ولا شك أن فكرة الحوار التي بادر إليها الرئيس علي عبدالله صالح- فيها من المرتفعات الحضارية الكثير مما لا يقارن بما هو كائن في أقفاص جوانتانامو، لكونها تعتمر بفضيلة المسئولية الراعية لسلام الجميع ووفاقها الفكري الناضج، وتنقل الحالة الاجتماعية إلى مضمارٍ آمنٍ من التعايش الإيجابي البناّء. لكن مع سموّ الفكرة، وغزارة مدلولاتها الحضارية يبقى الحوار محاطاً بهالة رحبة من الترقب والانتظار لمعرفة ما إذا كانت بحاجة إلى الأقفاص ، أم أن الإنسياب إلى رواق الحياة الفسيح بعد حوار عقلاني قد غسل أسمال الذاكرة المتصدئة بجنوح التطرف والتكفير، ونزعة العنف ضد الآخر المختلف. حتماً أن الشر في نموذجه الفكري لا تحجبه الأقفاص، أو تردعه ليستفيق من سباته الموسمي في الأقبية الرطبة التي مازال الحديث فيها يجري من الشمس دون أن يتعرف أحد من أهلها على حقيقة ما يعنيه وهجها حين يجفف تلك البقاع، ويوقف آفاتها عن التفريخ في العتمة والاستشراء في غفلة السكون. ولا شك أن السعي لإقناع آفات الشر بالتحرر من نزواتها، والبراءة من سالف إثمها، والعدول من تطرفها هو بحد ذاته غاية مرتقبة، وحاجة ملّحة بدرجة قصوى- مادام إطلاق أيديها قد يطول بأذاه كل من تطهرت نفسه بالحوار من داخل الأقفاص، وأدرك صواب أمره، وشرح الله قلبه للهداية وسبل الحق. يقيناً أن فخامة الرئيس علي عبدالله صالح يمتلك من الحكمة ما يفوق به بداهة أقلامنا، ويستبقنا إلى عمق كل مضمار قبل أن نتمكن من النفاذ من سطح مدلولاته الفكرية، ومحاوره الفلسفية، وهو الأمر يجعلنا على ثقة تامة بضروراتِ بسطِ أبجديات الحوار الإيجابي إلى مساحات أخرى، تطال بعض رموز ثقافة التطرف والتكفيرالجامحين خارج الأقفاص، بعلمية تتقارع فيها الفضيلة الحقة مع الرذيلة السقيمة لتتأكد للإنسانية أن الفضيلة كانت هي المنتصر على مدى تاريخ البشرية. |