المؤتمر نت - .
محمد حسين العيدروس -
الإنسان اليمني أعظم الاستثمارات
عادة نلجأ إلى الأرقام في تحديد حجم الموازنات الحكومية، وتقدير النسب السكانية ومعدلات النمو، وحتى بلورة تصور عن حجم المشاركة في مؤتمر الفرص الاستثمارية المرتقب، لكنها في بعض الأحيان تخفق في تقدير قيمة تقريبية لبعض السياسات التي تتبناها الدولة.
فعندما يجري الحديث عن الفرص الاستثمارية التي تعول عليها الحكومة ضمن برامج المرحلة القادمة، ونقف عند مستوى التحضيرات، ومدى الحماس الرسمي لإنجاح مؤتمر الفرص الاستثمارية فإن المسألة لا يمكن حساب مخرجاتها بالأرقام، أو حتى تقدير حجم الفائدة التي تضاف الى الموارد العامة للدولة؛ ذلك لأن حسابات القيادة السياسية تنظر إلى الموضوع من زاوية مختلفة، وهي أنها تراهن على استثمار القدرات البشرية، وتنمية الإنسان نفسه باعتباره المحور الأساسي الذي تدور حوله مختلف الأنشطة الحكومية، والذي تسعى الدولة إلى تسخير كل هذه المشاريع الاستثمارية المرتقبة لخدمته أولا وأخيراً.
فما هو معول عليه من استثمار مخطط له أن يلبي اتجاهات البرنامج العام للحكومة الذي تمت بلورته على ضوء البرنامج الانتخابي للأخ رئيس الجمهورية، والجميع يعلم أن برنامج الأخ الرئيس يتوزع بين ما هو إنتاجي وما هو خدمي.. فالمسار الإنتاجي يهدف إلى تنمية صناعات وأنشطة اقتصادية مختلفة تعزز قدرات اليمن في تنويع مصادر الدخل القومي، وتقلل من الاعتماد على الوارد الخارجي، وفي نفس الوقت تستوعب طاقات بشرية هائلة من الكفاءات الوطنية والعمالة.
أما المسار الخدمي فهو الذي تسعى من خلاله الدولة إلى تحسين وزيادة خدماتها التي تقدمها للمواطن من تعليم، ورعاية صحية واجتماعية، وشبكات طرق، وكهرباء، ومياه والكثير من المشاريع المرتبطة بالبنى التحتية للبلد.. والتي سيكون من شأن المسار الأول - الإنتاجي - أن يتحول إلى أحد روافد تمويلها .. وبالتالي فإن التطلع قائم على أساس الارتقاء بالظروف الإنسانية للمواطن اليمني، وتهيئة المناخ الذي يمنحه فرصة الكسب، والرعاية، وكل السبل التي تساعده على مزاولة أنشطة حياته، وبناء مستقبل أبنانه.
فالمرحلة الراهنة هي مرحلة بناء البيئة والإنسان معاً لأن البيئة الحضارية وحدها القادرة على إنتاج إنسان متحضر، مثلما ان الإنسان المتحضر والواعي هو وحده القادر على إنتاج مجتمع أكثر حضارية مما هو عليه، وأكثر أمناً واستقراراً، واستشرافا بالمستقبل فالعلاقة جدلية بين الطرفين، وتمثل منطلق الطموح اليمني السليم.. ومن هنا نجد صعوبة بالغة في وضع أي قيمة رقمية للأفق الاستثماري الذي يشد الحكومة بحماس للرهان عليه في رؤيتها الاستراتيجية للمستقبل اليمني.
ولا شك أننا عندما نتحدث عن طموحاتنا، وخياراتنا المرحلية فإننا لا ننظر إليها كحقبة مستقلة بذاتها، وإنما نعتبرها خطوة متوجة لمراحل عديدة سابقة نجحت خلالها قيادة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح في التغلب على تحديات جسيمة، وتجاوز عقبات لا حصر لها، حتى استطاعت إيصال اليمن إلى مناخ وبيئة استثمارية آمنة من حيث الاستقرار والحماية، ومشجعة من حيث التشريعات القانونية والضمانات المكفولة للمستثمرين الوافدين إلى بلدنا.. وهي في الحقيقة ضمانات لم تكن متاحة بغير وجود الوحدة المباركة، وبغير الحياة الديمقراطية التي أرست بدائل آمنة لتفاعلات العمل السياسي للقوى الوطنية، ولحماية الحقوق والحريات الإنسانية.
كما أنها لم تكن متاحة بغير نهج الوسطية والاعتدال الذي تبنته القيادة السياسية وبغير مكافحة التطرف والإرهاب، وبناء علاقات واضحة ومتوازنة مع المجتمع الدولي وبما عزز الثقة باليمن وقيادتها .. علاوة على أن هذا المناخ الاستثماري يمثل أحد أوجه النتائج الايجابية التي أفضت إليها الإصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية التي تبنتها الحكومة منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي.
إن المنظور السليم الذي يجب رؤية التوجه الاستثماري من خلاله هو أننا متحمسون ونراهن على استثمار الإنسان نفسه، ليصبح هو أداة التغيير والتطور والبناء، والضمانة الحقيقية التي تجعلنا ننظر إلى الغد بتفاؤل، ونحن نرى بلدنا الحبيب وقد تحول إلى خلية نحل لا تتوقف أو تكل عن العمل والتخطيط والتدبير، والإنتاج.
فالحكومة ومن خلال برنامجها العام تسعى إلى توجيه كل الاستثمارات القادمة لليمن نحو تقليص معدلات الفقر، والأمية، والبطالة.. وزيادة الخدمات والرعاية الحكومية .. ورفع قدرات البنى التحتية لجميع أنحاء اليمن .. وليس ذلك إلا طموحاً يستدعي حرص وتضافر جهود الجميع لبلوغه ما دام الإنسان اليمني هدفه الأول والأخير.
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 04:51 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/43004.htm