الصحافيون ومنتديات «الإعلام» الإلكترونية ..مع أم ضد؟ انتشرت في الفترة الاخيرة ظاهرة المنتديات الإلكترونية على شبكة الإنترنت مجموعة من الصحافيين السعوديين، ليكونوا منها ملتقياتٍ إعلامية متخصصة بطرح وتداول أخبار ومشاكل الإعلام المحلي، والتعرف على ما يدور داخل أروقة الصحف والمجلات، رغم أن مجموعة من الإعلاميين ما زالت تنظر لهذه المنتديات بصورة سلبية، كونها استغلت من البعض في إثارة الفتن ونشر الشائعات المغرضة. ويرى الدكتور عبد الله الجحلان، أمين عام هيئة الصحافيين السعوديين، في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن زيادة عدد المنتديات المتخصصة في الشأن الإعلامي ظاهرة صحية، مؤكداً أن النظرة السلبية التي كانت تصدم بها هذه المنتديات من الأكثرية المتابعة للمنشط الإعلامي السعودي بدأت تتغير عندما تشكلت منتديات متخصصة أكثر مسؤولية وارتقاءً بطرحها الإعلامي، وكثر فيها المشاركون الذين يكتبون بأسمائهم الصريحة ويطرحون موضوعات جيدة، مستدركاً «وهذا لا يعني أن الكثير من الموضوعات المطروحة بأسماء مستعارة ليست جيدة، بل العكس هناك الكثير منها جيد». فيما تتساءل إيمان القويفلي، كاتبة صحافية سعودية، «هل حققت فعلا المنتديات الإعلامية الإلكترونية انتشارا؟» ثم تجيب قائلة «لم ألاحظ هذا، لكنها ظاهرة مشهودة منذ بدأت خدمة الإنترنت، فالمنتديات مشتبكة دائما مع الإعلام، وأنه وكتطور طبيعي لهذا وكتنظيم لهذا الاشتباك، أصبحت كثرة من المنتديات تخصص قسما للمنقولات الصحافية والتعليق عليها ومناقشتها». وأردفت القويفلي في حديثها لـ«الشرق الأوسط» بالقول إن من إيجابيات اشتباك شبكة الإنترنت مع الإعلام أن تجتذب الصحافيين للتعاطي معها، واصفة منتديات الإنترنت بأنها كانت دائما الباحة الخلفية للإعلام، الأكثر إثارة، حيث يقال فيها ما يحظره حذر الصحافة السعودية، وينعكس عليها رأي شرائح متنوعة تجرؤ ويسمح لها الظرف بالتعبير عن رأيها في العمل الإعلامي والمؤسسة الإعلامية، وهو ـ بحسبها ـ رأي لن يُرى في الصحف عادة. من جهتها، قالت ليلى باهمام، وهي مشرفة على أحد هذه المنتديات، إن الانفتاح الإعلامي الذي وفرته المنتديات الإعلامية المتخصصة هو أبرز إيجابياتها، حيث أصبح من اليسير جداً أن يتم التعارف بين إعلاميي المنطقة الواحدة والقطر الواحد الذين تفصل بينهم مسافات شاسعة على أرض الواقع وتجمعهم المنتديات لمناقشة همومهم وطموحاتهم. ورغم حداثة التجربة الإعلامية للمنتديات الإلكترونية، إلا أنها استطاعت أن تشكل نقطة مشتركة تنبثق منها الرؤية العامة تجاه قضايا الإعلام البارزة. كما ترى باهمام، في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، أن هذه المنتديات كان لها الدور في جمع ما تفرق من شتات الإعلاميين والمطالبة بحقوقهم المهضومة، مؤكدة أن عدداً كبيراً من القيادات وأصحاب القرار في المؤسسات الإعلامية يتابعون هذه المنتديات للإطلاع على الوضع عن قرب والتعرف على مشاكل ورؤى الإعلاميين بمختلف توجهاتهم. وتضيف باهمام انها ضد استخدام المنتديات للتشهير وانها تتعامل معها بحزم. وفي ذات الشأن، قال الدكتور الجحلان إن الآثار الإيجابية لهذه المنتديات تتجاوز الآثار السلبية حاضراً ومستقبلاً، مفصحاً عن أن هذه الخطوة ستزيد النوافذ المفتوحة للتعبير، وتعوّد على الحوار وقبول الرأي الآخر، والرقي في الطرح والنقد من دون تجريح أو تجنٍ على الآخرين، بالإضافة إلى منح الدارسين للظواهر الإعلامية فرصة للحصول على عينات مختلفة من الممارسة الإعلامية. إلا أن الأكثرية الساخطة على المنتديات الإعلامية تعتقد أنها مساحة استغلت لتناقل أخبار زملاء المهنة وتصيّد العثرات وبث الفتن والشائعات المغرضة عبر أسماء مستعارة مجهولة. وتعترف باهمام، التي تشرف على أحد المواقع الإعلامية، بوجود من يستغل هذه المنتديات لتصفية حساباته الشخصية أو الإساءة للآخرين تحت أسماء حركية لا تمت للواقع بصلة، أتاحت لهم إطلاق الحديث على عواهنه من دون رقابة ذاتية أو مجتمعية، مستدركة بأن الهدف الأساس الذي قامت من أجله المنتديات الإعلامية هو الأكثر وضوحاً وأهميةً عما سواه. وتعود القويفلي لتقول إنه من خلال هذه المنتديات أصبح بالإمكان شم رائحة مواقف المؤسسات الإعلامية من بعضها والشخوص الإعلامية من بعضها، وهي أشياء لا تظهر إلا بحذر وبحساب في الإعلام السعودي، لكنها على الشبكة تظهر بوضوح أكبر. وتضيف «أشياء مثل أخطاء الكتاب والصحافيين المعلوماتية، والسرقات الصحافية والمقالية، لن تجد أحدا يعلق عليها أو يحقق فيها في الصحف اليومية، لكنك حتما ستجد عشرات الأشخاص يتابعون ويحققون ويعلقون على الشبكة». من جانب آخر، تناقل البعض مقولة إن رؤساء تحرير المطبوعات السعودية يمنعون الصحافيين العاملين في مؤسساتهم من المشاركة في مثل هذه المنتديات، فيما فنـّدها الدكتور الجحلان الذي يرأس تحرير مجلة «اليمامة» السعودية، قائلاً «لم أسمع مسبقاً بهذه الإشاعة، وإذا صدرت من أحدهم فلا يجوز تعميم ذلك على جميع رؤساء التحرير، ونعلم جميعاً أن كثيراً من المشاركات في هذه المنتديات لا يوقعها أصحابها بأسمائهم الصريحة، وإنما بأسماء مستعارة، وهذا يتيح لأي صحافي المشاركة حتى لو لم يرغب أحد رؤساء التحرير في ذلك». واستكمالاً لذلك، أردف الدكتور الجحلان بالقول إنه إذا كان الطرح في هذه المنتديات غير متوازن، وفيه كثير من التجاوز والتجني، فبقدر ما يسيء هذا الطرح لصاحبه سيطال بشكل أو بآخر الصحيفة التي ينتسب إليها، مضيفاً «ربما أن المنع، إن كان صدر من أحدهم فعلاً، فهو تحسب لهذا الأمر وما يماثله». |