المؤتمر نت - القوة التنفيذية لحماس
د. عبدالقوي الغفاري -
الثقافة الوطنية والقومية وأحداث غزة الأخيرة
في يوم 24/5/2007م شاهدت بانتباه شديد إحدى القنوات الفضائية المصرية التي عرضت على مشاهديها فيلماً قديماً اسمه "فليسقط الاستعمار" هذا الفيلم أعادني والمشاهدين إلى الأيام الخوالي أيام الثورة، وأيام السبعين يوماً، وحرب السادس من أكتوبر 1973م، ومطالبة الشعوب بحق الاستقلال وتقرير المصير وبحكم الثقافة الوطنية التي ترعرعنا وتربينا عليها، ومن أجلها نعيش، وبرغم تحرر كافة شعوب المنطقة من الاستعمار، فإن النداء من أجل حمل السلاح والجهاد لتحرير فلسطين، لا زال هو الأقوى والمهيمن في هذا الزمن الذي لم يعد فيه ذلك الأمل والرجاء لا سيما عند مشاهداتنا اليومية لما تتناوله الفضائيات العالمية المليئة بالحروب والمظاهرات والتفجيرات والقتل والعنف السائد والعمليات الإرهابية، وكانت الكارثة الأخيرة هي تلك التي حلت بالمناضلين أبناء الشعب الفلسطيني من حركتي فتح وحماس والذين كانوا ولا زالوا بإذنه تعالى الأمل في وحدة الصف ولم الشمل وتحرير الأرض.
لقد حزنا كثيراً للتطورات والأحداث المؤسفة التي تمت سواء في غزة (حماس)، أو في رام الله (فتح)، والأمل الكبير في عودة الأمور إلى نصابها والاستماع إلى لجنة تقصي الحقائق المنبثقة عن مجلس وزراء خارجية الدول العربية الذي انعقد يوم الجمعة 15/6/2007م الجاري؛ بحيث يتم وضع حد لما آلت إليه الأمور وعودة الأوضاع إلى مجاريها حتى لا يتم تقسيم القطاع والضفة بين الحركتين، كما تم تقسيم فلسطين عام 1947م بين الفلسطينيين واليهود، وحذارنا ومناشدتنا للإخوة أن يحكموا العقل حفاظاً على الوحدة الوطنية التي بها يتم التحرير، إذْ أن القضية الفلسطينية هي قضية الأمة، وبالنسبة لكم فهي مقدسة، فرحمة بالشهداء والأرامل والأطفال، عودوا إلى صوابكم من أجل تراب فلسطين ومقدساتها..
وعودة إلى الموضوع فأقول إن أخبار الثقافة الوطنية -وإن كان جزء منها، أو ما تتناوله بعض الأخبار- ينسحب والثقافة الثورية الرافضة لازدواجية المعايير والكيل بمكيالين، وهي السياسة المتبعة في ظل النظام السياسي الدولي الجديد الذي برهن منذ نهاية الحرب الباردة على أن سياسة القوة والعظمة هي صاحبة النفوذ في تسيير أمن العالم، وإن من عوامل الانتماء الوطني التي تشربناها والتي لم يبق منها هذه الأيام غير الشعور بأهمية الثقافة الوطنية والقومية، والتي تعد الدافع والمحفز للانطلاق من أجل وضع المداميك الرئيسية التي تجسد الولاء القومي حتى يتم ترسيخ القيم العربية والإسلامية الأصيلة الهادفة إلى تحصين شباب الأمة من الوقوع في شراك الأفكار الخارجية والرجعية الهدامة التي تسوقها الوسائل الإعلامية الاستعمارية والصهيونية بهدف تمزيق ما تبقى بعد أن كانت هذه الأمة واحدة، والتي عمل الاستعمار على تجزئتها.. ففي المشرق دول الهلال الخصيب والعراق قد بدأ التقسيم ساعة توقيع اتفاقية "سايكس بيكو" الاستعمارية بعد هزيمة تركيا في الحرب العالمية الأولى، كما تم تجزئة المغرب العربي -الذي يسعى قادته إلى لم شمله من جديد من خلال اتحاد المغرب العربي، ولا زالت المملكة المغربية وحدها تطالب بضم وعودة إقليميها مليلة وسبته اللذين يقعان تحت الحكم الأسباني، وفي المشرق العربي حيث الدول الخليجية التي بارك الله بأرضها وحباها الكثير من الخير والنعمة- فإن جزر دولة الإمارات الثلاث لا زالت تعاني هي الأخرى