تأكيد رسمي على محاسبة المقصرين ..مختصون: المحليات لم تستوعب دورها يمثل تطوير تجربة السلطة المحلية في اليمن واحداً من ابرز التوجهات الإصلاحية التي كانت واحدة من المبادرات التي تبنتها القيادة السياسية ممثلة بالرئيس علي عبدالله صالح منذ مطلع الألفية الجديدة . وجاء البرنامج الانتخابي الذي نال الرئيس علي عبدالله صالح بموجبه ثقة الشعب اليمني في الانتخابات الرئاسية التي جرت في سبتمبر من العام الماضي ليؤكد على مضامين وتوجهات هادفة إلى ترسيخ تجربة السلطة المحلية وتعزيز صلاحياتها ليمثل برأي الكثير من السياسيين والمراقبين ثورة في مجال الحكم . وفي الوقت الذي يتم فيه إدخال تعديلات على قانون السلطة المحلية بما يضمن إجراء انتخابات للمحافظين ومدراء المديريات ،تتولى وزارة الإدارة المحلية وضع إستراتيجية وطنية للامركزية تتفق وما تضمنه برنامج الرئيس الانتخابي . في المقابل ورغم التوجهات التي تتبناها الدولة في الانتقال نحو اللامركزية وتوسيع صلاحيات السلطة المحلية ،الا أن تلك التوجهات لاتزال تصطدم بمعوقات عدة أبرزها عدم وجود استيعاب من قبل قيادات المجالس المحلية لمضامين هذا التوجه وعجزها عن اداء دورها في إدارة وحل قضايا ومشاكل المواطنين ضمن النطاق الجغرافي للصلاحيات التي يمنحها إياها القانون .
وقوبل عجز تلك القيادات عن فهم واستيعاب مسؤولياتها بانتقادات رسمية حيث وجهت صحيفة الثورة الرسمية انتقادات لاذعة لقيادات المجالس المحلية التي قالت إن " الكثير منها لم تستوعب مضمون توجه الدولة نحو الحد من المركزية لصالح توسيع صلاحيات السلطة المحلية". واعتبرت الصحيفة الرسمية الأولى في البلاد في افتتاحيتها أمس إن عدم استيعاب قيادات المحليات لمضمون هذا التغيير ينعكس سلباً على فشلها في إيجاد المعالجات والحلول للقضايا التي قد تظهر بين حين وآخر الأمر الذي يؤدي إلى وجود من يستغل تلك القضايا بهدف الإثارة وخلق حاجز نفسي بين المواطن من ناحية والدولة والقانون من ناحية أخرى. وقالت الصحيفة إن غياب التفاعل من قيادات المجالس المحلية يصيب مبدأ المشاركة في السلطة بانتكاسة حقيقية عازية ذلك إلى سريان الفهم الضيق لدى بعض قيادات المحليات التي لا تزال تعتبر وجودها في هذه المواقع مظهراً من مظاهر الوجاهة وورقة من أوراق النفوذ والبروز داخل المجتمع المحلي.
ويقول على المقدشي محافظ شبوة إن ابرز مشكلة تواجه السلطة المحلية أنها تفتقر للكادر الفني والإداري الناتج عن ترشيح أشخاص ليس لديهم القدرة على العمل واستيعاب الصلاحيات الممنوحة لهم. ويضيف المقدشي لـ"المؤتمرنت":" اليمن بدأت السير في طريق اللامركزية منذ الانتخابات المحلية السابقة 2001م ونقلت السلطة المركزية الصلاحيات إلى المحافظات ومنها انتقلت إلى المديريات لكن ضعف تأهيل الكادر الفني والإداري شكل عائقاً وتولد عن ذلك بعض القصور في التخطيط والرقابة والإشراف واستيعاب كافة الصلاحيات المخولة لها قانوناً. وحول جمود المجالس المحلية في بعض المحافظات رد المقدشي بالقول :" أنا أرفض كلمة جمود وهي ليست جامدة ولكن هناك قصور فني وإداري في الأساس جعلها غير قادرة على التعامل مع مشاكل الناس والرقابة والإشراف على أداء الوحدات الإدارية وعلى علاقة سيئة بجوانب الإيرادات والزكاة وإن كانت الخطوات التي قطعتها تجربة المحليات غير عادية ". ووصف محافظ شبوة الدورة التدريبية والتأهيلية التي نفذتها وزارة الإدارة المحلية مؤخراً في المحافظات وشملت المحافظين والوكلاء وأمناء عموم المجالس المحلية ومدراء المديريات والمحليات فيها بأنها كانت مهمة جداً وتعالج جوانب القصور الحقيقة لدى المستهدفين لما فيه استيعاب قانون السلطة المحلية وتطبيقه على أرض الواقع ".
