المؤتمر نت - جامع الأزهر وفي الإطار الشيخ عمر الديب («الشرق الأوسط»)

الشرق الاوسط -
وكيل الأزهر:الحوار لتصحيح الرؤية للإسلام
انتقد الشيخ عمر الديب، وكيل الأزهر ورئيس لجنة الحوار بين الأديان بمجمع البحوث الإسلامية، الدعوات التي ترفض الحوار بين أتباع الأديان بحجة أن البعض منهم يسيء إلى الإسلام، مؤكدا أن رفض الحوار مع الذين لا يفهمون الإسلام بأنه دين سلام ورحمة للإنسانية من شأنه أن يكرس لنظرية صراع الحضارات. كما أكد الشيخ الديب في حديث من القاهرة لـ«الشرق الأوسط» أهمية أن يجسد المسلم الذي يعيش في الغرب صورة الإسلام الصحيحة في سلوكه وتعاملاته مع أفراد المجتمع الذي يعيش فيه. وشدد وكيل الأزهر على أهمية الدور الذي تقوم به المراكز الإسلامية والمساجد في كل أنحاء العالم بالتوعية الدينية والتعريف بصحيح الدين خلال شهر رمضان، والحرص على إشاعة مظاهر الألفة والتعاون والتكافل الاجتماعي بين المسلمين، ومحاربة السلوكيات الخاطئة التي تتنافى مع مكانة شهر رمضان الكريم، مشيرا إلى أن كثيرا من السلوكيات الخاطئة في حياة المسلمين أفقدت الصيام كثيرا من معانيه وجعلته أقل تأثيرا في النفس.
وفى ما يلي نص الحديث: > بمناسبة شهر رمضان نعلم أن الأزهر يتبنى كثيرا من الأنشطة الدعوية في الداخل والخارج. نرجو من فضيلتكم تسليط الضوء على هذه الأنشطة وطبيعتها؟ ـ الحمد لله الأزهر بعلمائه ودعاته يسعى دائما إلى نشر العلم الصحيح والى تنمية الفضائل في النفوس ومحاربة الرذائل، والأزهر يتبنى الدعوة إلى الوسطية والتسامح ومحاربة العنف والتشدد، ومن هنا فان الأزهر بعلمائه يقوم بدور النصح والتوجيه والإرشاد وتصحيح المفاهيم الخاطئة عن الدين وتطهيره من الخرافات. وعلماء الأزهر ينتشرون في كل بقاع الأرض. وللأزهر مبعوثون في كل القارات وفي المراكز الإسلامية يؤدون دورهم في نشر الثقافة الإسلامية، ومشاركة المسلمين في احتفالاتهم بشهر رمضان، فضلا عن أن الأزهر يقوم بإيفاد علماء خلال هذا الشهر الكريم إلى كثير من الدول، وقد تم هذا العام إيفاد أكثر من خمسين عالما من كبار علماء الأزهر للعديد من الدول التي لا توجد بها بعثات أزهرية أو مراكز إسلامية.

> هل هناك مشكلات تواجه سفر هؤلاء الدعاة، خاصة أنه بعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول) 2001 قامت بعض الدول الأوربية وأمريكا بوضع بعض القيود عليهم؟ ـ نعم بالفعل كانت هناك بعض العراقيل التي تواجه علماء الأزهر في الحصول على تأشيرات السفر عقب أحداث 11 سبتمبر 2001 أما الآن فالأمور تسير بشكل طبيعى، وقد زار السفير الأميركي مشيخة الأزهر منذ أيام بخصوص الانتهاء من إجراءات السفر الخاصة بالمبعوثين إلى أمريكا خلال شهر رمضان، وقد أعطيت لهم التأشيرات بالفعل، وكذلك باقي الدول الأخرى، ما عدا رومانيا وسويسرا اللتين تأخرتا علينا في إعطاء التأشيرات للعلماء المرشحين من قبل الأزهر للسفر إليهما، وذلك لإجراءات خاصة بأنظمة هذه البلاد، واضطررنا إلى ابتعاثهم إلى دول أخرى > هناك بعض النساء المسلمات يقمن بوضع الماكياج وأحمر الشفاه في نهار رمضان ويسألن عن حكم صيامهن؟