من الاحتلال برغم قياس مجلس التعاون الخليجي عام 1981م الذي جاء تكوينه عقب اندلاع الحرب الخليجية الأولى (1980-1988) وجاء كذلك من أجل الدفاع عن أمن واستقرار دول المنطقة، وينطبق الوضع حالياً على فلسطين ولبنان والعراق، بما في ذلك الأوضاع في القرن الأفريقي بالسودان، والصومال؛ حيث الأوضاع لا تسر خاطر أحد، والأمل كبير في رجال المقاومة الباسلة التي تكبد قوات الاحتلال الخسائر الفادحة في الأرواح والعتاد، وإذا كانت دولة الظلم ساعة فإن دولة الحق والعدل إلى آخر الساعة، ولكي تتم المواجهة من أجل التحرير فإن غرس قيم الثقافة الوطنية القائمة على حب الوطن والمبادئ العظيمة الداعية إلى نشر العدل والمساواة ورفع الظلم ومكافحة البطالة والفساد والفوضى المنتشرة عبثاً وهدراً وبالتالي فإن الثورة ضد المحتل هي أسمى القيم التي تدفع بهذا الجيل إلى التغني بلغة الحرية وثقافة الثورة والثوار الهادفة إلى مقاومة الاستعمار والاختلال بكل أشكاله إلى أن يتم تحرير الأرض المغتصبة ولن يتأتى ذلك إلا عندما نغلب المصلحة القومية العليا على المصالح القطرية وعندما نغلب المصالح الوطنية على المصالح الذاتية إذا أن الاتحاد والتضامن العربي به وحدة يتم مجابهة التحديات الخارجية المحدقة بهذه الأمة.
وهكذا فإن من أهداف الثقافة الوطنية والقومية المحافظة على الوحدة الوطنية التي تعبد الطرق وتزيل العقبات من خلال برامج الأحزاب السياسية الوطنية والقومية ومنظمات المجتمع المدني واحترام حقوق الإنسان في أوساط الجماهير العربية مما يمهد لتحقيق الوحدة العربية المنشودة، ولأن الهدف من تأسيس الجامعة العربية عام 1945م هو إلغاء الحدود بين الدول العربية وصولاً إلى قيام دولة عربية واحدة، فإن إزالة الاحتلال واستعادة الأراضي المحتلة لا تتم إلا بتوحيد الموقف وتفعيل العمل العربي المشترك، وذلك من خلال الالتزام بميثاق جامعة الدول العربية وتنفيذ ميثاق الدفاع العربي المشترك.
ومع مرور أربعين عاماً على ذكرى النكسة في الخامس من حزيران عام 1967م فإن إسرائيل لا زالت ترفض كافة قرارات الشرعية الدولية رغم التنازلات التي قدمها العرب من خلال مبادرة السلام العربية واتفاقيات السلام، والاعتراف المتبادل مع منظمة التحرير الفلسطينية ومع ذلك فإن الفلسطينيين ليسوا أكثر بعداً من تحقيق حلم العودة والاستقلال الوطني رغم الاقتتال الدامي الذي أدى إلى إعلان حكومة الطوارئ في الضفة الغربية يوم (17) يونيو الجاري، واعتراف إسرائيل بها ورفع أمريكا وأوروبا للحصار الاقتصادي المفروض على الضفة الغربية والسلطة الفلسطينية الموجودة في الضفة الغربية واستمرار الحصار على قطاع غزة، وأن السجال والحرب الإعلامية الأخيرة والمعلنة على الملأ بين الحركتين مضر بالمشروع الوطني وبالقضية التي لأجلها احتلت أراضي دول عربية أخرى – ذهب لأجلها مئات بل آلاف الشهداء في الحروب العربية الإسرائيلية - مرة أخرى نقول حكموا عقولكم لأن المستفيد الوحيد هو العدو الذي لن يرحم أحداً ولكن الأمل الذي هو أكبر وأغلى من أي شيء لا زال يراود العرب والمسلمين وأعتقد أن الفلسطينيين أدرى بأنفسهم، رغم الخطيئة التي ارتكبوها وأنهم في طريقهم للوحدة ومواصلة النضال حتى إقامة الدولة الفلسطينية.

[email protected]

تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 27-نوفمبر-2024 الساعة: 09:53 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/45814.htm