المؤتمر نت - .
بقلم/ نصر طه مصطفى -
المشترك..بين الموقع السياسي والموقف المبدئي!
عندما كانت أي قبيلة من القبائل أو أي فئة من الفئات تخرج على الأئمة سواء من آل حميدالدين أو من كانوا قبلهم كان هؤلاء يجيشون لها الجيوش من أجل الحفاظ على هيبة الدولة ولم يستنكر عليهم ذلك أحد باعتبار مايقومون به هو من أوجب واجبات الدولة...

وعندما رفع الماركسيون وحلفاؤهم السلاح في المناطق الوسطى ضد الدولة خلال السبعينات واجهتهم الدولة بالقوة في معظم الأحيان وعندما استشرى خطرهم قرر الإخوان المسلمون أن يساندوا جهود الدولة من خلال متطوعيهم للقتال ضد أولئك (المخربين) دون أن يستنكر أحد ماتقوم به الدولة أو ما قام به (الإخوان) لأن المطلوب هذه المرة هو الحفاظ على هيبة الدولة وهويتها أيضا...

وعندما قرر عضو المكتب السياسي للجبهة القومية سالم ربيع علي التمرد على التنظيم الحاكم بقيادة الأمين العام عبدالفتاح إسماعيل في عام 1978م قرر التنظيم تصفية التمرد دون أن يلومه أحد لأن وحدة التنظيم والدولة وهيبتهما لهما الأولوية على أي اعتبارات أخرى حتى لو كان المتمرد بمستوى رئيس دولة...

وفي حرب يناير86 ظل العالم كله معترفا بالحكومة الشرعية ل(علي ناصر محمد) حتى انتهى الوضع لصالح خصومه فاعترف العالم بالأمر الواقع... وفي صيف94 قرر الحزب الاشتراكي الخروج على الشرعية الدستورية وتجزئة البلاد فاعترفت بدولته الوهمية جمهورية أرض الصومال بينما أدانه العالم كله رغم أن الحكومة الشرعية قمعت تمرد الاشتراكي ومؤامرته بقوة السلاح فلم يلمها أحد لأن هذا ماتفعله كل دول العالم بما في ذلك الدول الديمقراطية... فبأي منطق يتناقض كبيرا أحزاب المشترك مع نفسيهما وتاريخيهما وهما يتعاطيان مع ما يدور في صعدة من مؤامرة مكشوفة على الدولة ووحدتها الوطنية وهيبتها السياسية؟! لماذا يضعان نفسيهما اليوم في موقف يناقض قناعاتهما الحقيقية التي أشرنا إليها من خلال تعاطف أولهما مع الحكم ثم مشاركته فيه في فترات سابقة، ومن خلال انفراد الثاني بالحكم لما يزيد عن عشرين عاما خلال القرن الماضي؟! وهل لأنهما اليوم في المعارضة سيقفان ضد الواجب الشرعي والوطني والأخلاقي الذي تقوم به الدولة اليوم للحفاظ على سيادتها ودرء مفسدة الفتنة المذهبية؟!

ليس ما قلته ينطلق من حب للحرب فلا يوجد رجل رشيد يحب الحرب، لكن الأمر هو كما قال تعالى: (كتب عليكم القتال وهو كره لكم)، ذلك أن أوجب واجبات الدولة هو الحفاظ على كيانها من التمزق والتفتت ومن الفتن بشتى أنواعها... كما أني لا أقصد بما أقوله تبريراً لتصدي الدولة للفئة الباغية التي رفعت السلاح في وجهها، لأن الدولة ليست بحاجة تبريراتي من أجل القيام بواجباتها الشرعية والدستورية بل والسننية باعتبار حفظ النظام والأمن هو من السنن التي فطر الله الناس على الولاء لدولهم بسببها وهو عز وجل من قال: (الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف)... لكني أريد بما قلته دعوة أحزاب كبيرة نحفظ لها قدرا ليس بالقليل من الاحترام أن تكون صادقة مع نفسها وأعضائها، ودعوتها لأن تقف مع المبادئ مهما كان الثمن حتى لو كانت علاقتها مع الدولة على طرفي نقيض... مع أننا نعلم أن تأييدها أو عدم تأييدها لموقف الدولة لن يقدم أو يؤخر طالما كانت هذه الأخيرة تقوم بواجبها في معالجة الفتنة ووضع حد لها، لكن المسألة تكمن في الموقف الذي تضع هذه الأحزاب نفسها فيه أيا كان موقعها السياسي، فالتاريخ لا يرحم وهي تعلم أنها أحزاب نشأت وعاشت وتبلورت في ظل النظام الجمهوري الذي يحاربه مثيرو فتنة صعدة من أتباع فكر الإمامة العفن، فأين تريد هذه الأحزاب أن تضع نفسها؟ وهل تحولت مكايدة الدولة إلى هدف تمارسه أياً كان ثمنه؟ إن ما أعرفه جيداً أن أصحاب المبادئ يقفون دوما معها أيا كانت مواقعهم السياسية فأين هم من ذلك عندما يضعون الدولة التي تحفظ الأمن ومن يرفع السلاح في وجهها من الإرهابيين في كفة واحدة؟!

اسبوعية 26سبتمبر
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 27-نوفمبر-2024 الساعة: 09:47 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/41949.htm