"خيرية" الأمة الإسلامية ليست عنصرية فند أربعة من كبار علماء الإسلام مغالطات الحاخام اليهودي روبين فايرستون أستاذ التاريخ اليهودي الذي استضافته جامعة عين شمس المصرية والتي زعم فيها أن خيرية الأمة الإسلامية التي جاء بها نص قرآني غير واضحة المعالم في إشارة إلى أنها تحمل معنى العنصرية التي يتهم بها اليهود. وقال العلماء: هناك فرق كبير بين الخيرية التي قررتها الآية القرآنية الكريمة: “كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله” وبين العنصرية البغيضة التي يؤمن بها الصهاينة والتي تحركهم للعدوان لتحقيق أطماعهم وأهدافهم السياسية والاقتصادية والأيديولوجية وتدفعهم إلى التعالي على كل أمم وشعوب الأرض. الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر يؤكد أن هناك فارقا كبيرا بين “الخيرية” التي وصف الله بها أمة الإسلام في القرآن الكريم “كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله” وبين العنصرية المقيتة التي آمن بها الصهاينة وغرسوها في عقول وقلوب اليهود. ركنا الخيرية إن خيرية الأمة الإسلامية كما يوضح الدكتور طنطاوي منوطة بتحقيق أصلين أساسيين يعود نفعهما على كل الأمم والشعوب وليس على المسلمين وحدهم. أول هذين الأصلين: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأنهما سياج الدين، ولا يمكن أن يتحقق بنيان أمة على الخير والفضيلة إلا بالقيام بهما، فهما من الأسباب التي استحق بنو إسرائيل اللعنة من الله بسبب تركهما. وثانيهما: الإيمان بالله تعالى، وبجميع ما أمر الله تعالى بالإيمان به. فهذان الأمران يجب أن يتحققا لتكون هذه الأمة خير أمة أخرجت للناس، لأن الأمة التي تهمل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا تؤمن بالله لا يمكن أن تكون خير أمة، بل لا توصف بالخيرية قط، لأنه لا خير إلا في الفضائل والحق والعدل، ولا تقوم هذه الأمة إلا مع وجود الإيمان بالله وكثرة الدعاة إلى الخير، والناهين عن الشر، ويكون لدعوتهم آثارها القوية التي تحيا معها الفضائل وتزول بها الرذائل. والمتأمل في الآية القرآنية الكريمة التي قررت خيرية الأمة الإسلامية وبينت مبررات هذه الخيرية، يجد أن الله سبحانه وتعالى قد أخر “الإيمان بالله” عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليكون كالباعث عليهما لأنه لا يصبر على تكليفهما ومتاعبهما إلا مؤمن يبتغي وجه الله ويركن في كفاحه إليه، فهذا الإيمان بالله هو الباعث للآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، على أن يبلغوا رسالات الله، من دون أن يخشوا أحدا سواه. إذن فخيرية الأمة الإسلامية ليست في ذاتها كما يقول شيخ الأزهر بل متوقفة على ما تقوم به هذه الأمة من واجبات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن الإيمان بالله وكتبه ورسله والالتزام بكل ما أمر به والانصراف عن كل ما نهى عنه.. فمن قام بواجبه واتصف من هذه الأمة بهذه الصفات استحق هذا المدح الإلهي.. وقد روي أن الخليفة العادل عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأى من الناس دعة (تراخياً وسلبية) في حجة حجها، فقرأ هذه الآية: “كنتم خير أمة..” ثم قال: “من سره أن يكون من هذه الأمة فليؤد شرط الله فيها”. رسالة الاسلام الدكتور أحمد عمر هاشم أستاذ السنة النبوية وعضو مجمع البحوث بالأزهر ورئيس اللجنة الدينية بالبرلمان المصري يؤكد أن الإسلام لا يعرف العنصرية ومقياس الأفضلية في شريعة الإسلام لا علاقة له بجنس العرب أو المسلمين، وإنما مقياس الخيرية هو الإيمان بالله الواحد والقيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهي مهمة صعبة حيث تتوقف عليها سعادة البشرية كلها وصلاحها. ويوضح الدكتور هاشم أن هناك فارقا كبيرا بين ما قررته النصوص القرآنية والنبوية الصحيحة من منزلة ومكانة للأمة الإسلامية، وبين ما يدعيه المتطرفون من اليهود من عنصرية مقيتة وأفضلية ليس لها أساس من دين أو شرع أو عمل أو منطق. ويضيف: نحن كمسلمين نؤمن إيمانا جازما بأن لأمتنا خيرية ومنزلة رفيعة بين أمم الأرض، وهذه الخيرية والمكانة الرفيعة لا تعود إلى جنس المسلمين، بل تعود إلى الرسالة التي كلف الخالق بها أمة الإسلام، وهي رسالة شاقة وضخمة.. فنحن أبناء أمة خاتمة ذات دعوة سماوية خاتمة، أرسل بها خاتم الرسل أجمعين صلوات الله وسلامه عليه. إن أمة الإسلام إذا قامت بواجباتها الدينية والتزمت منهاج ربها استحقت الخيرية التي قررتها نصوص القرآن الكريم لأنها بذلك