ـ للمرأة أن تستعمل زينتها داخل البيت كما تشاء، أما خارج البيت فالإسلام نهى المرأة عن أتخاذ الزينة التي من شأنها أن تثير الغرائز، وتهيج العواطف، سواء كانت في رمضان أم في غيره، لأن للشهر حرمته ولأيامه قداستها.

> هناك فئات معينة تعمل في مهن شاقة، وكذلك طلاب العلم الذين يستذكرون دروسهم ولا يستطيعون الصيام، فما الحكم الشرعي لهؤلاء؟

ـ الصوم قطعا به مشقة، وأي عبادة تفرض مشقة ولكن هذه المشقة محتملة، ولا تضر الصائم مهما قام بأي عمل عادي، ولا يترخص الفطر بالنسبة للطالب الذي يستذكر دروسه إلا إذا كانت صحته ضعيفة ويتضرر بالصيام، فحينئذ يباح له الفطر بعد أن يقرر ذلك طبيب ثقة. أما أصحاب الأعمال الشاقة التي لا يستطيع أصحابها القيام بها مع الصيام وليس لهم مورد رزق آخر ولا يمكنهم ترك العمل، فمثل هؤلاء يرخص لهم الفطر.

> مسألة الحوار بين الأديان ما زالت تثير الجدل بين العلماء ما بين مؤيد ومعارض لها، خاصة أن الطرف المعارض للحوار يرى أنه فى ظل تكرار الإساءات من جانب بعض أتباع الأديان الأخرى يصبح الحوار عقيما، فما تعليقك؟

ـ الحوار هو السبيل إلى التعارف والتفاهم، فالذين يرفضون الحوار إنما يغلقون النوافذ أمام إسماع الآخر الصوت الاسلامي المعتدل، فالحوار مفيد جدا في نقل وجهة النظر الإسلامية وتصحيح المفاهيم الخاطئة عن الإسلام، فالذين يرفضون الحوار إنما يكرسون لنظرية الصراع بين الحضارات، وأنا بصفتي رئيسا للجنة الأزهر للحوار بين الأديان دائما أقول إنه لا حوار بين الأديان، ولكن الحوار يكون بين أتباع الأديان، بمعنى أنني لا أحاور مسيحيا لكي أقنعه بالدخول في الإسلام، ولا المسيحي يحاورني كي يدعوني لترك الإسلام والدخول في المسيحية، فالحوار من أجل المنافع والتعاون المشترك.

> في ظل ما يوجه إلى الإسلام من إساءات، تعالت الأصوات التي تنادي بمقاطعة الدول التي تأتي منها الإساءة، لكن الأزهر يرفض هذا الاتجاه، مما جعل البعض يتهمه بالتقاعس، فما تعليقك؟ ـ نعم الأزهر يقوم بدوره كاملا في هذا الموضوع ودائما ما يلتزم بالصوت العقلاني، ودورنا كأزهر لا يقتصر على الشجب والإدانة كما يرى البعض، لكننا نقوم بمناشدة المنظمات الدولية إدانة هذه الإساءات، ونتعامل مع مثل هذه الأمور بعقلانية، بعيدا عن الصراخ والعويل. فمثلا عندما حدثت أزمة الرسوم المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم في الصحافة الدنماركية، وبعدها إساءة بابا الفاتيكان بنيدكت السادس عشر للإسلام، قام الأزهر بالرد ببيانات قوية تستنكر هذه الإساءات وتبين خطورتها على السلام العالمي، وترجمت هذه البيانات بعدة لغات وتم تسليمها إلى عدد من السفارات الأجنبية في مصر. والأزهر يرى انه لا جدوى من المقاطعة لأنها أسلوب عقيم في علاج المشكلات، ولا نشجعها لأن العلاقات الاقتصادية متشابكة، فعندما يقاطع بلد منتج لبلد آخر سيلحق الضرر بالاثنين.

