الدعوات الاصلاحية يتنحون الان شيئاً فشيئاً عن قيادة التوجيه في الامة، والساحة الاعلامية الآن مليئة بإفرازات غير طبيعية لهؤلاء الذين يلقبون بألقاب مثل المفكر الإسلامي والكاتب الإسلامي وهذه الالفاظ ليست علي حقيقتها أمام هؤلاء فعندما نجد إنساناً يبيح التدخين في نهار رمضان ويلقب بالمفكر الإسلامي من الذي منحه هذا اللقب؟ الاعلام. وعندما يبيح الارتداد عن الدين ويعصف بقيم الاسلام ويقال انه المفكر أو المجدد الإسلامي ماذا نقول في مثل هذا الامر؟ ومن هنا فإنني أنادي بمشروع قومي للدعوة الي الله عز وجل هذا المشروع ليس وقفاً علي علماء الازهر وإنما تتحمله كل المؤسسات الرسمية والشعبية في الدولة كل واحد يحاول ان يقدم لنفسه جواباً لهذا السؤال ماذا قدمت لديني؟ فلو أن كل إنسان في مؤسسة رسمية او في مؤسسة شعبية او في منصب له أهميته يحاول ان يجيب بصدق وأمانة علي هذا السؤال لوصلنا الي مستوي راق جداً من الفكر والدعوة والاخلاق. لماذا أصبح المسلمون في العالم الآن لا قيمة لهم ولا وزن وليس لهم تأثير في مجريات الامور في العالم رغم كثرة الدول الإسلامية وضخامة ثرواتها الطبيعية والبشرية؟ - مشكلة المسلمين أنهم يتعاملون مع العالم علي انهم 56 دولة في منظمة المؤتمر الإسلامي يضم في عضويته 56 دولة إسلامية تتعامل ب 56 صوتاً ليس لها سياسة واحدة أو رأي واحد أو اتجاه واحد وليس هناك الحد الادني من التنسيق والتعاون فيما بينها وهذه مشكلة أساسية فلو اننا تعاملنا مع العالم الخارجي بصوت واحد وإرادة واحدة لاستطعنا تغيير هذا العالم فمشكلة المسلمين انهم متفرقون مع ان الله قد حبا الامة الإسلامية بخيرات لا حصر لها وبموقع استراتيجي وبثروات وإمكانيات ضخمة فالعالم الإسلامي يمتد من المحيط الي المحيط بلا حواجز أو عوائق وهذا غير موجود في أي مكان في العالم كما ان العالم الإسلامي مليء بالثروات النباتية والحيوانية والطبيعية وموارد الطاقة والمواد الخام علاوة علي الثروة البشرية الضخمة والكفاءات العلمية الكبيرة فنحن نستطيع ان نوجه سياسة العالم ونستطيع ان تكون لنا أياد بيضاء علي العالم المعاصر كما كانت لنا أياد بيضاء علي العالم القديم ولكن المشكلة في السياسات المتمزقة والتحزبات العرقية والخلافات الطائفية فإذا نحينا هذه الجوانب نستطيع ان نبدأ حياة جديدة يكون للمسلمين فيها صوت مؤثر ودور فاعل في مجريات الامور في العالم كله. ما رأيكم في حوار الاديان وهل له جدوي، وما الضمانات الحقيقية لنجاح هذا الحوار الذي فشل حتي الآن في تحقيق اهدافه التي ننتظرها منه؟ - حوار الاديان وحوار الحضارات كلمة حق يراد بها باطل والي الآن لم يحدث حوار حقيقي بين الاديان ولا بين الحضارات وانما هي شعارات جوفاء لا تمثل الواقع في شيء والبعض يريد هذا الحوار كما يقال من اجل نصرة المظلوم ودعم السلام العالمي وهذا ليس حواراً وانما هو جمعيات تعاونية او جمعيات خيرية فالحوار معناه لقاء الفكر مع الفكر ومناقشة الحجة بالحجة لكن اذا كان القصد من الحوار هو نصرة المظلوم فهذا لا يسمي حواراً لان الحوار الحقيقي ان يعرض كل انسان وجهة نظره ويدافع عنها ويرد الشبهات التي ترد عليه فحوار الاديان لا يكون اساساً الا في العقيدة فنتيجة العقيدة عن حوار الاديان عبث وباطل ولا يسمي حواراً بعد ذلك وعلي مدي التاريخ الاسلامي وغيره كان هناك حوار بين الاديان بمعني مناقشة الحقائق لذلك يقول الله سبحانه وتعالي قل يا أهل الكتاب تعالوا الي كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد الا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً ارباباً من دون الله فان تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون (صدق الله العظيم).. هذا هو الحوار الحقيقي وهو الدفاع عن العقيدة ورد الشبهات والانتصار للحق اما التعاون فيما بيننا من اشياء اخري فنحن ندعو اليه ونحبذه ونصر عليه.. ولكن لا يسمي حواراً بين الاديان وقد شهد الرسول (صلي الله عليه وسلم) قبل البعثة في دار عبدالله بن جدعان حلف الفضول.. وكان من أجل مناصرة المظلوم اذن نحن نتعاون مع الجميع وهذه قضية لاشك فيها، ولكن