الممنوحة في قانون السلطة المحلية إلى عدم فهم القانون أو الخلافات بين قيادات السلطة المحلية يسوقها أصحاب المصالح والمتضررين من ممارسة المجالس المحلية لدورها القانوني .
رئيس لجنة السلطة المحلية في البرلمان النائب احمد الزهيري أعتبر أن مهام المجالس المحلية من جهة ومهام السلطة المحلية من جهة ثانية متنوعة تشمل مهام إدارية ورقابية وإشرافية . ويؤكد رئيس لجنة السلطة المحلية في البرلمان أن المجالس المحلية باتت لها مهام اجتماعية حيث تشارك في حل .القضايا والإشكاليات التي يواجهها المواطنون . واعتبر الزهيري بأن قانون السلطة المحلية يمس كل مواطن وأن ما تضمنه القانون يعد ثورة في الإدارة لأنه يحول كل وظائف المركز إلى السلطات المحلية ويتحول دور المركز إلى دور إشراف ورقابة وتخطيط . لكنه يرى أن الهياكل التنفيذية لا تزال منعدمة وهو ما يؤدي إلى خلل في أداء السلطة المحلية والمجالس المحلية . يضيف الزهيري: رغم مرور أكثر من سبع سنوات لا زال في ذهن كثير من المسئولين في الأجهزة المركزية أن المجالس المحلية هي جهاز تنفيذي في الوقت الذي ينص الدستور والقانون على أنها أجهزة رقابية إشرافية وتعمل على معالجة قضايا الناس . ويرى الزهيري بان معالجة القصور في استيعاب السلطات والمجالس المحلية لدورها يبدأ من تدريب أعضاء تلك المجالس وأعضاء السلطة المحلية ،منوهاً وشاكراً التوجه الذي بدأه وزير الإدارة المحلية عبدالقادر هلال في هذا الجانب . هلال :ضعف الوعي بنظام السلطة المحلية ويلخص وزير الإدارة المحلية عبدالقادر هلال الصعوبات والمعوقات التي تعيق دور نظام السلطة المحلية في تحقيق التنمية المحلية: في ضعف التنسيق بين الأجهزة المركزية والافتقار إلى آلية محددة لتنفيذ الخطط والبرامج المختلفة،وضعف مصادر المعلومات والبيانات اللازمة لتنفيذ الأهداف العامة للخطة،وضعف العمل بالنظم الإحصائية مركزياًّ وعدم ربطها بالسلطة المحلية .،وعدم كفاية الاعتمادات المحلية المقررة للوزارة في الموازنات العامة لكافة الأبواب والبنود،وعدم توفر الاعتمادات الخاصة بتدريب قيادات وكوادر السلطة المحلية وأعضاء المجالس المحلية. ويضيف هلال في ورقة عمل له بعنوان السلطة المحلية ودورها في التنمية قدمها في ندوة أقامها معهد الميثاق في صعدة معوقات أخرى أهمها ضعف الوعي بنظام السلطة المحلية وأهميته في إحداث تنمية مستدامة للمجتمعات المحلية،وعدم الالتزام من قبل بعض الجهات بتوريد حصصها من الموارد العامة المشتركة المحددة بقانون السلطة المحلية مما يعيق الوحدات الإدارية عن تنفيذ خططها وبرامجها.
صحيفة الثورة ضمنت افتتاحيتها تشديداً على ضرورة أن تستوعب المحليات أن مسؤولياتها لم تعد تقتصر على جوانب التنمية فقط بل أنها أصبحت معنية بإشاعة مضامين المشاركة الشعبية في صنع القرار وتكريس الوعي بتقاليد العملية الديمقراطية وممارسة المواطن لحقه في حرية الرأي والتعبير إلى جانب دوره في مواجهة ومحاربة ظواهر الاختلال أينما وجدت. وفيما يبدو انه توجه رسمي لعدم القبول باستمرار واقع هذه المجالس في ذات المستوى من عدم القيام بدورها أضافت الصحيفة : لم يعد من المستساغ الاستمرار في تعميق الإحساس لدى المواطن بأن الدولة هي من يتعين عليها القيام بكل شيء، ابتداءً من توفير المواد اللازمة لتنفيذ المشاريع، وانتهاءً بإرشاد المواطنين بكيفية الحفاظ على نظافة مدنهم وأحيائهم، فيما تبقى المجالس المحلية في موقع المتفرج. واختتمت الافتتاحية بالتذكير بأن مبدأ التقييم والمحاسبة سيكون في مقدمة أولويات المرحلة القادمة، ومثلما سيطبق هذا المبدأ بحزم وصرامة على كل مسئولي الدولة، فإن قيادات المجالس المحلية لن تكون في منأى أو بعيدة عن هذه القاعدة،مؤكدة "أن الجميع سيكون مطالباً بمسايرة هذا التوجه إذا ما أراد الاحتفاظ بموقعه وأن يكون محل تقدير القيادة والمجتمع"
|