> ما تعليقك على ما يتردد عن تراجع دور الأزهر في التوسع في التعليم الديني ورفض افتتاح معاهد أزهرية جديدة بسبب ضغوط خارجية؟ ـ دور الأزهر لم يتراجع، ولم يتوقف بناء المعاهد الأزهرية، ولم توجد أي ضغوط خارجية على الأزهر، ولم نقبل قط أن يمارس أحد علينا ضغوطا من هذا النوع، وكل ما فى الموضوع أن حوالي 99 في المائة من المعاهد يبنى بالجهود الذاتية لأن إمكانيات الدولة محدودة، والأزهر يتولى افتتاح معاهد أزهرية بالخارج، وقد قمت أنا شخصيا بافتتاح أول معهد أزهري بالعاصمة البريطانية لندن لتدريس المناهج الأزهرية بجانب المقررات البريطانية، وإن المعهد الأزهري البريطاني هو أول معهد من نوعه يقوم بتدريس العلوم الشرعية بجانب المقررات البريطانية، كما أن الأزهر سيشرف على المعهد في ما يتعلق بالمناهج الأزهرية، حيث سترسل امتحانات الشهادات «الابتدائية والإعدادية والثانوية» من قطاع المعاهد الأزهرية في القاهرة، وبالتالي فان افتتاح المعهد يعد خطوة مهمة لتوضيح صورة الإسلام الوسطي المعتدل، وأنه سيوفر على الدارسين عناء السفر للدراسة في الأزهر. أيضا تلقينا طلبات لافتتاح معاهد أزهرية فى الدنمارك والسويد وصربيا وهولندا وفرنسا، وإن شاء الله ستتم تلبية هذه الطلبات.

> قمتم أخيرا بزيارة الى لندن للمشاركة في اجتماعات اللجنة المشتركة لحوار الأديان بين الأزهر وكنيسة كانتربري، فهل تطلعنا على ما انتهى إليه هذا اللقاء من نتائج؟ ـ نعم كان الاجتماع بمركز «سانت اثيلبرجا» وهو الاجتماع الدوري السادس لتعزيز التفاهم المتبادل لتيسير حل الصراعات، حيث استمعت اللجنة المشتركة إلى عرض الأوراق الخاصة بدور القيادات الدينية فى دعم حق المواطنة، والمقدمة من المطران منير أنيس، إضافة الى الورقتين اللتين قدمتهما بعنوان «الأقليات المسلمة في الغرب» والأخرى بعنوان «مصداقية الفتوى»، وورقة بعنوان «الدين والعنف» للمطران ألكسندر مالك، وورقة بعنوان «علاقة الدين بالقانون والشريعة والجهاد والحرب العادلة والحريات الأساسية» للمطران مايكل نظير. وقد تم خلال الاجتماع تفعيل الموضوعات المحفزة على التفكير وبخاصة مسألة أهمية المواطنة، والحاجة إلى تمكين الأفراد من التمتع بمواطنتهم الكاملة بصرف النظر عن ديانتهم، بما يمنحهم القدرة على أن يكونوا أعضاء فى المجتمع لهم كافة الحقوق. كما دعت اللجنة السلطات المعنية لاتخاذ الخطوات اللازمة لتجنب وقوع هجمات ضد القيادات الدينية المسلمة والمسيحية في مناطق متعددة من العالم، كما أنها رغبت في التأكيد على ضرورة أن تفسر كل من الديانتين نصوصها المقدسة وتعاليمها بطريقة تتسم بالمسؤولية، ولكي تتمتع أي فتوى تصدر بالمصداقية خاصة للجاليات المسلمة في الخارج فانه ينبغي أن يتم تحديدها وإصدارها من قبل هيئة معترف بها كالأزهر الشريف.
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 04:11 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/49302.htm