هذا لا يسمي حوارا ولكن يسمي مشاركة ايجابية أو تعاونا أو غير ذلك. فدعاوي الحوار بين الاديان الآن ليست صادقة كما انها تستغل من الجانب الاخر للتمويه علي المسلمين وهذا نوع من الدهاء يستغلونه لترويج الباطل علي الناس في آسيا وافريقيا ونحن نحذر من ذلك وبالتالي علينا ان نرجع الي انفسنا ونقيم الحوار الاساسي بين الجماعات الإسلامية فالحوار المطلوب الآن بين الجماعات الإسلامية، نلتقي جميعاً ونحاول ان نتفق علي كلمة سواء بين أي جماعات سواء كانت سلفية او صوفية او معتزلة او جمعية شرعية وايضاً سنه وغير ذلك فلابد من الالتقاء بين كل هذه الجماعات.اعداء الاسلام يزعمون انه دين لا يحب الحياة ويروج لثقافة الموت وما ردكم علي ذلك القول؟ - عندنا المبدأ الإسلامي اعمل لدنياك كأنك تعيش ابداً واعمل لاخرتك كأنك تموت غداً .. كذلك قول الرسول (صلي الله عليه وسلم) اذا قامت القيامة وفي يد احدكم فسيلة فان استطاع ان يغرسها فليغرسها فان بها اجراً وبالتالي فإن حرصنا علي الحياة هو حرص علي الحياة الكريمة والفاضلة والشريفة التي يقام فيها العدل والميزان ويمكن فيها لدين الله سبحانه وتعالي هذه هي الحياة التي يحرص عليها المسلم ولكن اعدائنا من اليهود وغيرهم يتمنون الحياة ولو كانت رخيصة ومهينه لذلك قال الله تعالي في حقهم ولتجدنهم احرص الناس علي حياة يعني ولو كانت مهينة وذليلة فنحن نحرص علي الحياة العزيزة والكريمة والشريفة والفاضلة هذا مبتغانا، كما ان المجاهد الذي يتمني الموت لا يريد ان يموت وانما يريد ان يحقق النصر لامته فالقضية قضية تضحية وليست قضية هروب من الحياة فعندما يكون الموت في سبيل اسمي امانينا ليس معناه انه ينسحب من الحياة او يكرهها او يتخلص منها ولكن هدفه ان يعيش قومه من بعده اعزة وان يعيش وطنه من بعده كريماً فهو يضحي بنفسه من اجل امته هذا هو المعني الذي يجب ان يفهمه الجميع. برؤية ايمانية كيف تري مستقبل الصراع العربي الاسرائيلي في ضوء فشل الغزو الامريكي للعراق ونجاح المقاومة اللبنانية في جنوب لبنان في كسر غرور وغطرسة الجيش الاسرائيلي؟ - ما حدث في الحرب السادسة بين المقاومة واسرائيل في جنوب لبنان يؤكد قضية مهمة ان الحق لا يضيع ما دام وراءه مطالب وان الحق منتصر ولو بعد حين وان القضية الاساسية هي قضية ايمان بالهدف فلاول مرة تضرب اسرائيل في عمقها ويدخل مواطنوها المخابيء ويقتل منهم عدد كبير قتلاً مباشراً وهذه معاني مستحدثه لم تكن موجودة ولم نكن نعهدها من قبل. وهذا يؤكد ان كل معارك المسلمين مع اعدائهم علي مدي التاريخ لم يتوافر فيها عنصر القوة الغالبة لقوة العدو ولكن توافر فيها قوة العقيدة وصدق الانسان بالايمان ففي كل المعارك التي حدثت كان المسلمون اقل عدداً واقل عدة ولكنهم حرصوا علي الموت فوهب الله لهم الحياة بل في موقف واحد اعجب المسلمون بقوتهم فانهزموا وفي ذلك يقول الله تعالي ويوم حنين اذا اعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئاً وضاقت عليكم الارض بما رحبت ثم وليتم مدبرين .ففي كل مراحل التاريخ كان هناك صدق الايمان وصدق العقيدة وصدق الولاء لمنهج الله سبحانه وتعالي وهذا ما ينبغي ان نحرص عليه في علاقتنا مع اعدائنا اليوم فلا يعنيني كم يملكون من قنابل ذرية او اسلحة فتاكة ومتطورة هذا لا قيمة له مع صدق العقيدة الاساسية في المعارك ونصرة الله لان القضية الاساسية في المعارك هو الرجل المجاهد او الجندي المقاتل وهم لا يملكون هذا الرجل وليس في دنيا الناس جيش مقاتل عن عقيدة وايمان بالله من الممكن ان يقاتلوا من وراء ستار كما قال القرآن الكريم لا يقاتلونكم جميعاً الا في قري محصنه او من وراء جدار .فقضية الصراع والاستيطان اليهودي في فلسطين هي مرحلة عابرة في التاريخ فالصليبيون مكثوا في الشرق عندنا مائتي عام ثم خرجوا وولوا الادبار فالعاقبة بإذن الله للمسلمين ولا يمكن ان تستمر دولة الظلم الي قيام الساعة ولابد ان يزول العدوان مهما اشتد الظلام وفلسطين ستظل بعون الله عربية إسلامية وسيعود القدس الشريف الي احضان المسلمين شريطة ان يأخذ المسلمون بأسباب النصر والقوة والوحدة. الراية |