المؤتمر نت -
افتتاحية صحيفة الثورة -
«المحليات».. الدور المطلوب
على الرغم من اتجاه الدولة نحو الحد من المركزية لصالح توسيع صلاحيات السلطة المحلية، يلاحظ أن مثل هذه الاستحقاقات لا تزال دون مستوى التفعيل المطلوب من قبل قيادات المجالس المحلية التي لم تستوعب الكثير منها - مع الأسف الشديد - مضمون هذا التغيير الذي يطلق الصلاحيات أمام المجالس المحلية لإحداث التطور المنشود في مناطقها وبما يلبي حاجيات المواطنين من المشاريع الضرورية والأساسية، بالتزامن أيضاً مع تأدية المسؤوليات التي تقع على عاتق المجالس المحلية حيال ما يتصل بإيجاد المعالجات والحلول للقضايا التي قد تظهر بين حين وآخر، وتجد من يستغلها بهدف الإثارة وخلق حاجز نفسي بين المواطن من ناحية والدولة والقانون من ناحية أخرى.
وفي غياب هذا النمط من التفاعل من قيادات المجالس المحلية، فإن مبدأ المشاركة في السلطة يصاب بانتكاسة حقيقية جراء سريان الفهم الضيق لدى بعض قيادات المحليات التي لا تزال تعتبر وجودها في هذه المواقع مظهراً من مظاهر الوجاهة وورقة من أوراق النفوذ والبروز داخل المجتمع المحلي.
ولذلك فإن الضرورة تقتضي اعتماد مبدأ التقييم لأداء المجالس المحلية وبما يتيح إبراز دور النماذج الحية والنشطة ومحاسبة المجالس الخاملة التي لم تعط الاهتمام الكافي لقضايا التنمية، ولم تقم بواجباتها بالشكل المطلوب إلى درجة أصبح بعضها عبئاً على المجتمع المحلي وعلى السلطة المركزية في آن.
ونعتقد أنه لم يعد من الممكن تبرير مثل هذا القصور الذي يتجاهل كل ما يحفل به الواقع اليمني من متغيرات وتطورات جديدة وعصرية، خاصة وأن كل المؤشرات تدل على أن الدولة لم تعد تتحمل مسؤولية إخفاق بعض المجالس في تمثل المهام المناطة بها، وفشلها في التصدي لبعض القضايا التي كان ينبغي عليها تبني الحلول الناجعة لها، أكان ذلك على النطاق المحلي أو عبر التواصل مع السلطة المركزية إذا اقتضى الأمر ذلك.
وفي هذا الإطار يمكن القول أن المحافظين وكذا أمناء عموم المجالس المحلية مطالبون بتفعيل الآليات الكفيلة بتجاوز أي قصور واتخاذ الإجراءات القانونية بحق كل من يستهين بثقة المواطنين في المجالس التي يشرفون عليها، بعيداً عن تلك التقارير التي تختزل ضعف الأداء في محدودية الإمكانيات فيما لا تلتفت إلى أن المتاح من تلك الإمكانيات لا يستغل في قنواته الصحيحة.
ومن المهم أيضاً أن يعي الجميع أن هناك حاجة ماسة لتستوعب المحليات أن مسؤولياتها لم تعد تقتصر على جوانب التنمية فقط بل أنها أصبحت معنية بإشاعة مضامين المشاركة الشعبية في صنع القرار وتكريس الوعي بتقاليد العملية الديمقراطية وممارسة المواطن لحقه في حرية الرأي والتعبير إلى جانب دوره في مواجهة ومحاربة ظواهر الاختلال أينما وجدت، وصولاً إلى تعزيز التكامل بين الجهدين الحكومي والشعبي، وبناء نسق الحكم الصالح وتحقيق أفضل صورة للممارسة الديمقراطية، إذ لم يعد من المستساغ الاستمرار في تعميق الإحساس لدى المواطن بأن الدولة هي من يتعين عليها القيام بكل شيء، ابتداءً من توفير المواد اللازمة لتنفيذ المشاريع، وانتهاءً بإرشاد المواطنين بكيفية الحفاظ على نظافة مدنهم وأحيائهم، فيما تبقى المجالس المحلية في موقع المتفرج.
وقد يكون من المفيد هنا التذكير بأن مبدأ التقييم والمحاسبة سيكون في مقدمة أولويات المرحلة القادمة، ومثلما سيطبق هذا المبدأ بحزم وصرامة على كل مسؤولي الدولة، فإن قيادات المجالس المحلية لن تكون في منأى أو بعيدة عن هذه القاعدة، ما يعني أن الجميع سيكون مطالباً بمسايرة هذا التوجه إذا ما أراد الاحتفاظ بموقعه وأن يكون محل تقدير القيادة والمجتمع.
ولكي تحافظ المجالس المحلية على مكانتها فإن على أعضائها توثيق ارتباطهم بالناس والعمل على تلمس قضاياهم عن قرب ومعالجتها أولاً بأول وبما يعزز من فعالية الأهداف التي وجدت من أجلها المحليات.

تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 27-ديسمبر-2024 الساعة: 03:09 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/47162.htm