تحمل رسالة الإيمان على ظهر الأرض، أمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر، وإيمانا بالله.. كما قال جل شأنه: “كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله”. وكما جعل الله عز وجل “خيرية” هذه الأمة ترتكز على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإيمان بالله، فإنه كذلك رتب فلاح أهلها على هذه الأمور، كما قال سبحانه: “ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون”. نازية جديدة ويقول الداعية والفقيه الكبير الدكتور يوسف القرضاوي: توهم بعض الناس أن تسمية الصهاينة “الشعب المختار” أشبه بتسمية الأمة الإسلامية “خير أمة أخرجت للناس” وهذا خطأ يقينا، فالأمة الإسلامية ليست أمة عنصرية، بل هي أمة رسالة وأهداف ومبادئ من آمن بها واعتنقها فهو من هذه الأمة، من أي عرق أو لون أو أي وطن كان. ويضيف: لقد استدر الصهاينة عطف العالم عليهم باعتبارهم جنسا مضطهدا مشردا، شهروا سيف الاتهام الذي استغلوه استغلالا بشعا، وهو “معاداة السامية”. والحقيقة أن صهاينة اليوم ليسوا ساميين، وليسوا من نسل “إسرائيل” حيث أثبت كثير من الباحثين المنصفين في الغرب أن نسبة كبيرة من اليهود هم من سلالة يهود مملكة الخزر، التي نشأت في شرق أوروبا حين اعتنقت بعض قبائل التتار الدين اليهودي، وبعد سقوط مملكة الخزر انتشر عدد منهم في منطقة القرم، وأصبحت بولندا مهجرهم الرئيسي، حيث قدر عددهم فيها عام (1650م) بنحو نصف المليون، وكانوا يتمتعون فيها بقسط وافر من الحكم الذاتي حتى أعملت فيهم جيوش سمبلتكي الأوكراني المذابح، ودمرت جاليتهم في سنة 1658م. لقد ملأ الصهاينة ولايزالون الدنيا ضجيجا واستغلوا كل وسائل الإرهاب الدولية وكل القوى المؤثرة فيه لدعم إرهابهم وعنصريتهم تحت ستار “معاداة السامية” وهم الآن يعادون السامية الحقيقية المتمثلة في شعب فلسطين العربي السامي الذي أخرج من دياره وشرد أبناؤه من كل بقاع الأرض دون وجه حق. إن الصهاينة الذين شكوا من “العنصرية النازية” المتعالية يجسدون اليوم “عنصرية نازية جديدة” متعصبة لا ترى إلا نفسها، ولا تعترف بحق لغيرها. عنصرية بغيضة المفكر الإسلامي الدكتور مصطفى الشكعة عضو مجمع البحوث الإسلامية والعميد الأسبق لكلية الآداب في جامعة عين شمس يرفض الخلط الخبيث بين خيرية الأمة الإسلامية التي قررتها نصوص القرآن الكريم والأحاديث النبوية الصحيحة وربطتها بواجبات ومهام شاقة يجب على الأمة القيام بها.. وعنصرية الصهاينة الذين يعتقدون أنهم من جنس مميز وأنهم أبناء الله وأحباؤه، وأن من عداهم من البشر هم من جنس آخر أقل منهم في الرتبة والمنزلة والمكانة، فكل شعوب الأرض في اعتقاد الصهاينة ينبغي أن تجند لخدمة شعب الله المختار. ويوضح الدكتور الشكعة أن المسلمين لا يعتقدون تميزهم الجنسي على أية أمة من الأمم، ورسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه يقول في الحديث الصحيح “ليس لعربي على أعجمي فضل إلا بالتقوى”. وهذا على عكس ما يدعيه الصهاينة الذين تحركهم عنصرية بغيضة، فهم يعتقدون أنهم من جنس خاص غير الجنس البشري، وهذه العنصرية البغيضة تحركها معتقدات دينية يهودية تستمد من تعاليم التلمود أساسها الفكري الديني وهذه التعاليم يقدسها كثير من اليهود أكثر من تقديسهم للتوراة. ولو قارنا الرؤية العنصرية لعلاقة الرب بخلقه في العقيدة اليهودية، بالرؤية الإسلامية لوجدنا فارقا كبيرا، فالله كما يعلن القرآن في صراحة ووضوح هو “رب الناس” و”رب كل شيء” و”رب العالمين” ولم يقل القرآن إنه رب العرب، أو رب المسلمين، في حين تقول التوراة في تأكيد عن الله إنه “رب إسرائيل”. وإذا سلمنا بما جاء في التوراة من أن شعب “إسرائيل” هو “الشعب المختار” أيام كان اليهود يحملون رسالة التوحيد، ويحاربون الوثنية، وينفذون تعاليم الأنبياء.. فلا يمكن أن يكون هذا هو حالهم اليوم، فقد غيروا وبدلوا وحرفوا في كتبهم السماوية، ولم تعد رسالتهم في الحياة الآن هي نشر التوحيد، ومحاربة الوثنية، وتنفيذ تعاليم الأنبياء، بل رسالتهم الآن كما يرى العالم كله ويشاهد على أرض الواقع هي نشر الفساد والانحراف بين كل شعوب العالم، وما يفعله الشعب المختار من قتل وتخريب وإفساد في الأرض ينحدر به إلى أدنى رتبة بين كل شعوب الأرض.. فهذه الجرائم التي ترتكب يوميا ضد الأطفال والنساء العزل في فلسطين ولبنان تجسد الصورة والمنزلة الحقيقية للشعب الذي يزعم أنه الشعب الذي اختاره الله لهداية البشرية، ونشر السلام بين أمم وشعوب الأرض. |