المؤتمرنت - وكالات -
انقضاء شهر العسل بين الإسلاميين والاردن
تبدو المقولة التقليدية بأن الاسلاميين في الأردن حلفاء تقليديون للنظام لم تعد قائمة الآن، خصوصا في ظل الأزمات المتتالية بين الحركة الاسلامية والحكومات الاردنية خلال السنوات الأخيرة.
وبالنسبة الى العديد من المراقبين، يبدو ان سنوات شهر العسل بين الاسلاميين والنظام ولّت الى غير رجعة، وما الأزمات المتلاحقة بين الطرفين الا دليل أكيد على هذا الأمر. ويتمثل العنوان الأخير للازمات بين الاسلاميين والحكومة في اتهام الأخيرة بتزوير الانتخابات البلدية التي جرت أواخر الشهر الماضي، ما دفع الحركة الاسلامية لسحب مرشحيها بعد ساعات من بدء الاقتراع. وردت الحكومة برفض اتهامات التزوير، موجهة تحذيراً شديد اللهجة للحركة الاسلامية، ثم توالت فصول الحرب الكلامية والاتهامات المتبادلة.
وقال مراقبون ان التغير في شكل العلاقة بين الاسلاميين والحكومات بدأ مع نهاية عقد التسعينات، حيث تحول ملف الحركة الاسلامية الى ملف أمني، ولم تعد دوائر القرار تتعاطى معه من منطلق سياسي كالسابق. واضاف الخبير في شؤون الحركات الاسلامية محمد أبو رمان: «منذ نهاية التسعينات لم تعد الحكومات في البلاد تتعاطى مع ملف الحركة الاسلامية من منطلق سياسي بل من منطلق أمني. وزاد هذا الوضع في أعقاب هجمات 11 سبتمبر في الولايات المتحدة عام 2001 حيث باتت كل الحركات الاسلامية مستهدفة».
وتابع: «يطرح الاسلاميون أنفسهم كشركاء، وهذا أمر مرفوض بالنسبة الى العديد من دوائر صنع القرار». ورأى ابو رمان أن أزمة الاسلاميين «جزء من الأزمة الاقليمية الراهنة ذات الأطراف المتشعبة، ولا سيما ايران وسورية وحزب الله وحركة حماس. وفي الخمسينات عندما منعت الأحزاب في الأردن، بقيت الحركة الاسلامية ممثلة بجماعة الأخوان المسلمين، الحركة الوحيدة التي تتحرك بمنتهى الحرية على الساحة الداخلية، بينما مارست بقية الأحزاب نشاطها في شكل سري. وفي الوقت الذي مارست فيه أنظمة الحكم في دول عربية مجاورة للأردن سياسة قمعية بحق الحركة الاسلامية، نعم الاسلاميون في الأردن بعلاقة مميزة مع أركان الدولة كافة». وحملت الأزمات بين الاسلاميين والحكومات، عناوين عدة خلال السنوات الأخيرة، أبرزها أزمة ابعاد قادة حركة «حماس» عن الأردن عام 1999.
ومن المعروف الارتباط التقليدي بين اسلاميي الأردن و«حماس»، حيث يعتبر كثير من المراقبين أن الحركة امتداد للحركة الاسلامية الأردنية. ومن العناوين البارزة للازمة بين الاسلاميين والحكومات الأردنية خلال الفترة القريبة المنصرمة أيضا، فوز «حماس» في الانتخابات التشريعية الأخيرة في الأراضي الفلسطينية حيث كان الموقف من هذا الفوز نقطة خلاف رئيسية بين الاسلاميين وحكوماتهم، التي رفضت التعاطي مع نتائج صناديق الاقتراع وفضلت رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، على اعتبار أنه يمثل الشرعية.
ومن العناوين البارزة أيضا في ملف الأزمات المتعاقبة، ما سمي بأزمة نواب عزاء الزرقاوي العام الماضي، حيث وجهت الحكومة للحركة الاسلامية اتهامات برعاية ودعم الارهاب واعتقلت أربعة من نوابه زاروا بيت عزاء بأبي مصعب الزرقاوي، زعيم «تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين»، الأردني الأصل الذي قتل في العراق. وصدر قرار قضائي بسجن اثنين من النواب الأربعة، عفا عنهما الملك عبدالله الثاني في ما بعد.
واعتبر المراقبون ان هذه الأزمة دليل على الخلاف بين الاسلاميين وحكوماتهم حيال ملف العراق وملف الارهاب. وجاءت ازمة الانتخابات البلدية الأخيرة، التي شهدت اتهامات غير مسبوقة، خلاصتها اتهام الاسلاميين للحكومة برغبتها في اقصائهم بسبب الخوف من الشعبية الكبيرة التي يتمتعون بها في أوساط الأردنيين.
ويدلل الاسلاميون على ذلك باجراءات حكومية ضدهم مثل اعتقال بعض كوادرهم، واصدار قوانين تهدف لاقصائهم، كما هو الحال في قانون الانتخابات. من جهة الحكومة تتلخص الاتهامات للاسلاميين بالتطاول على الدولة واحتكارهم للحقيقة. وتدلل الحكومة على ذلك بتصريحات بعض قيادات الحركة. وقال المحلل السياسي فهد الخيطان: «سيستمر الصراع بين الطرفين، ما دام الاسلاميون لم يقبلوا بشروط اللعبة... الحكومات انتهجت في السابق سياسة احتواء الاسلاميين، وتنتهج الآن سياسة اقصائهم بسبب رفضهم شروط اللعبة». ورأى أن ما يتعرض له الاسلاميون «جزء من الحملة الدولية على الحركات الاسلامية سواء المتطرفة أو غيرها» وان هذا الأمر سيستمر خصوصا مع فشل الاسلاميين في تطوير خطابهم رغم المتغيرات التي حدثت. وأكد «أن على الاسلاميين ادراك أن الظروف تغيرت ولا يمكن العودة للوراء».
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 26-ديسمبر-2024 الساعة: 10:38 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/47724.htm