المؤتمر نت- نبيل عبدالرب العواضي. -
الصحفي والمصدر الأمني..في ملعب أي منهما تقع الكرة؟(الحلقة الاولى)

المعلومة الأمنية،من أهم المعلومات التي تتسابق الوسائل الإعلامية لاقتنائها ونشرها، ربما لأنها غالباً ما تكون مثيرة ولها بعدها في الارتباط بحياة الناس، واكتسبت بعدا سياسيا في بعض أنواعها بعد ظهور الإرهاب كمصطلح واسع التداول دولياً ومحلياً. وهذا ما يجعل للمعلومة الأمنية نكهتها الخاصة بيد أنها تظل نقطة تجاذب بين رغبة الصحفي في النشر وتحفظ مصدر المعلومة الأمني ولكلٍ مبرره المهني. وبين رغبة الصحفي وتحفظ المصدر تبرز مشكلة عدم التوافق بينهما..
المؤتمر نت.. بادر إلى استطلاع رأي الجانبين في هذا الموضوع طارحاً السؤال حول توصيف هذه العلاقة؟ وأسباب هذا التوصيف رغبة في خلق مساحة حوارية بين الطرفين.. إلى الاستطلاع:
آخر المتحدثين
يتساءل الصحفي علي الجرادي مدير تحرير صحيفة "الناس" عن أي مصدر أمني نتحدث، ومن هو المصدر الأمني؟ هل هو شخص أم مؤسسة؟
ويعتبر أن المصدر الأمني مجهول يظهر فجأة ويختفي لفترات طويلة ولا تخلو في بعض الأحيان تصريحاته من التناقضات.
ويقول الجرادي: أنا كصحفي لا تربطني أي علاقة بالمصدر الأمني على افتراض وجوده، ويضيف أن أكثر تصريحات المصدر الأمني هي للصحف الرسمية أو لوكالة سبأ، وغالباً ما يكون آخر المتحدثين بغرض لملمة قضية ما، وبعد أن يكون الحدث قد تناوله الشأن الإعلامي كل على طريقته، مع أن الأصل- كما يواصل الجرادي: أن يكون المصدر الأمني أول المتكلمين ويضرب مثلاً على ذلك طعن السياح فرغم التعاطي الإعلامي مع الحدث كان المصدر الأمني آخر المعقبين.
ويعزو الجرادي أسلوب التعامل الأمني مع المعلومة إلى الثقافة التي ما تزال محملة بالموروث السري، معرباً في نهاية حديثه عن تمنيه أن يكون هناك مصدر واضح ومعروف يتعامل معه الصحفي.
ضررها أكثر من نفعها:
الصحفي والناشط الحقوقي محمد صادق العديني يصف علاقة الصحفي بالمصدر الأمني بأنها علاقة عداء محملاً التعبئة الخاطئة من قبل السلطات نفسها ذلك ويتابع العديني: أنه لا توجد شفافية في المعلومات بدليل -كما يقول- أن وزارة الإعلام أصدرت أكثر من تعميم يحرم على الصحفي تناول بعض الجوانب الأمنية بالتفصيل لأنها تمس أمن البلاد، وهذه نظرة خاطئة لأن أضرارها أكثر من نفعها حسب العديني.
ويرى أنه بشكل عام يوجد خوف من الصحافة، ولا ينسى العديني أن يضيف تفضيل المصدر الأمني لوسائل معينة يخصها بتصريحاته.
لا توجد علاقة
من جانبه لا يرى مدير تحرير صحيفة "الوحدوي" حمدي البكاري وجود علاقة بين صحف المعارضة والمصدر الأمني، ويقول: عندما نتواصل للحصول على معلومات أمنية غالباً ما نعود دونها ويكون الرد: لا أدري، وبالتالي تنشر المعلومات كما هي وأحياناً تكون هناك أخطاء، ونفاجأ بالمصدر الأمني ينفي في صحف رسمية يخصها بتصريحاته، مع أن المفترض كما يضيف البكاري أن يتعامل المصدر الأمني بشكل محايد مع الوسائل الإعلامية حتى لا تتحول صحف المعارضة إلى موقع المخطئ وتتحول الصحف الرسمية إلى صحف نفي، على اعتبار أن الجميع يحرص على مصلحة البلد ويتحمل مسئوليته.
ويعتقد البكاري أن حل هذه المشكلة يتطلب من وزارة الداخلية أن تحدد ناطقاً أمنياً تضخ إليه المعلومات، ومن ثم يضخها هو للوسائل الإعلامية، إلا إذا كانت الدولة تريد بحسب البكاري أن يكون كل صحفي على علاقة مباشرة مع وزير الداخلية.
حسابات مهمة
بحسب الصحفي محمد طاهر الشرعبي فإن الصلة غائبة بين الصحفي والمصدر الأمني. مؤكداً أن الصحفي في اليمن لا يستطيع انتزاع تعليق أمني حول أي حدث إلا ما تكرم به بيان يصدر بعد يومين من وقوع الحدث.
ويعطي محمد طاهر العذر للمصدر الأمني في عدم التعليق حول بعض الأحداث نظراً لحسابات مهمة يراها المصدر الأمني في بعض الأخبار التي يترتب على إعلانها رجع صدى سلبي يؤثر على طبيعة العمل الأمني الذي يستعين بالسرية التامة لنجاح مهامه؛ إضافة إلى أن بعض الأخبار فيها أضرار على البلاد خصوصاً إذا وجد لها مروجون يشوهون بها صورة الوطن بالاستغلال السيئ.
لكن طاهر بالمقابل يحمل غياب المصدر الأمني وتأخره في إبراز التفاصيل حول حادث ما جزءاً من المسئولية كونه يفتح للصحفي مجالاً للاجتهاد، وتضمين الخبر عواطفه، وانتماءاته، وصياغته بما يتوافق مع توجهاته.
وينضم محمد طاهر إلى علي الجرادي، وحمدي البكاري في إعرابه عن أهمية وجود ناطق أمني يبث المعلومة لوسائل الإعلام.

