علي سعد الموسى* -
مشعوذون باسم الأديان
يقول الخبر الطازج من وكالة الصحافة الفرنسية إن عشرات الآلاف من الهنود الهندوس بدؤوا في التقاطر نحو مدينة حيدر أباد في عادة موسمية منذ عام 1845 حين تطوع يومها- عالم الدين- من الطائفة الهندوسية باكتشاف ما أسماه العلاج المثير لتطبيب بعض الأمراض المستعصية، تتوارث أسرة عالم الدين الهندوسي سر هذا العلاج حتى اليوم وهو عبارة عن خلطة سرية صفراء اللون محشوة في جوف سمكة صغيرة بحجم الإصبع وعلى المريض أن يبلعها دفعة واحدة دون مضغ، العائلة تقدم خلطة العلاج السرية السحرية بالمجان ولكن سر المهنة في الحواشي، لا المتن، لأن هؤلاء الآلاف الذين سيتقاطرون على قرية عالم الدين الهندوسي، كما يقول الخبر، سيصرفون من الهبات وتكاليف الإقامة، لأسبوعين ما سيجعل السمكة المجانية في الأصل، حوتاً من الذهب والجواهر الخالصة.

هذا هو المثال العتيق- الأخير- من رحلة طويلة لاستغلال الأديان من أجل الثراء الفاحش السريع ومن دغدغة العواطف وصولاً لما في الجيوب، هي في تمائم قساوسة الكاثوليك في قرون أوروبا الوسيطة، وفي المياه المقدسة للمعمدانيين والبروتستانت التي يرشونها على الأطفال يوم التعميد بطقوس الخرافة والشعوذة.

جاء هذا الدين العظيم ليحرر أمة كاملة من وسوسة الخرافة وسلطة الشعوذة وقداسة الأشخاص فلم يكن على الأرض شيء مثل رسالة الإسلام في بناء الشخصية حرة مستقلة واعية عقلانية تؤمن بالقدر ولكن من العظيم المقتدر، واليوم اسألوا أنفسكم عن هذه الردة العقلية التي استحكمت عقولنا حد الخرافة، خلطة الهندوس الصفراء بطقوسها السرية السحرية تنتشر بيننا اليوم بكل الألوان فكم هم بيننا آلاف- المدغدغين- من أصحاب الجواب المفحم في وجه كل سؤال: نحن لا نعمل إلا الرقية الشرعية، كم هم الذين باعونا الزيوت وسكبوا على جلودنا قوارير الماء دون أن يجرؤ أحد على السؤال: إذا كان هؤلاء، بمياههم وزيوتهم على هذا القدر من استجلاب الشفاء فلماذا لا نفتح لهم أغطية خزانات التحلية المركزية؟

كم هم الذين حجبونا عن الذكر المباشر لكتاب الله من أن نأخذه بأيدينا- شفاء لما في الصدور- حين احتكروا لأنفسهم كرامة قراءته على رؤوسنا، بل كم هم الذين حجبوا قارئاً مخلصاً مؤمناً يقرأ- الرقية- تلمساً للأسباب ورغبة في الثواب لا الجيب، كم هم الذين أوهموا الخلق أن كل مرض يبتلي الله به عبده ليس إلا سحراً أو عيناً وكم هم الذين حشوا في أجوافنا خلطة سرية من الخرافة نبلعها مرة جافة: الفارق أن الهندوسي يحشوها في سمكة ملساء.

*نقلاً عن صحيفة "الوطن" السعودية
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 27-نوفمبر-2024 الساعة: 09:39 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/45329.htm