غير مخول
الصحفي نور الدين محمد قاسم – مدير تحرير صحيفة "البلاغ"- يستعرض رأيه قائلاً أن العلاقة مقلوبة، وليست في مسارها الصحيح؛ حيث من المفروض أن تكون العلاقة تكاملية، متهماً المصدر الأمني بالاحتكار الشديد للمعلومة، والصحفي بالإفراط في البحث عن الحلول بغية الحصول على المعلومات لتحقيق السبق الصحفي.
ويوافق نور الدين زميلة محمد طاهر في أن للمصدر الأمني عذره في التحفظ على بعض المعلومات، نظراً –كما يقول- لأن المصدر الأمني غير مخول بالتصريح، أو الإدلاء بالمعلومات لأن الجهات المختصة لم تعينه رسمياً لهذا المنصب.
ويرى نور الدين أن المصدر الأمني يتعدد بتعدد الباحثين عن المعلومة، فلكل صحفي مصدر، أو مصادر أمنية متعددة، ولهذا هو لا يستغرب كثرة الإثبات والنفي للمادة الإعلامية من قبل المصادر ذاتها.
ويربط نور الدين احتكار المصدر الأمني للمعلومة باحتكار الشعور بالمسئولية، والولاء الوطني؛ إضافة للمستوى الثقافي للمصدر الذي يجعل الإدلاء بالمعلومة في أحيان كثيرة تتوقف على موقف، أو حتى مزاج المصدر في الإدلاء بالمعلومة من عدمه.
ويختتم رؤيته حول الموضوع بالقول أن الإفراج عن المعلومة أمر متروك للمستقبل إذا حمل في طياته الوعي لدى النقيضين حالياً.

علاقة شخصية
أما الصحفي فوزي الكاهلي فيرى أن هذه العلاقة ليست موجودة على الواقع إلا على نطاق محدود جداً، وتعتمد على العلاقة الشخصية بين الصحفي والمسئول في الجهات الأمنية، وأكثر المستفيدين من هذه الحالة هم مراسلو الصحف، ووسائل الإعلام الخارجية حسب الكاهلي.
ويرجع إلى غياب ناطق باسم وزارة الداخلية لجوء الكثير من الصحف، والصحفيين – بمن فيهم بعض المراسلين- إلى التقاط الأخبار من عدة مصادر، أو من صحيفة أخرى، أو من الانترنت، ويلصقونها بـ(مصدر أمني) لنشرها مع بعض التعديل، والفبركة، وكتابة (خاص) قبل الخبر.
ويضع الكاهلي على عاتق الحكومة بدرجة أساسية حل هذه الإشكالية، وبعدها يأتي دور الإعلامي والصحفي في تحمل دوره، ومسئولياته، والتحلي بالأمانة الصحفية عند البحث عن الخبر، أو نقله من الآخرين.
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 27-نوفمبر-2024 الساعة: 10:51 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/5072.htm